الدوائر الانتخابية.. سبيل العراق للخروج من الأزمة

إنفلتت مجريات الادارة السياسية، في العراق، من عقال الدستور؛ جراء التجاذبات السياسية، الناتجة عن إحتفاظ أعضاء مجلس النواب، بإنتماءاتهم الفئوية، تحت قبة البرلمان، من دون ان ينصهروا بالولاء الوطني، وكأنهم رعاة لمصالح كياناتهم الطائفية والقومية، التي أودت بالعراق الى التشظي، فاقدا مركزية الطيف، بإنفصال أشعة حزمته اللونية؛ إذ بات كل يغني على ليلاه؛ بغية الإستحواذ على أكبر قدر من المكاسب لـ "جماعته" وكنا نتمنى ان ينسلخوا عن "فئويتهم" معتمدين "وطنيتهم" بعد الحلول على مقاعد المجلس الموقر.
وهذا لم يحصل، فبعد ان يثقفوا لأنفسهم بالطائفة والقومية، خلال التحضير للإنتخابات، يثقفون للطائفة والقومية، عندما يصبحون نوابا؛ وهذا جر العراق الى أزمة كبيرة.. يستعصي حلها بإجراءات ترقيعية وكلام إنشائي للإستهلاك الاعلامي، بينما البلد يتداعى في هاوية حادة.. أمنيا وإقتصاديا وخدميا و... فساد من بين أيدينا ومن خلفنا ومن حيث لا نحتسب.
الامر الذي يوجب حلا جذريا، يلغى بموجبه كون العراق دائرة انتخابية واحدة، ويخصص لكل ناحية وقضاء ومدينة مقعدا، لا يسمح لمتحزب ان يشغله، إنما الترشح فردي وليس حزبيا، من خلال نظام إنتخابي متعدد الدوائر.. ذي بنية جغرافية، وفق التوزيع السكاني وليس الطائفي والقومي.
حينها يرهن مصير النائب بأبناء دائرته الانتخابية؛ الامر الذي يحثه على العمل الجاد لتحقيق مكاسب مثالية للشعب، وليس الاستحواذ على مقاليد السلطة بيد فئته الطائفية او القومية..
طبيعة الدائرة الواحدة.. الان، تجعل النائب مطمئنا الى انه مهما تنصل من وطنيته، لن يمسه ضير، ومهما فسد او رعى الفساد او.. تجاوز ضوابط العمل في شؤون الإدارة التشريعية للسياسة، لن يتأثر وضعه؛ لأنه محمي بطائفة او قومية او حزب، يعمل على خدمتها وليس خدمة الشعب، فالشعب ليس بيضة القبان في المعادلة!
أؤكد.. متمنيا أن تسمع ترددات صدى صوتي، لدى عقول تأملية تهمها مصلحة العراق وليس مصلحتها الشخصية، ومن ورائها الانتماء الفئوي، ملخصا القول بأن مخرجنا الكبير من الأزمة المستعصية، هو أنتهاج نظام يستند الى تعدد الدوائر الانتخابية على مستوى الناحية والقضاء والمدينة، من خلال ترشيح فردي غير حزبي؛ وهذا كفيل بإلتئام مجلس نواب لايشترى ولا يباع.