اللقاء التشاوري لمجموعة من مواطنات ومواطني الدول العربية ببرلين (الحلقة الرابعة)

 

مداخلات السادة الأستاذ جعفر سعد (السودان)، الدكتور صادق ابلادي (العراق)، وتعليق للسيدة وفاء الربيعي (العراق)

  1. مداخلة مكثفة للأستاذ جعفر سعد

طرح الدكتور حامد فضل الله في مداخلته عن اللاجئين سؤال مهم جدا وهو: ماذا نستطيع ان نقدم لهم كجالية عربية؟ من هنا بدأت مداخلتي، قلت موضوع اللجوء والاندماج أضحا صناعة وصندوق أسود كبير ضخت فيه الحكومة الاتحادية والولايات والبلديات في مختلف المدن الألمانية الكبيرة والصغيرة مليارات اليورو لي استيعاب الاعداد الكبيرة من طالبي اللجوء من مختلف الجنسيات والعرقيات وتوفير الخدمات من سكن واعاشة وعناية طبية وترحيل ورياض اطفال ومدارس وتخصيص فصول (أهلاً وسهلاً) لتعليم اللغة الالمانية للأطفال والشباب. هذه المبالغ الهائلة خلقت وظائف كثيرة في جميع المجالات الخدمية والكل نال نصيبه وحقوقه المشروعة مقابل ما يقدمه من خدمات للاجئين. ونرجع لسؤال الدكتور فضل الله مرة أخري، اضيف اليه كيف نحمي اللاجئين السوريين من المحتالين و (المافيا) العربية. وهنا أمتثل بقول بالشاعر العراقي مظفر النواب واقول ( لا استثني أحدا) هذه المافيا العربية في برلين فيها كل شرائح المجتمع ,فيهم  الاكاديمي والحرفي والتاجر والخضرجي وصاحب المطعم والحانة والقواد ......الخ , في ما يسمي بشارع العرب يحتالون وينصبون علي اللاجئين بعقود التلفونات المضروبة وتأتي الفواتير أخر الشهر تحمل في طياتها المطالبة بمبالغ مبالغ فيها, وأيضا العربون لتوفير السكن راح ضحيته أعداد كبيرة باع لهم المحتالون والنصابون (هواء)، وايضا تباع المواعيد المغشوشة في السفارات الألمانية ببيروت وإسطنبول واربيل  بمبالغ خيالية يدفعها الاشخاص المضطرين لجلب أسرهم من المدن السورية المدمرة التي تقصف يوميا والصور والمشاهد التلفزيونية تغني عن السؤال, واجبنا حماية هؤلاء اللاجئين بالنصيحة والمشورة  ونشجعهم لفتح بلاغات عند الشرطة الألمانية علي كل من ينصب أو يحتال عليهم.   

 

  1. مداخلة الدكتور صادق البلادي

اولا كل التقدير الى الاخوة د. كاظم حبيب والى نبيل يعقوب والدكتور حامد فضل الله الى مبادرتهم للدعوة الى هذا اللقاء ، وبوقت مبكر. ويعكس اختيار وضع العالم العربي موضوعا للقاء إدراك أهمية استنهاض قوى التحرر العربي لتلعب

دورها في المساهمة في إيقاف التدهور المستمر وبحار الدماء النازفة سَيلا في دول العالم العربي.

في الدعوة الموجهة لعقد اللقاء يجري الحديث عن شعوب منطقة الشرق الأوسط مرة، ويتكرر الشرق الأوسط مرة أخرى عند الحديث عن منطقة النزاعات الساخنة في الشرق الأوسط،، وخاصة من سوريا والعراق ، ومرة أخرى يأتي ذكر : الدول العربية.

ومعروف أن حتى المصطلح الجغرافي يمكن أن يمكن أن يكون حاملا لمضمون سياسي. ومعروف أنه في فترة حروب الخليج كانت المنظمات الدولية ووسائل الإعلام ، غربا وشرقا ، تتحاشي في قراراتها وإعلامها وصف الخليج بالفارسي أو العربي فكانت تكتفي بالخليج فحسب، وكأن الكرة الأرضية لا خليج فيها سواه. وحتى مجلس التعاون الخليجي تفادى ذلك بحكمة فصار اسمه : مجلس تعاون  دول الخليج العربية. فالدول هي العربية و ليس الخليج.

ومصطلح الشرق الأوسط والشرق الأدنى يكفي أن نتساءل أوسط وأدنى بالنسبة

لمن ، بالنسبة لأوربا بالطبع، وهذا يكشف عما يُقصد به وهو الإيحاء، والترسيخ بالتكرار و كأن شعوب هذه المنطقة ليس هناك ما يربطها غير الجغرافيا واليوم أضافوا تعبيرا جديدا هو " مينا " الحروف الأولى بالإنكليزية من : الشرق الأوسط و شمالي أفريقيا ،ومنذ سنوات لا يكتفون بالشرق الأوسط بل يدعون الى شرق أوسط " جديد" يعيدون فيه تفتيت هذه الدول . ولكن استذكارا ولو بالسريع يبين ما بين هذه الدول من روابط وتفاعل سواء قديما أو في القرن العشرين او في تفاعلات الربيع العربي. وأقترح لذلك أن نتفق على اعتماد العالم العربي مصطلحا أدق تعبيرا عن واقع المنطقة. نعم أن المنطقة هذه فيها قوميات أخرى ، موقف القوى القومانية ( القوى القومية العربية المتعصبة و الشوفينية منها، خاصة البعث ) عدم الاعتراف بها ومحاولة صهرها ، بينما القوى الديمقراطية وهي تتحدث عن العالم العربي لم يغب عن بالها أبدا وجود قوميات أخرى غير عربية ، لها حق تقرير المصير.

إن قوة أي بلد عربي مرتبط بالتضامن المشترك مع البلدان العربية الأخرى ، في

نضالها في إطار حركة التحرر الوطني العربي. والقوى الطامعة في بلداننا تدرك ذلك كل الإدراك، ويكفي التذكير مثلا بما سعت اليه أمريكا عند إعدادها كوادر عراقية في امريكا قبل الاحتلال نحو إبعاد العراق عن العالم العربي. وتجربة

خمسينات القرن العشرين ليست بعيدة عنا.

والتجربة الناصرية ، دون نسيان توجهها الديكتاتوري المعادي للديمقراطية ، قد حققت كثيرا من النجاحات والانتصارات ورفعت مكانة حركة التحرر الوطني العربية في النضال المشترك ضد الإستعمار و الصهيونية و الرجعية، وهذا الشعار كان يعبر عن ترابط العوامل والأسباب الخارجية والداخلية المؤثرة في

الحركة الوطنية. ( وقد نشرت في الحوار المتمدن مقالا عن العالم العربي في الإعلام الغربي قبل ستين عاما وهذا نصه

العالم العربي في الإعلام الغربي اليوم وقبل 60 عاما

صادق البلادي 

    خاصة منذ احتلال العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ، وما تبعه من أحداث الربيع العربي ، وبالأخص بعد سقوط الموصل تحت سيطرة داعش ، الدولة الإسلامية في العراق و الشام ، وتفجيرات الانتحاريين و السيارات المفخخة والإعلام الغربي والعالمي ينقل أخبار الجرائم التي تفتخر داعش بها كأنها عرس ليلة الدخلة لمحروم جنسيا على الحوريات العين في الجنة التي وعد بها الله عبده الذي آمن به وعمل صالحا. وما من شرع أو عقل يقبل أن يكون قتل نفس بريئة لم تفسد بالأرض عملا من الأعمال الصالحة.
ولم تبق ساحة حرب داعش مقتصرة على العراق و الشام فحسب بل
انتقلت الى دول إسلامية أخرى في أفريقيا ، ومنذ أكثر من عام الى بلاد
الكفار في أوربا ، ولكن دون أن تمر بإسرائيل أو تلقي عليها حتى حجرا.
بدأت في فرنسا وبلجيكا وانتقلت في الأشهر الأخيرة الى ألمانيا. وانشغلت
وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث بجرائم داعش و توحشها وبربريتها وتحليل نشوئها والعوامل المؤدية لذلك ، ولكنها، إضافة الى جميع ساسة الأحزاب بضمنهم المستشارة ميركل – باستثناء اليمين الذي ينشر الإسلاموفوبيا - ، تؤكد على التفريق بين دولة داعش الإرهابية والإسلام دينا ، وحيث صار- الدين الإسلامي – يُعتبر جزءا من المجتمع الألماني ، بينما يوصف ارهاب داعش بالـ "إسلاموي " ، لكننا نرى البعض من دعاة المجتمع المدني ومن العلمانيين مع الأسف لا يعير أهمية كبيرة لهذا التفريق ذي الأهمية الجوهرية . ونرى البابا فرنسيس في زيارته الى بولندا قد أكد مرات عديدة ، آخرها في المؤتمر الصحفي في طائرة العودة ، أن الإرهاب ليس هو الإسلام .
هذا هي أخبار العالم العربي اليوم. لكن بم كانت وسائل الإعلام منشغلة في مثل هذه الأيام قبل 60 عاما؟ العالم العربي كان آنذاك يقترب من الذكرى الرابعة لثورة 23 يوليو ، التي جاءت على شكل إنقلاب ، أسماه کامل الچادرچي بانقلاب البكباشية ، حققت أمور عدة من بينها جلاء القوات البريطانية عن أرض مصر، وعقد صفقة أسلحة چيكية ، بدفع السوفييت طبعا، وكذلك كانت ثورة تنموية أيضا لكنها لم تتخذ الديمقراطية نهجا فعليا، وكان عبد الناصر في تلك الأيام يسعى للحصول على قروض مالية من البنك الدولي و الدول الغربية لبناء سد أسوان ، ولا يريد الاقتراض من الاتحاد السوفييتي ، ولذلك كان يريد عقد القرض قبل زيارته المزمعة الى موسكو كي لا يبدو وكأنه يحمل قبعة أمام السوفييت. وكانت وسائل الإعلام الغربية تنشر تلك التحركات والأحداث ، فقد قام رئيس البنك الدولي آنذاك يوجين بلاك بزيارة الى مصر أكد فيها عزم البنك على تقديم قرض بمبلغ 200 مليون دولار إضافة الى قرض من أمريكا و بريطانيا ،كما زار موظفون أمريكان وبريطانيون كبار القاهرة ، واجروا محادثات بهذا الشأن. وفي منتصف تموز 56 عاد سفير مصر في الولايات المتحدة الى واشنطن بعد إجراء مباحثات في القاهرة ، عاد ومعه موافقة الحكومة المصرية على مساهمة البنك الدولي وأمريكا في تمويل السد العالي ،وأشار السفير فور وصوله نيويورك الى الموافقة المصرية على قبول العرض الغربي. ولكن عند زيارته الى دالاس في واشنطن يوم 19 تموز، وكان على يقين أن دالاس سوف يترك الباب مفتوحا لمفاوضات لاحقة بشأن العقد الغربي ، لكنه أعلن عن سحب المساعدة الأمريكية وفي اليوم التالي أعلنت الحكومة البريطانية عن سحب مساعدتها أيضا ، وهذا كان يعني سحب قرض البنك الدولي أيضا ، الذي كان مشروطا بتقديم المساعدة الأمريكية البريطانية .
وأثار سحب القرض هذا الغضبَ و النقمةَ في العالم العربي سواء من جانب الجماهير العربية في جميع بلدانها من المحيط الى الخليج ، أم من قبل الحكام العرب الرجعيين أيضا.
وحلت الذكرى الرابعة لثورة يوليو والقى عبد الناصر خطابا في القاهرة.
وبعد ثلاثة أيام ، في يوم 26 تموز، القى خطابا آخر في مدينة الإسكندرية أمام أكثر من مائة الف متظاهر أعلن فيه تأميم قناة السويس ، التي كان امتيازها سينتهي عام 1968 ، والاستفادة من عائداتها لتمويل بناء السد العالي ، مع التأكيد على التزام مصر بميثاق القسطنطينية المعقود عام 1888 والذي يضمن حرية الملاحة في القناة.
وانشغلت وسائل الإعلام الغربية والعالمية في نشر ردود الفعل الغربية
على التأميم ،خاصة تصريحات إيدن و تصريحات غي موليه رئيس وزارة فرنسا الاشتراكي. وظل الإعلام منشغلا بهذا الحدث الى أن قامت
فرنسا وبريطانيا واسرائيل بالعدوان الثلاثي في أكتوبر من نفس العام ، والذي كانت تخطط له من بداية العام للقضاء على الثورة المصرية.

فشتان بين العالم العربي في الإعلام بين قبل ستين يوما وهذه الأيام.
وختاما متى تصدق نبوءة الجواهري الكبير :
لا بد عائدة الى عشاقها تلك الليالي وإن بَدَوْنَ خواليا

كما تجده تحت هذا الرابط :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=526515

إن النضال في سبيل الأهداف الوطنية والتقدم الاجتماعي ومعاداة الديمقراطية كان هو السبب في ما حصل من تراجع وانتكاسات، وهذا ما لن يحظى بالقبول او الصمت بعد الآن.

 

 

  1. تعليق للسيدة وفاء الربيعي

السيدات والسادة الحضور

ابتداءً أقدم شكري للزملاء على مداخلاتهم، مع إن بعض المداخلات كان سردا تاريخيا، في حين نحن بحاجة ماسة إلى تحليل الواقع الراهن والحوار حول سبل الخلاص من هذا الواقع المّْر.

ولهذا أتساءل عن جدوى هذا اللقاء، ومن نكون نحن حتى نستطيع اعلى تغيير واقع الدول العربية، حتى لو افترضنا اننا اتفقنا واتخذنا قرارات معينة حينها، من سيأخذ بها ومن سينفذها.

اضافة الى ذلك أشير الى ان نقدنا قد ركز على قوى الاسلام والأحزاب الدينية فقط، هذا غير كافٍ وغير صحيح، إذ يجب البحث عن سلبياتنا وأخطائنا أيضاً. إذ إن قوى اليسار والعلمانيين مشتتون، ولهم أخطاءهم أيضا، والمبادرات التي تصدر من مجاميع مختلفة لا جدوى منها. علينا اولاً توحيد الجهود، وتحديد الهدف الذي نعمل من اجل تحقيقه والسبل التي تمكننا من تحقيق هذا الهدف.

ومن هنا أجد لزاماً الإشارة الى ضرورة الاهتمام بالشباب، من الإناث والذكور، وإعطائهم الفرصة للمشاركة من خلال طرح وجهات نظرهم وآرائهم ونظرتهم للمستقبل فهم الأمل وديمومة العمل.