لماذا ثار الحسين"ع" على يزيد ولم يثور على معاوية

 

    الزمان والمكان , اللذان حددهما الامام الحسين "ع" لانطلاق ثورة الاصلاح , التي كانت ولازالت محل تشكيك وتساؤلات يطرحها احياناً المخالفين للمذهب الشيعي في سبيل ايجاد حجة لاضعاف الثورة واحيانا الاسئلة ترد من ابناء الطائفة والموالين ليزدادوا علماً ويقيناً لعلهم يبلغوا العرفان بصاحب القضية .
         من قرائتنا  السابقة لالية قيام الثورات ومشروع عملها , وجدنا  ان الثورة , تقف على عدة عوامل للنجاح منها , القاعدة الجماهيرية , والزمان  والمكان الملائمين للقيام , فلكل مقام وقيام مقال , ومنها شرعية القائم بالثورة وخاصة عند المسلمين والشيعة بالذات , فالثائر لديهم اي الامامية لابد ان يكون مؤيد بأمام معصوم او نائب الامام المعصوم , واحياناً يعتمد على تاييد الجمهور او اجماع الجمهور واعيانهم لباقي المجتمعات , فبالنسبة للحسين "ع" كان يستمد شرعيت القيام او عدمه من اخيه الامام الحسن "ع" في حياته , وبعد ان سم اخية "رضوان الله تعالى عليه " اصبح هو القائم وهو ولي امر المؤمنين .
      الاسباب التي اوقفت قيام الامام الحسين "ع" ضد معاوية (عليه لعائن الله ) جله وكثيرة , نذكر منها ان الحسين "ع" اصبح ملزم  بعقد اخيه الحسن لمعاوية ابن ابي سفيان , والذي سمي (بصلح الحسن ) , ولايمكنه بعده خرق هذه الهدنة او الاتفاق , فهي كانت بمثابة تكتيف للامام وانتظار لاظهار حجة القيام على خروج معاوية على الاتفاق وخرقه له , لا العكس واعطاء حجة لمعاوية عليه , ثانيا , ان معاوية كان كياس و داهية  وفطن للاحداث التي تزيد شعبيته عند جمهور عامة المسلمين , وذالك بعدم جلب انظار الناس اليه  بالجرائم والمفاسد التي يرتكبها , وكان لايظهر الفسوق ويغتال خصومه سراً ويكسبها الشرعية , عكس ابنه يزيد الذي فاح فساده واخذ بطشه بعامة الناس علنا وبلا حياء او هواده , ثالثاً , قلة الناصر والمعين  للامام الحسين "ع" , لو كان قد قرر الخروج على معاوية لن يخرج معه احد , فقد كسب معاوية بسياسته كل حلفاء اخيه الحسن وقادة جيشه وجنده ولم يبقى له الا اهل بيته وسيكون خروجه انتحار وتكون فرصة ينتظرها معاوية للقضاء على دين محمد "ص" التي تمثلت ببيت علي ابن ابي طالب وولده (عليهم السلام ), فضلا عن ان الامام الحسن "ع" الزم اخيه الحسين والموالين بعد موته  بوصية مسك الارض وعدم مغادرتهم لاماكنهم , بقوله لهم "ع" : لقد صدق أخي أبو محمد فليكن كل رجل منكم حلسا من احلاس بيته ما دام معاوية حيا كما جاء في (الأخبار الطوال للديمري), لان الظروف ستنقلب ضدهم , ومعاوية كما ذكرنا له خبرة المراوغه وتضليل الناس  بسهولة , كما ان اللعين  يعيش نشوة انتصاره في معركة صفين على امير المؤمنين "ع" , ونشوة انتصاره بصلح الامام الحسن "ع" وهذا مايحسبه الجمهور الشامي والعراقي محاسن لمعاوية .
      اذن وصية الامام الحسن"ع" بمسك الارض والزامه الحسين بعدم الخروج على معاوية  مازال الاخير حياً, هي مرحلة اعداد وتهيئة الامام الحسين"ع" لما تبقى من الموالين والانصار  الخلص وامتحانهم لزمان الثورة وصولا لمكانها المتوقع فيها اعلانه للاصلاح .