أن الأصوات التي تعالت للإسراع بمعركة تحرير الموصل، قد أغفلت عمدا المعطيات العسكرية التي تدفع نحو استكمال تحرير ما تبقى من الاراضي الخاضعة لداعش في محافظة الانبار وأطراف بغداد والفرات اﻷوسط. وحقيقة ان هذا التحرير لن يكتب له النجاح المنتظر مع بقاء الجيش التركي شمالي العراق، والمتواجد بطلب أطراف عراقية مؤثرة، لا تمثل الموقف الرسمي، بأي حال من الاحوال مما يجعل تلك القوات مكشوفة أمام القانون الدولي وشرعية مقاومة تلك القوات الغازية التي لن تخرج بأي وساطة دولية، الا بعد أن تتكبد خسائر كبيرة، تجعل من بقائها ذو كلفة سياسية أكبر من المكاسب المنتظرة من هذا الغزو، فأنقرا تسعى الى فرض واقع جديد شمالي العراق ونينوى تحديداً، وبما يسهم بالقضاء على الحركات الكردية المسلحة جنوب تركيا، وخلق إقليم الموصل بإدارة موالية له وخاضعة لمسعود الذي سيقبض ثمن خيانته أراضي جديدة مقتطعة من المحافظة، إقليم هزيل يعزر موقع تركيا اقتصاديا وسياسياً في المنطقة، بعد فشلها الذريع في حلب. هذه المؤامرة إن نجحت سيعني أفول دور السليمانية في كردستان العراق وفي صفوف الحركات الكردية في المنطقة والمناهضة لتفرد مسعود البرزاني بالقرار الكردي. لكن تأجيل معركة الموصل واستمرار بقاء هذه القوات في نينوى؛ من شأنه وعلى المدى المنظور، توفير المناخات المناسبة لإعادة رسم خارطة تحالفات بغداد مع القوى الكردية وتعزيز فاعليتها من خلال الغطاء السياسي والمالي الذي يجب أن توفره بغداد لكل القوى المناهضة لمسعود وحزبه في الإقليم. وخلق تحالف سياسي بين قوى الحشد الشعبي وتلك القوى الكردية المناهضة لمسعود البرزاني، إذا دعت الضرورة. يمكن له أن يتطور إلى تعاون عسكري في حال قررت تركيا الإبقاء على تواجدها العسكري في الموصل، أما إذا قررت أنقرا التوغل أكثر في المحافظة بعد جلاء داعش نحو الاراضي السورية، سيزيد هذا القرار من مساحة انتشار مقاتليها ويجعلهم أكثر عرضة للاستنزاف بحرب عصابات اقطابها الحشد الشعبي واسلحة الثقيلة والمدعوم بغطاء ديني يمده بقوى لا تنضب من المال والرجال، ومقاتلي حزب العمال الكردستاني. ان الموقف الهزيل للحكومة العراقية في هذه الازمة، يجب ان يدفع بفصائل المقاومة والحشد الشعبي بقطع الطريق على المتآمرين والساعين لاستثمار ضعف الحكومة، وإجبار الأخيرة لتبني مواقف أكثر راديكالية من هذا الغزو، بحكم وزن تلك الفصائل في الشارع العراقي وجبهات القتال.
|