درس تربوي في صلة القربى والنسب من مدرسة الحسين ( ع ).. |
الكتابة عن الحسين ( ع ) ووقفته الجهادية التاريخية لا ترتبط بزمن معين ، أو نتذكرها بمناسبة عند حلولها ، بل هو حاضر دائما في الضمائر والمواقف - نموذجا وقدوة ودليلا ، أو عند المقارنة بين موقفبين متضادين ...بين الحق والباطل .... وبين العدل والظلم .. وبين التضحية من أجل الاخرين وحب الذات ... و الحسين مدرسة إنسانية كبيرة ممتدة عبر الزمن دون أن تحدها موانع الجغرافيا وقيودها ، وحاضرة على الدوام في الفكر والوجدان ... عمادها الايمان بالمبادىء ، والثقة بالانتصار على الانحراف ، وإن كان هناك تفاوت في النسبة والتناسب في القوة والحسابات المادية بين النقيضين ... ولذلك :كان لمدرسة الحسين العظيمة انصار واتباع ومتابعين وتلاميذ ومريدين على مدى الدهر، وسعة المعمورة ، من مختلف القوميات والاديان والبلدان ، وستسمر ما دامت الارض تدور ، وعلى ظهرها صراع مستمر يدور بين منهجين مختلفين ، أحدهما يمثل الفساد والأخر عنوانه الخير والصلاح والاصلاح ، وتعديل الانحراف ، و مقاومة الاستئثار بالسلطة لكي لا تكون غنيمة ، ورفض كل ما يخالف شرع الله والانسانية في التعامل مع ثروة الامة ... ولذلك أيضا : كان الحسين نبراسا هاديا للمستضعفين والمضطهدين والمؤمنين يستمدون منه القوة والعزيمة والايمان بحتمية سقوط عروش الطغاة والمستكبرين ، مهما اشتد بطشهم ، وتمادوا في طغيانهم وظلمهم وفسادهم ...واذا كانت كربلاء في جانبها العاطفي تمثل مأساة مروعة لم تحصل بمستواها ، أدمت قلب الانسانية ، لكنها كانت عنوانا للتفاني من الحسين ( ع ) واهله وأصحابه الى هذا الحد من التضحية من أجل العقيدة ، والمبادىء العظيمة التي يؤمن بها...وصلة القربى والنسب الى الرسول الكريم ( ص ) جعلت الحسين ( ع ) أولى من غيره بأن يقف هذا الموقف العظيم لتطبيق أحكام الشريعة التي جاء بها جده ، وهو الذي قال فيه ( ص ) ( حسين مني وانا من حسين ) .. و( احب الله من أحب حسينا ) ... إن القرب من مصدر الاشعاع ، وهو جده رسول الله ( ص ) رتب على الحسين ( ع ) تلك الالتزامات العقائدية والا جتماعية وجعله يتصدى ببسالة وتضحيات جسيمة لتغيير الواقع الفاسد والثورة على الانحراف ، وليس الاستئثار بمنصب أو مغنم ... وهذا درس عقائدي وتربوي مهم ينبغي أن يستوعبه المسؤولون ومن لهم صلة بهم ، في كل العهود والازمان والاماكن وتسلسل المسؤولية ، من أعلاها الى أدناها ، مهما كانت طبيعة أنظمة الحكم القائمة ، فيكون الحسين قدوة ودليلا لمن يتصل مع المسؤول بنسب ، أو صلة ، وكيف تكون العلاقة بينهما ، وما يترتب عليها من تضحيات والتزامات كبيرة ، وتقديم الإنموذج الراقي في تجسيد المبادىء والقيم بالسلوك ، وفي النزاهة ونكران الذات وتطبيق القوانين والتعليمات .
|