المرأة من تصنع قدرها.. مناهل ثابت نموذجاً!! |
في عصور الجاهلية لم يكن للمرأة ما تفاخر به، فكانت المعايير التي يقيم بها العصر جسدية بحتة، و لذلك كانت الأنوثة تشبه العار فهي لا تستطيع أن تقاتل أو تفعل ما يفعله الرجل.. مازالت تلك النظرة سائدة لأن المرأة لم تحقق شيء و لعل الشيء الوحيد الذي يبقيها حية هو أنها تلد الرجال و تربيهم. عندما نجد نساء من صنف مناهل ثابت ماذا بوسع الرجل الذي تفوقت عليه أن يقوله و يتمناه..!؟ في حالات التعصب الذكورية ستجد غيرة كثير من الرجال تحتم عليهم أن يحاربوا مناهل و أمثالها غيرة مما لم يتمكنوا من تحقيقه و في حالات الإنصاف ستجد الكثيرين يتمنوا لو كان الله خلقهم نساء لتحقيق ما حققته مناهل ثابت.. و ما هذا إلا لأن العصر تغير و أصبحت المعايير عقلية لا جسدية .. لذلك فأمنية أن يكون الرجل امرأة تتجاوز مفهوم الجندر إلى عوالم الإبداع و التفوق و النجاح.. هذا المآل الذي وصلت إليه المرأة في جوانب الإبداع و العقل لم يتحقق بسهولة كما قد يظن البعض و ليس محدثا بل إن هذه المكانة قد تبلورت عبر تاريخ كبير من المشقة التي عانتها المرأة في كل المجالات؛ فالمرأة كانت مستبعدة تماماً من كل شيء حتى من أبسط الحقوق و لعل الغرب قد انتصر قليلاً للمرأة أما الشرق فلا يزال في ضلاله القديم لا سيما بعض الدول العربية ودول الشرق. في نهاية القرن العشرين كان هناك ما نسبته 10% فقط من براءات الاختراع التي سُجلت باسم امرأة، و حين نلقي نظرات متمعنة و فاحصة على كل الاختراعات التي ظهرت خِلالَ القرون الماضية، سيبدو جلياً لنا كيف أن عددٌ قليلٌ جدًا من النساء قد شاركن أو اخترعن تلك المخترعات. و حين نبحث عن أسباب ذلك سندرك أن السبب لم يكن في قصور عقل المرأة أو عدم امتلاكهن للعبقرية و القدرة على الإبداع بل و هو الأهم لنعرفه أنهن و جدن الكثير من العقبات و الصعوبات التي حالت دون إظهار عبقريتهن و أفكارهن و حتى و إن تجرأن على ذلك فإن تلك الأفكار و الإبداعات كانت اعتسافا تُنسب لغيرهن؛ قوانين أوروبا مثلا و أمريكا حتى وقت ليس ببعيد كانت تَمنعُ المرأةَ من امتلاكِ أي شيءٍ وخاصة الأفكار وبراءات الاختراعِ، وكانت تُنسبُ أفكارُها لزوجها أو والدها. كما أن المرأةَ كانت محرومةً من التعليم المُناسب الذي قد يُساعدها على تحويل أفكارها إلى شيءٍ عملي ملموس، وبعضُهن تعرضنَ للسخرية والتحيز عند السعي لطلبِ المُساعدة من الرجال من أجلِ تَنفيذِ أفكارهن، واستقبلَ المجتمعُ معظمَ أفكارِ المرأةِ بالازدراءِ والإجحافِ و التجاهلِ برغم أهميتها في تحسين حياةِ نساءٍ كُثر، واعتبروها أفكارًا محليةً لا تستحق الإشادة أو الشكر. لقد كان عامَ 1809 تاريخُ حصولِ أول امرأةٍ على براءة اختراع باسمها وليس بأسماء ذَويها.. و لعل الباحث الأمريكي الجنسية الياباني الأصل فرانسيس فوكوياما قد فطن لذلك الوجود الضروري للمرأة في كل مجالات الحياة و أهميته عندما أطلق عام 1998م نظرية عنوانها (تأنيث المستقبل) يدعو فيها إلى ضرورة إعادة سلطة المرأة لأن تأنيث الشؤون الدولية برأيه سيضيـِّق الفرصة أمام الحروب والفتن لاسيما إذا كانت المرأة في موضع القرار السياسي. و في عام 2002 ناشدت ست عشرة وزيرة خارجية دول في العالم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أن تتم دعوة المرأة للمشاركة في مفاوضات السلام عند انتهاء الحروب. تلك الحاجة المُلحة لتأنيث المستقبل تستدعي نفسها بشدة في الوقت الراهن خصوصا في الشرق الأوسط لما أصابه من تمزق وشتات و حروب وصراعات على الحكم بين الجماعات الدينية و بين الأنظمة الحاكمة و صار شبح الخراب و الدمار يتربص في كل مكان.. مناهل ثابت هي حالة حيوية لما قد تستطعه المرأة إنجازاً و إبداعاً بعيداً عن النظرة الذكورية التي يتم بها تقسيم كعكة المناصب و الحقائب الوزارية و المؤسساتية في الشرق لعلة قصورها عقليا كما يقال عنها؛ لأن الفهم لما يمكن أن تحققه المرأة و تنجزه في كافة المجالات لدى الذكور هو القاصر، و هو ما يجب إعادة النظر فيه.. |