من يفتح بوابة الموصل وعلى اي اتجاه ؟ |
1- كلما اقترب موعد الهجوم المرتقب على الموصل لغرض تحريرها من داعش كلما تعالت الاصوات المطالبة بإبعاد الحشد الشعبي عن هذه المعركة من وزير خارجية السعودية الذي وصف الحشد الشعبي بأنه قوة طائفية تابعة لإيران وان وجوده في الموصل بعد تحريرها سيكون بمثابة كارثة حتى وزير خارجية تركيا الذي اعرب عن رأيه بأن مشاركة الحشد الشعبي في هذه المعركة سيضيع فرص السلام ...( أي سلام، السلام الاجتماعي ... اي التسوية المرتقبة بين الدواعش والقوى المسلحة الاخرى مع الحكومة المركزية على حساب سكان الموصل ووحدة العراق ارضا وشعبا؟ ).
2- تعالت كذلك الاستغاثات المبكرة من اعلاميين وسياسيين من معسكر النجيفي او " ممثلي السنة " من الخوف من الفظائع التي قد يرتكبها الحشد الشعبي ثم خففت اللهجة الى رفض اي وجود له خشية التأثير الايديولوجي الايراني اوالشيعي على الهويّة المميزة للمحافظة .... !
3- ومع واقع ان الحشد الشعبي حتى لو شارك لايمكن ان يمثل وزنا حاسما في عدد وعديد القوات المشاركة بحيث يمكنه ان يجير نتائجها لصالحه ، يبدو ان العقدة الرئيسية التي تقف في طريق او حبكة سيناريو تحرير الموصل هي مشاركة عنصر " غريب " في هذه الطبخة قد يفسد نتائجها عمليا او حتى بوجوده كشاهد عيان على ما يجري وهذا العنصر الغريب هو الحشد الشعبي بالدرجة الاولى ثم الجيش العراقي او بعض قياداته غير المرغوب بها ثانيا ثم السياسيين الموصليين الوطنيين ممن يسعون الى استعادة الموصل الى سابق عهدها ، محافظة عراقية ومن يتبعهم من عناصر الحشد العشائري ثالثا ، ان الموصل لن تكون صلاح الدين ولا الانبار( اللتين اعطتا مثلا واضحا على بطلان وتهافت كل الاكاذيب والمخاوف والتوجسات التي تطلق الان ، فلا صلاح الدين خضعت لتغيير ديموغرافي ولا الانبار تحولت الى منطقة شيعية او تأثرت ب" الايديولوجيا الايرانية !" بل على العكس تماما فأن اهالي صلاح الدين والأنبار يشهدون على العكس ) . اي انها ، الموصل ، لا يمكن ان تعود ، ببساطة ، الى ما كانت عليه فثمة سيناريو قد يتضمن ابدال واقع وجود نينوى في قبضة داعش الى وجود نينوى كورقة او وجود غير محدد او محسوم يخدم تكوينات او معادلات مستقبلية اخرى وربما انفتحت بوابة تحريرها على دوامة قد تجذب الى تفاعلاتها ودورانها المحتمل وتدريجيا كل من صلاح الدين والانبار وباقي المناطق " السنية " لنجد انفسنا ، مرة اخرى ، امام واقع تشكل اقليم سني اضافة الى اقاليم متعددة للعديد من المكونات في سهل نينوى وهذا ما بدأت المطالبة به علنيا ، منذ حين ، بحجة حماية الاقليات وثبوت عدم امكانية التعايش ... ...
4- بات في حكم الشائع ان تركيا والسعودية والولايات المتحدة الامريكية لا يعنون بالسكان المدنيين وضرورة انقاذهم والمحافظة على امنهم . وانهم حيثما اشاروا الى "حماية سكان مدنيين وتأمين ممر آمن لهم" يكون المقصود تأمين خروج آمن للدواعش والتنظيمات المسلحة الاخرى .....
5- لكل طرف من الاطراف المحتشدة بغرض تحرير الموصل حلمه او رؤيته لهذا التحرير وما بعده ، فالحلم الامريكي ومعه الحلف الذي ينطوي تحت جناحه ، لا يشبه في شيء الحلم او الرؤية العراقية، فهو يريد اعادة وليس استعادة الموصل الى حضيرة عراق ما بعد 2003 بمواصفاته المعروفة والمحددة امريكيا منذ اكثر من عقد والذي تمثله العملية السياسية القائمة احسن تمثيل . انه اعادة الموصل وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب، حيث تتبخر داعش بذوبان عناصرها من سكان الموصل في السكان المحليين والتستر عليهم وضمان عدم الوشاية بهم او تعرضهم لمسائلة قانونية لاحقا وهذه العملية جارية على قدم وساق الان بغية ان يصبحوا خلايا نائمة تحت الطلب لأي مشروع او بديل في المستقبل القريب ( بتنا ، نسمع ومنذ اسابيع ، عن تنظيم سيكون اكثر شراسة ووحشية ان لم تلبى مطالب التوازن الطائفي/ أقرأ : عراق مشلول مقسم الى مراكز قوى طائفية وعشائرية متعددة ومرتبطة بالأجندات الإقليمية المختلفة كما هو حاله الان ) وترحيل العناصر الاجنبية من عرب وغيرهم الى دير الزور فالرقة السورية بغية تعزيز قوة داعش ضد الحكومة السورية هناك لأمر يخص المستقبل القريب . اما الحلم العراقي فيتضمن حلمان في واقع الأمر ، حلم حكومي يطمح الى استعادة الموصل محافظة عراقية بمواصفات الامر الواقع اي وفق الإملاءات والرغبات الامريكية وما تأسست عليه العملية السياسية وبنية العراق الضعيفة والمرتبكة حتى الان ، وحلم شعبي طامح الى استعادة اللحمة الشعبية والوحدة الوطنية العراقية والدولة المركزية ، ان امكن . وهذا هو حلم القوى الوطنية ومثقفيها وإعلاميها وبعض السياسيين المخلصين والقاعدة الجماهيرية الكبرى للحشد والجيش وعموم العراقيين....ولذلك فنحن ازاء حالة صراع ستنعكس توازناتها وامكانات كل طرف فيها على مختلف مراحل العملية وما بعدها ....
6- ان تمسك الاتراك بدور في عملية التحرير وبتواجد عسكري مؤثر، لا يصدر عن عنجهية اوردغان او حلمه العثماني كما يروج البعض ، عن قصر نظر وسوء تقدير ، بل هو يهدف الى عدة امور ، الاساسي منها هو منع تحول اقليم كوردستان الى كوردستان حقيقية او قوّة مؤثرة وشعبية وجاذبة للحلم الكردي والحرص على ابقائها امارة بارزانية مشاكسة ومضعفة للمركز العراقي والوحدة العراقية ويمكن تطويعها والتأثير عليها بإملاءات تركية، اولا . ضمان او العمل على تكوين "ولاية موصل " ليس كما كانت ايام الدولة العثمانية بالضرورة بل ولاية او اقليم " عربي سني " يخضع لقيادات تقليدية كآل النجيفي مثلا ويشكل مكافأة لهم ولأمثالهم على دورهم " التركي" ويمثل بوابة وقاعدة مؤثرة للاتراك في الوضع العراقي ، ويمثل، كذلك ، مصّدا للنفوذ الايراني ايضا .وهناك سبب مهم آخر فأردوغان لم يعد ينظر باطمئنان كامل الى الحلفاء الغربيين والامريكيين وهو يخشى من تحول تركيا الى ميدان لواحدة من تطبيقات الفوضى الخلاقة في المستقبل القريب وهذا ما يفسر تخفيفه من حدّة العداء والتدخل في سوريا وجولاته المكوكية بين موسكو وطهران وانتهاءا بتسلحه بصواريخ روسية ، انه يضع قدما هنا وقدما هناك بالفعل، وهو بالنسبة الى قضية الموصل لا يريد ان يخرج من مولدها بلا حمص ووجوده المؤثر من جهة شمال نينوى باتجاه اربيل في بعشيقة لا يريد ان يتخلى عنه بلا ثمن او ضمان .
7- ان امريكا او التحالف الدولي وأطرافه العربية والعراقية كذلك ،لا يريدون تحريرا وفق ما جرى عليه الامر في صلاح الدين ولا الفلوجة ، انهم لا يريدون تحريرا بأقل الكلف أولا . وتحريرا يكشف ان داعش ليست سوى نمر من ورق على حد تعبير الراحل ماو ثانيا ، وتحريرا يمكن ان تستعاد ، بعده ، شيئا من لحمة عراق الامس ثالثا . ومن المعروف ان عملية صلاح الدين اقتضت تأخيرا وعرقلة لا مسوغ لهما بهدف انقاذ عناصر داعش وتسريبهم وبالفعل ، فقد تم تحرير صلاح الدين دون العثور على ما يتناسب والحجم المفترض للقوى الارهابية التي كانت موجودة اما في الفلوجة فالأمر انتهى بفضيحة ، فقد تمت عرقلة النهاية الظافرة للعملية وتم الترويج الاعلامي بما يشبه الحّمى لخروج او منفذ آمن لمن يريد الخروج ولا يريد القتال من عناصر داعش وباتجاه مناطق اخرى غربا وشمالا ، وقد كادت الحملة تؤتي اُكلها ، حتى ان بعض الاعلاميين "حسني النية " في بغداد كتبوا مؤيدين لتوفير مثل هذا المنفذ كسبا لعوائل الداعشيين كما كتب بعضهم (!! ) لكن استمكان وضرب رتل الخروج افسد الأمر وكان هو السبب الاساس في الاصرار اليوم ، وبشدة ، على ابعاد مشاركة الحشد الشعبي واعتبارها " كارثة " على حد تعبير وزير الخارجية السعودي !
8- لايمكن قبول فكرة ان حشد القّوة الدولي هذا ، ان هذه الاساطيل والقوات الجّوية والصاروخية الامريكية والفرنسية والبريطانية والتركية ، وفق ارقام كمّه ونوعه المعلن والمتداول اعلاميا ، ناهيك عما لا نعلمه من خفاياه، اضافة الى القوّة العراقية غير المسبوقة ، هو حشد يقصد الموصل واستعادتها فقط ، اذ ان القوّة العراقية وبأسناد جوي امريكي محدد ، وحدها ،اكثر من كافية ، رغم ان الدلائل تشير ،بل ترجح ان استعادة الموصل ستتم بمعركة او معارك اقرب الى " الافتراضية " وسيتم الامر مع اقل كمية من الدماء الداعشية الحقيقية وستحلق اللحى وتستبدل الازياء ليذوبوا وسط السكان كما جرى في جرابلس ولربما اصطفوا معهم لتحية القوات المحرره ! واغلب الظن ان هذا الحشد سيكون نواة لقوة متنامية ذات اهداف ومرام اقليمية تخص النظام السوري او الايراني وربما حتى حزب الله اللبناني وغزة ، انها قاعدة لقوة اقليمية مستقبلية ولهذا فأن الموصل ستعاد ولا تستعاد ! ولذلك نرى ان التحرك الروسي يسابق الزمن في نشر المزيد من السلاح كمّا ونوعا على الارض مع نشاط دبلوماسي مكثف وزيارات مكوكية.... ان روسيا وايران تقرآن مؤشرات لا نبصرها نحن المنشغلون بمعركة الموصل باعتبارها
|