تناولنا في الحلقتين السابقتين وجهات نظر الاطباء النفسيين والأكاديميين والمفكرين والصحافيين بخصوص اشكالية انشغل بها الفكر العالمي المعني بالارهاب،خلاصتها:ان الأرهابين ياتون الى العراق وسوريا وليبيا من خلفيات مختلفة:دينيا،اجتماعي،تربويا،ايدولوجيا،دوليا،عمريا...،وتنجح المنظمات الجهادية في تجنيدهم ودمجهم في مجموعة واحدة متجانسة :اجتماعيا،وايدولوجيا،ودينيا..فكيف يحصل هذا؟. في هذه الحلقة نطرح وجهة نظرنا في هذه الاشكالية،معتمدين فيها على تقارير عالمية ودراسات اجنبية..نبدأها بحقائق رقمية عن عدد الاجانب الملتحقين بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش). لا توجد احصاءات دقيقة لعدد الآجانب الملتحقين بداعش او عدد الدول القادمين منها،انما تقديرات نوجز اوثقها بالآتي:
• عدد الأرهابيين الأجانب في العراق وسوريا (30) ألف مقاتل. (جان لابورد - مدير اللجنة الأممية لمكافحة الإرهاب،جنيف 5/7/2016) • عدد المجاهدين الأجانب ( 27 )ألف مقاتل قادمين من 86 دولة، ينحدر نصفهم من دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. (منظمة سوفان للاستشارات الأمنية – نيويورك) • تكشف البيانات التي سجلت ما بين عامي 2013 و2014 هوية أعضاء قادمين من 40 دولة . ( CIA) • 43% من مقاتلي تنظيم الدولة هم مقاتلون أجانب "ملقنون عقائديا ويائسون ولا مفر أمامهم". ". (حيدر العبادي- حديث لمجلة دير شبيغل) وبحسب احصائية 2013 فان اعداد المقاتلين الغربيين الملتحقين بالتنظيم كانت على النحو الآتي: *فرنسا 1200 * ألمانيا 600 * بريطانيا 600 *بلجيكا 440 * هولندا 250 * استراليا 250 *السويد 180 * النمسا 150 * الدانمارك 150 *اميركا 100 * اسبانيا 100 * النرويج 60 *فنلندا 70 * ايطاليا 80 * سويسرا 40 فيما يكون ترتيب الدول الغربية بحسب احصائية المركز الدولي للتطرف(2011 – 2014) على النحو الآتي: روسيا،فرنسا،بريطانيا،بلجيكا،استراليا،المانيا،هولندا،كوسفو،البانيا،الدنمارك،الصين،امريكا،وكندا. عالمية..دولة الخلافة باعلان ابو بكر البغدادي (29 حزيران 2014)عن قيام خلافة واستخدام اسم (دولة اسلامية)..دعا مسلمي العالم للقتال في صفوفه، وسعى لتحقيق أهداف عالمية.ومن ذلك التاريخ لبداية(2016)، شن التنظيم 70 هجومًا امتدت من كاليفورنيا الى سيدني،نفذها مسلحوه ومتعاطفون معه..دغدغت في جيل الألفية الثالثة عواطف اسلاميين وغير اسلاميين متعاطفين معه فكريا،والبرهنة على امتداد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية عالميًا.وكانت التجربة الأفغانية قد وفرت زعماء جهاديين اشدّاء في القتال،وخبراء استراتيجيين لهم الدور في ظهورتنظيم الدولة الإسلامية الآن.وبحسب تقارير امريكية فان داعش هي التنظيم الارهابي الأغنى في العالم،والأكثر انضباطا وعددا وقدرة على جذب مقاتلين اجانب مقارنة بالقاعدة. ومع الاختلافات الفكرية فان للتنظيم اربعة آباء روحيين هم: أحمد بن حنبل : الذي سُجن وضُرب بالسوط زمن الخلافة العباسية،وابن تيمية..الذي لقي حتفه في احد السجون بدمشق(وكلاهما سلفيان)،ومحمد بن عبد الوهاب الذي دعا إلى الزهد والتقشف،وعدم تقديس اي شيء غير الله،وسيد قطب الذي يعدّ "مصدر الفكر الجهادي" و"فيلسوف الثورة الإسلامية" الذي رفع شعار:"الجهاد ضد الغرب وعملائه في المنطقة هو السبيل الوحيد الذي سيستعيد العالم الإسلامي نفسه من خلاله"،ما يعني القبول لفكرة التكفير،وقتل يثاب عليه،وقد اعدمه جمال عبد الناصر في 1966 بتهمة التآمر. ومن فكر هؤلاء الآباء الروحيين استنبط الجهاديون ابرز مبرراتهم: • معاقبة الغرب على تقسم الشام والعراق ودعم امريكا لأسرائيل. • مساندة الغرب، وروسيا، للأنظمة العربية الفاسدة والاستبدادية. • غزو العراق وتدميره ومقتل الآلاف. • وفضائح الاعتداء على السجناء في سجني أبو غريب وغوانتانامو. اسباب التحاق الاوربيين بـ(داعش): في تقصينا لهذه الاسباب من جهات رصينة..وجدنا الآتي: • وجود مظاهر عنصرية يومية،وشيوع ظاهرة الاسلاموفوبيا، وتنامي اليمين المتطرف في المجتمعات الغربية،وشعور حتى المسلم الطبيعي أنه متهم مراقب، (مدير المركز الدولي لدراسات التطرف في جامعة لندن - بيتر نيومان ) • الشعور بالكبت والغبن وبرفض المجتمع الأوربي ولّد لدى بعض الجاليات حقدا دفع بعضهم الى الانخراط في تنظيمات إرهابية تزعم أنها تقدم البديل. ( جامعة اكسفورد) • معاناة الجيلين الثاني والثالث من المسلمين المقيمين بدول غربية،من صعوبات كبيرة في الاندماج الاجتماعي. (دراسات متنوعة). • غالبية الملتحقين بداعش عاشوا حياتهم في مجتمع فقير مسحوق، فاشلون دراسياً. "فيجد المسحوق نفسه فجأة صاحب سلطة مطلقة تفتح له باب الشهرة والمغامرة: يقتل، يسجن، ويمارس مسؤوليات كبيرة تجعله يستمتع وهو يؤديها بطريقة همجية! (دراسة نرويجية) • دفع التنظيم رواتب جيدة للملتحقين الاجانب وتعويضات الطعام والصحة والتدفئة،والمسكن ،ومساعدة الراغبين بالزواج بتقديم المهور والبيوت. ولقد توصلت دراسة اجرتها الشرطة الهولندية عن الهولنديين الملتحقين بتنظيم الدولة الاسلامية، الى انهم يعانون من: * اضطرابات نفسية وسلوكية الفقر والطلاق والتفكك الأسري * * السكن في مناطق فقيرة ومهمشة * عامل الجذب الذي تمثله الحياة تحت راية التنظيم..بتسويقه مدينة الرقة بأنها (جنة الجهاديين)..مثالا. اوربيون..قاطعو رؤوس! ان يقوم ابو مصعب الزرقاوي وامثاله من الجهاديين بقطع الرؤوس..فهذه حالة الفناها،لكن ان يقوم بها اوربي فانها تبدو شاذة او مستغربة.ومن اشهر قاطعي الرؤوس من الاوربيين: • محمد اموازي، ذو اللكنة اللندنية، والذي لُقب باسم "الجهادي جون"..الذي قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي بطريقة بشعة. • بو سياف البلجيكي..سأله أميره أبو الأثير العبسي ذات يوم عما اذا كان يستطيع ان يقتل احدا،فأجابه: اريد أن اقطع رأسا!..وصار يعرف محليا باسم الذباح. • قام اثنان من أعضاء التنظيم من النمسا وألمانيا بإعدام شخصين من الجيش السوري، وأصدر التنظيم فيديو يوضح مقاتلين اجانب من الشباب ينفذون حكماً بإعدام 25 من الجنود السوريين. • غولمورود حليموف (41 عاماً)، ضابط طاجيكي سابق، دربته الولايات المتحدة لكنه انشق وانضم إلى (داعش)..رصدت اميركا في 30/ 8/ 2016 ثلاثة ملايين دولار لمن يقدم معلومة تؤدي إلى القبض عليه. في ضوء ذلك نخرج بحقيقة ان الأسباب وراء التحاق الاجانب بتنظيم الدولة الاسلامية،من الدول المحددة بهذه الدراسة،هي متنوعة بين سياسية واجتماعية ونفسية واقتصادية واخرى تتعلق بتركيبة شخصية الملتحق.على اننا نرى ان انعدام العدالة الاجتماعية في تلك الدول، ومعاناة الجيلين الثاني والثالث من ابناء الجاليات المسلمة من صعوبة الاندماج الاجتماعي فيها،وتنامي اليمين الاوربي المتطرف واشاعته العنصرية والخوف من الاسلام..تحتل المراتب الاولى في هذه الاسباب،تليها اسباب مادية وسيكولوجية تتمثل بدفع رواتب ومساعدات على الزواج..واخرى تتعلق بحب المغامرة والبحث عن الشهرة واشباع الرغبات الجنسية..واغتراب الاوربي عن مجتمعه الذي يدفع به الى ان يجد معنى لحياته..وجده في تنظيم الدولة الاسلامية.
|