معركة الموصل .. توقعات ورؤى |
عندما باتت الموصل محاصرة والمعركة على الابواب شط خيال بعض المحللين العسكريين والامنيين وراحوا يوغلون في توقعاتهم التي اختلفت بشتى الصور والاشكال والان وقد بدأت المعركة التي سترفع الغطاء عن مكبوتات كثيرة لدرجة انها ستقلب العملة على وجهها الاخر لقد كثرت الاقاويل قبيل بدء عمليات التحرير ولا زالت وكان آخرها ما نشره موقع (سبوتنيك) الروسي بنسخته العربية ان تنظيم الدولة الارهابي اطلق نداءات عبر مكبرات صوت احد المساجد في الجانب الايسر من الموصل دعا فيه عناصره وقادته الى الانسحاب في حين سارت التوقعات حول المعركة الى مدى بعيد بعد ان اعلن الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء بدء العمليات وقبلها اعلن في ظهور علني مع الرئيس الامريكي اوباما ان المعركة ستبدأ في نهاية اكتوبر تشرين الاول الحالي ملمحاً بانها ستجري في وقت قياسي ومن دون ايقاع الضرر في المواطنين الا ان المؤشرات والتقديرات تشير الى ان المعركة ستؤدي الى هروب قرابة مليون شخص جراء عمليات التحرير لاسيما وان داعش قد سيطر على المدينة قبل اكثر من عامين وفي هذا السياق قال مدير لجنة الانقاذ الدولية في اربيل (ينتظرنا كابوس بل كارثة) إذ يستحيل استقبال العدد الهائل من النازحين الذين سيخرجون من الموصل جراء العمليات العسكرية التي لا بد وان تجري لان سكان الموصل باتوا رهائن لمتشددين متوحشين سيعمدون خلال بدء العمليات العسكرية لمنع المدنيين من الهروب من الموصل لكي يستخدمونهم دروعاً بشرية وفي نهاية الامر ستدمر معظم مدينة الموصل ويرى المحللون العالميون ان نتيجة العملية اشبه ما تكون بنهايات حرب الخليج الاولى ونستطيع ان نتلمس صورة عن مستقبل بدأت تتضح ملامحه عبر معسكر (الدباغة) للاجئين في كردستان حيث يتجمع قرابة مليون ونصف المليون نازح جاءوا من مناطق عراقية مختلفة وهم الان داخل خيام معسكرات الاغاثة ويوصف المعسكر بأنه مثال للقذارة وفوق ذلك كله فأن اكثر من مائتي لاجئ هربوا الى هذا المعسكر مؤخرا بسبب معارك تحرير القيارة .
اما والحال هذه فان عمليات تحرير الموصل ستتعرض الى عدة اجندات وطائفة من الاحتمالات التي تثير القلق والارتياب بسبب غموض شكل العلاقة بين اطراف الجيش النظامي والاجهزة الامنية والحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة التي سيترتب عليها جملة احتمالات من بينها حدوث مذابح طائفية يرافقها جوع وفقر وتورط دول اقليمية كأطراف خارجية وربما قوات وافدة من دول الجوار وحينما يصبح كل ذلك أمراً واقعاً فأنه سيشكل تهديداً خطراً لوحدة الاراضي العراقية وسينجم عن ذلك فراغ سياسي قد يؤدي الى فوضى عارمة هذا ما يتوقعه المحللون فالاكراد مثلا يتطلعون الى ضم الموصل الى كردستان بهدف بناء دولة كردية في حين ثمة مطاليب من قوى سياسية محلية في الموصل تطالب بجعلها اقليم وبذلك يرتبك دور وموقف القوى الامنية والجيش والحشد الشعبي ازاء ذلك لاسيما وانه امر شديد الالتباس وبالمقابل ارتفعت اصوات كثيرة من اهالي الموصل في الفترة الماضية مطالبة بأستقدام قوات دولية لملء الفراغ الذي سيحدث بعد تحرير الموصل تجنبا لما سيحل بها وبثرواتها وتراثها الحضاري والتاريخي من امور يلفها الغموض والمجهول لاسيما وان ثمة من لهم القدرة على القيام بلعب كل الادوار في الوقت نفسه في زمن ينعدم فيه الفارق بين القول والفعل وتداعيات مخاطر ضياع الهوية الوطنية للمدينة ولقد وصف البعض بأداء تحرير الموصل بأنه مشروع انتحاري بأمتياز وخاصة في ظل مخاطر وممارسات المليشيات الفالتة وهي ليست بعيدة بالتأكيد عن مناخات التصفيات الجسدية ذاتها ويذهب المحللون الى ان ذلك سيكون ربما سبباً ومحركاً لفعل تقسيم البلاد او هو في حقيقة الامر ان حصل فأنه يمثل تجسيداً صارخا للتقسيم بل انه يمثل رصاصة الرحمة في هذا الامر وخصوصا حينما تندفع جميع هذه الفصائل لتحرير الموصل بهذا الكم الذي يفيض عن مساحة الموصل ذاتها وقد يبدو ذلك مبرراً لقول بعض الاطراف ان المعركة هي عبارة عن مشروع غزو وليس تحرير يضاف الى ذلك ان هذه الاوضاع لو حدثت ستوفر فرصاً سانحة لتجار الحروب اصحاب الضمائر المعطوبة والذين بمقدورهم تبديل الادوار بسرعة قياسية وسط اهداف ستخترع على عجل في زمن انقلاب المعايير حيث كل له قاموسه الخاص في تفسير ما سيحدث اما الحقيقة فأنها غائبة عن العيان واكاد ان اقول انها في مكان اخر لا يعراف عنها احد شيئاً طالما ظلت قابعة في دهاليز التخطيطات الدولية والاقليمية واي كان الامر فان الامل يحدونا بأن تحقق قواتنا المشتركة النصر المبين الذي سيستل المدينة من الظلام الداعشي المطبق عليها وعلى اهلها المغلوبين على امرهم بعد ان ظلت المدينة ولعامين متتاليين في الظلام الداعشي المقيت .
|