وللتاريخ كلمة في شأن السريان والسريانية! -الجزء الأول- |
كثر العتب وزاد الغضب والشجب والاتهام بين دوائر وجهات ومراجع كثيرة في الوسط المسيحي في الآونة الأخيرة بشأن الغبن والإجحاف الذي لحقَ بمكوّن "السريان" الذي أهملته لجنة كتابة الدستور، لأسباب تمييزية دامغة، كان المتسببُ فيها في الأساس، نوابًا مسيحيين يحملُ كلّ منهم أجندةَ طائفته المتعصّبة. وقد تنادت مؤخرًا، رئاسات كنائس شقيقة ومراجع ومنظمات وجمعيات وروابط وشخصيات دينية ومدنية ونشطاء ونواب وسياسيون متعاطفون، في الداخل والخارج، وكلّها تدعم تحقيق العدل والمساواة ورفع الحيف الذي طال هذا المكوّن، بسبب زلّة اقترفتها أيادي غير أمينة في غفلة من الزمن. وقد افتضح أمرُ هذه الجهات المراوغة بعد كشف الحقائق وعرض المستور، وما خفي كان أعظم! فالجهل بحقائق الأمور وبالتاريخ، قد ساهم هو الآخر في تجاهل وتغافل وإهمال لجنة كتابة الدستور ورئاسات الأحزاب والكتل التي أقرّته، بتضمينه مكوّنات دون أخرى، بالرغم من أصالة تسمية "السريان" و"السريانية"، عبر التاريخ. وذلك كانَ نتيجة تأثيراتٍ شخصية وكتلوية وحزبية، مارسها نوابٌ مسيحيون ومَن لقّنهم تعليماته وتوجيهاته، إيغالاً في التعصّب. بالمقابل، فقد طربَ لها غيرُهم من الأحزاب العراقية وزعمائهم، تشفيًا بزيادة التشرذم والانقسام في صفوف المكوّن المسيحي.
السريانية هوية المسيحيين المشرقيين بعد مطالبات كثيرة في الداخل والخارج، وضغوط متعددة مارسها أصحاب الحق، آن الأوان كي تتولى الجهات الحكومية والبرلمان وأخرى ذات العلاقة، الردّ إيجابًا على ضرورة تضمين تسمية هذا المكوّن في الدستور وفي البطاقة الوطنية الموحدة، وذلك بالعودة عن الخطأ الذي اقترفته اللجنة في 2005 من دون تدقيق وتمحيص فيما تعنيه تسمية "السريان". وهذا بطبيعة الحل، لن يكون لمصلحة ضيقة تخصّ جماعات مسيحية تحمل طائفتان منها ذاتَ الاسم. بل هو تكريمٌ للحضارة العراقية ولتاريخ هذا المكوّن الشامل لجميع المسيحيين المشرقيين الأصلاء من دون استثناء. فتاريخُهم حافل بالإنجازات والكتابات والكفاءات منذ فجر المسيحية في القرن الأول، ومرورًا بالعصور المتلاحقة، حيث ما تزال رفوف المكتبات العالمية وكتبُهم ومؤلفاتُهم تُعدّ من أنفس ما قدّمته حضارةُ "السريان" وروّادُها للأمم والشعوب وللعالم وللبشرية. وزيادة في التدقيق بالوقائع والبحث في التاريخ وفي كواليسه وثناياه، سيكتشف القارئ والباحث والسامع معًا، أنّ تسمية "السريان" واللغة "السريانية" في أساس الأمر، هي ذات الأحقية باعتبارها قومية يعود إليها جميع المسيحيين المشرقيين من كنائس متعددة المذاهب، من نسطورية جاثيليقية، وقديمة "آثورية" (آشورية)، وكلدانية كاثوليكية، وسريانية يعقوبية " أرثوكسية" وكاثوليكية، وروم ملكية/ يونانية، بحسب تبعية أتباع كلٍّ من هذه الطوائف للكنيسة التي ينتمي إليها. وهذه من الحقائق التي يجهلُها الكثيرون، ومنهم المسيحيون أنفسُهم الذين لا يهمّهم التاريخ ولا مسيرة أسلافهم الجبابرة، إلى جانب جهل السياسيين بهذا التاريخ العريق. لكنّ التاريخ لا يمكن تغييرُه بجرّة قلم، أو بكلمة من شراذم متعصّبة من هذه الطائفة أو هذا الدين أو هذه العقيدة أو تلك الأيديولوجية المنغلقة على الذات والرافضة للآخر. ففي الوقت الذي نجح فيه النساطرة الآثوريون (الآشوريون) والكلدان من إقناع جهات حكومية وتشريعية بتضمين تسميتيهما في الدستور وفي البطاقة الموحدة آنذاك واليوم، نتيجة لتأثيرات مرجعيات دينية وأخرى سياسية، فقد رُكنت بالمقابل، مطالباتُ أتباع "السريان"، حينها واليوم على الرفوف، لأسباب عديدة، منها ما بقي مجهولاً، ومنها ما هو محسوس، بسبب ضعف تأثيرهم في الوسط السياسيّ وخفتُ صوت مرجعياتهم الكنسية في الوسط التنفيذي والمجتمعي والمنظماتي. هذا إلى جانب عدم فاعلية مَن كانوا يُعدّون سياسيّين مبتدئين، لا يفقهون كواليس السياسة وكياستَها وبراعتَها ومنحدراتها وأبوابَها الكثيرة التي لم تتح لهم طَرقَها بعد.
التاريخ يتحدّث لمَن يجهل التاريخ ويكتفي بالمطروح القائم والمسموع السياسيّ غير الدقيق، نجيز هذه الأسطر التي تخفى حتى على الساسة وبعض "المتثقفين" وضحلي المعرفة، ليس بالتاريخ القديم فحسب، بل حتى الحديث منه والجديد فيه. ونحن إذ نذكُر هذا ونذكّر ببعض معارفه وأصوله وحيثياته، فليسَ ذلك تجنيًا ونكلاً واستصغارًا وحسدًا وغيرةً، كما قد يتصوّر البعض، عمّا استطاعت مكونات عراقية أصيلة، ومنها إخوتنا النساطرة "الآثوريون" (الآشوريون) والكلدان من تحقيقه بشأن نجاح تضمين تسميتهم في الدستور الأعرج وفي البطاقة الموحدة. بل يأتي هذا التذكير بحقائق غافلة عن البعض، حان الوقت لكشفها وتبيانها للرأي العام وللحكومة العراقية وللبرلمان، أعلى سلطة تشريعية في البلاد. فالذين كتبوا الدستور، لم يكونوا على دراية كافية بحقيقة كون المسيحيين المشرقيين (الشرقيين) منذ تنصيرهم، شعبًا واحدًا وأمة واحدة وذات أصل "آرامي" (سرياني) واحد، وتسمّوا "سريانًا" بعد اهتدائهم من الوثنية (حيثُ كانوا شعوبًا يُسمّون ب "الآراميين" التي تعني بالآرامية القديمة عابد الوثن) إلى المسيحية في بدايات القرن الأول الميلاديّ حينما اهتدت أنطاكية السورية إلى المسيحية في ذلك الوقت قبل غيرها. حتى إنّ كلمة "السريان"، بحسب مراجع رصينة عديدة ومؤرخين ثقات وأمّهات الكتب، كانت تشيرُ إلى وضع المسيحيين وحالهم بهذه التسمية، دينًا وقومية، انطلاقًا من سوريا، بحسب التسمية اليونانية لهم. ومَن حاولَ في لجنة كتابة الدستور، ممثلاً للمكوّن المسيحي في حينها، أو غيرُه، من إيهام سائر النواب ولجنة الرئاسة بغير "السريان" و"السريانية" تسمية للمسيحيين المشرقيين، فقد جنى قبل كلّ شيء على طائفته قبل تجنّيه على غيره من العراقيين الأصلاء من أبناء الطوائف والمذاهب المسيحية المشرقية الأخرى. وهو اليوم لا بدّ أن يخجل من فعلته الدنيئة بعد فضح سرّه وكشف المستور من الحقائق بالوثائق الدامغة. وإن لمْ يفعل ذلك ويندم على جريرته، ستظلّ تلاحقُه لعنة "السريان"، فلا بدّ أن يكون لقوم السريان من مواقف حاسمة وحازمة من الفعلة الخسيسة هذه. ولابدّ للجهات ذات العلاقة في الدولة العراقية أن تأخذ كلّ هذه المطالب بالحسبان، وتنصف هذا المكوّن أسوةً بغيره. والأيام القادمة حبلى بالوقائع والإجراءات والتحرّكات. أمّا ما حصل في حينها من اتفاق سياسيّ غير منصف يقضي بقبول تسمية جماعات مسيحية محددة كقوميات وبتسميات طوائفهم دون غيرهم، وبإمرار النواب ومّن يقف خلفهم للسريانية لغةً رسمية للمسيحيين المشرقيين جميعًا، بسبب جهلٍ أو بقصد أم لأيّ سبب آخر، فهو لم يكن سوى ذرّ للرماد ولإسكات أصوات السريان التي لم تخفت وتسكت من حينها. فبعد تفرّد الكنيستين النسطورية الآثورية (الاشورية) والكلدانية وتسيّدهما على المشهد السياسيّ في حزيران 2003، وكان ذلك بعد السقوط مباشرة، إبّان انعقاد المؤتمر الأول للكنائس المسيحية في فندق عشتار-شيراتون، وجدَ "السريان" أنفسَهم وقد ألقى بهم المؤتمرون في زاوية النسيان. فقد قرّر رعاة المؤتمر تقرير التسمية المركبة (كلدو-آثور) التي استهجنها العقلاء من المشاركين فيه، ورأوا فيها استغفالاً واستغلالاً للوضع، حين إسقاط اسم "السريان" منها، وكأنّ اللعبة كانت مكشوفة ومتعمَّدة منذ البداية. حينها نعترف، أنه لم يكن للسريان نهجٌ سياسي واضح ولا برنامج سياسي مستقلّ ولا حزب سياسيّ معتمد أو حركة تنظيمية متمكنة أو صوت يعلو في المنابر، بسبب حداثة عهدهم بالتغييرات الدراماتيكية في الوطن، والظروف السياسية المستجّدة التي تختلف كلّيًا عن تلك التي أبعدتهم عن كلّ طموح سياسيّ استقلالي أو نزعة قومية. وحينها، ارتفعت أصوات الاعتراض من أتباع السريان الحاضرين في المؤتمر المذكور، ومنهم كاتب هذه السطور ومعه السيدان بشير الطورلي وباهر بطّي، طيبي الذكر. فما جرى في ذلك المؤتمر الذي لم يتكرّر عقد أمثالِه لاحقًا، كان تزاوجًا وتلاقحًا مشبوهًا بين طرفي نقيض، كلٌّ منهما متعصّب لطائفته ومذهبه والجهة التي يميلُ إليها أو تلقنُه القول، وما زالا كذلك. في لجنة صياغة الدستور غير المنصفة، أثبتت تسريبات سابقة وتصريحات لاحقة وحديثة، إصرار ممثل الكلدان على التسمية "الكلدانية". في حين حصلت مراوغة من جانب ممثل الآثوريين (الآشوريين) في خيارين: حينًا بالتأكيد على تسمية "الآشورية" كضرورة قومية، وحينًا آخر بالمزاوجة بين مصطلح توفيقي يجمع التسميتين معًا، في تسمية "كلدو-آثور" القديمة. وهذه التسمية التي حاول زعيم الحركة الديمقراطية الآشورية، صاحب النفوذ الأكبر آنذاك، إخراجَها في سيناريو سياسيّ ودبلوماسيّ ماكر بطريقة توفيقية، إن تعصّبًا، أو تودّدًا لنفر من الطائفة الكلدانية أو ترغيبًا بوحدة الصفّ بحسب الادّعاء والدعوات، إلاّ أنّها في واقعها، عمّقت التجزئة والانقسام وزادت النقمة والاتهام. ولمزيد من المعلومات، فإنّ هذه التسمية المركبة الأخيرة، قد استنسخت من كتابات الراحل المطران أدّي شير، مطران سعرت الشهيد، والمتعصّب للكلدانية حتى النخاع! إنّ المتتبع، لتاريخ نصارى (مسيحيي) العراق، وأحوالهم ووزرائهم وملافنتهم وعلمائهم وأطبائهم وفلاسفتهم، يدرك القيمة الحقيقية لمسيحيي المشرق (الشرق) الذين لا يخفى دورُهم المتميّز في تاريخ وحضارة العراق والمنطقة على حدّ سواء. فهؤلاء المسيحيون الذين عاشوا أصحابَ مبادئ وحضارة وأخلاق وتميّز في طريقة عيشهم وسلوكهم اليومي، والذين عُرفوا بالنصارى في التاريخ الإسلامي، وعلى مدى تتابع الخلافات حتى وقتنا الحالي، ينحدرون أصلاً في غالبيتهم (إلاّ العرب منهم من منحدري الجزيرة العربية)، عن أسلافهم المشرقيين القدامى المعروفين آنذاك ب"السريان-الآراميين" حصرًا، على مدى التاريخ، وبلغتهم السريانية وبالعلماء والأطباء والملافنة والكتاب "السريان". لذا، وانطلاقًا من هذه الأهمية، كان الأجدر بمَن أولوا مسؤولية جسيمة لكتابة دستور العراق الدائم، أن يقرّوا بأهمية التسمية "السريانية"، أساسًا للهوية المسيحية، الدينية والقومية، للمسيحيين في العراق والمنطقة قاطبة، لا أن يتجهوا إلى الفروع الطائفية التي تعني وتعنى بالطقوس، ليسَ إلاّ.
دعوة للعودة عن الخطأ ونحن اليوم كما بالأمس، إذ نعزو السبب في حصول هذا الخلل، إلى قلّة معرفة المواطن، ومنهم مَن تولّوا مسؤولية في الدولة العراقية الديمقراطية الفتية، وإلى جهلٍ وتقصيرٍ في معرفتهم بثنايا التاريخ وتقلّباته وحقائقه، ندعو الجميع وبقوّة للعودة عن الخطأ الذي اقترفه نفرٌ غير مسؤول، وطنيًا وأخلاقيًا وقوميًا ومذهبيًا. فقد أحدث مثل هذا الخطأ الجسيم في كتابة الدستور على عجالة، تمييزًا وبلبلة وتشرذمًا في صفوف المواطنين المسيحيين عامة، وزاد من الشرخ الطائفيّ التقليديّ القائم، حتى فتحِه سجالات ومناكدات في صفوفهم. فهؤلاء الجهلة بحقائق التاريخ، أيًا كانت مواردُهم ومراجعُهم، قد أوقعوا الأذى والظلم والحيف، من حيث يدرون أو لا يدرون، بقصد أو بغير تقصد، بشرائح واسعة تنتمي إلى الجماعتين المسيحيتين الأخريين المهمَّشتين، من أتباع الكنيستين السريانيتين التقليديتين، الأرثوذكسية والكاثوليكية. فقد جرى إقصاءُ أتباعهما في غفلة منهم في ذلك المؤتمر الذي لم يدم فيه الزواج التوفيقي بين الآشورية والكلدانية، إذ سرعان ما فاحت رائحة الخلافات بين الطرفين، في أيّ منهما ينبغي أن يعلو على الآخر في أصل التسمية القومية، التي ادّعى ويدّعي فيها الطرفان المتعصّبان أحقية أحدهما على الآخر. بل وراح أفرادٌ متعصبون من الجانبين في مغالاتهم، بفرض تسميته على الواقع المسيحي برمّته، والتي عدّها كلٌّ منهما شأنًا مقدّسًا لا يمكن التجاوز عليه أو استبدالُه أو المسّ به. لكنّ ما يُبنى على باطل، يبقى باطلاً. وهذا سبب العنجهية والتعصّب الفاضح لكلّ من الطرفين المتصارعين لغاية الساعة. وقد زاد منه ثقلاً وتعصّبًا، تشكيل الرابطة الكلدانية مؤخرًا، مستفيدة من موقع رئيس كنيستها غبطة البطريرك لويس ساكو، ذي الكاريزما والكلمة المسموعة والخطاب الرعوي المنفتح على الجميع، والذي وضع نفسَه مضطرًا، بين فكّي كمّاشة المتعصبين قوميًا في الداخل والخارج، ووسط نيران اشتعلت بسبب الهوية القومية ولا يريدُ البعض انطفاءَها. وهذا حصل له مكرَهًا، بالرغم من محاولاته التوفيقية الكثيرة ودعواته المتعددة لجميع الأطراف للتوافق على "تسمية توافقية موحدة تحترم الجميع وتحافظ على حقوق جميع المسيحيين وتمثيلهم، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة حيث بدأت تكثر أصوات الانقسام والتعنت والتشرذم"، بحسب ما أدلى به غبطتُه مؤخرًا، في لقائه مع وزيرة الإعمار والإسكان والبلديات، العراقية المسيحية "السريانية" الأصيلة، آن أوسي، يوم الأحد 9 تشرين أول 2016. وبصدد هذا التصريح حول ارتفاع أصوات الانقسام والتعنت والتشرذم، لا بدّ من كلمة وتوضيح، أرجو قبولَه بكل رحابة صدر من الجميع. فقد سبقَ غبطتَه، جهاتٌ أخرى أقحمت نفسَها في الإدلاء برأيها وبامتعاضها من مطالبة جماعة "السريان" بحقهم في تضمين وذكر مكوّنِهم في الدستور وفي البطاقة الموحدة، أسوة بأشقائهم من الكلدان والنساطرة "الآثوريين". وفي هذا حقٌّ ينبغي على الجميع دعمَه، تمامًا كما فعلَ ذلك في مقدمتهم أصحابُ الغبطة لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية نفسُه، ومار كوركيس صليوا بطريك كنيسة المشرق الآشورية، عطفًا على مطالبات سينودسي الكنيستين السريانيتين في العراق وسوريا ولبنان عبر رسائل رسمية وجهها بطاركتُها للرئاسات الثلاث بالعراق بهذا الخصوص، وتلبية لما قام به نشطاء في روابط وجمعيات ومنظمات سريانية، في الداخل والخارج، تصبّ كلّها بضرورة إنصاف مكوّن "السريان" وتضمين تسميتهم في الدستور وفي البطاقة الموحدة. وللتذكير فقط، فقد سعت شخصيات سريانية في ذات الاتجاه منذ بروز التحزّب والتعصّب بعد السقوط الدراماتيكي مباشرة، ولكن من دون جدوى، بسبب مواقف ثابتة وإقصائية ومتعنتة من أطراف مسيحية ونواب آنذاك، بطرح كلّ من أتباع الاتجاهين، الكلداني والنسطوري "الآثوري" لما يصرُّ عليه. وللتذكير فقط، فقد طالني شخصيًا، تهديد كلاميّ من واحدٍ من أعضاء الجمعية الوطنية في عام 2004، بسبب إصراري على التسمية "السريانية" وعلى ذكر "السريان" في جميع اللقاءات التي شاركتُ فيها ضمن نشاطي في صفوف المنظمة التي كنتُ واحدًا من مؤسسيها والقياديّين فها. كما لم نغفل عن هذا الخطأ الحاصل عندما كنّا نشطاء في مجلس إدارة "المجلس القومي الكلدو-آثوري" المنبثق عن المؤتمر الخائب الأول في 2003، وتمكنا حينها من إضافة تسمية "السرياني" إليه، كخطوة متقدمة باتجاه تضمينه في الدستور لاحقًا. لكنّ إصرار النواب المسيحيين الذين كنا نستضيفهم حينذاك لهذا الغرض في مقر المجلس المنحلّ في بغداد، على الخطأ وتعصّب كل طرف لطائفته وجماعته، لم يفضي إلى نتيجة. وحسنًا، فعل النائب الكلداني نوري بطرس عطو، وهو واحد من أعضاء لجنة صياغة دستور العراق بالجمعية الوطنية في 2005، باعترافه بالغبن الذي طالَ مكوّنَ السريان، وكان هو أحد الأسباب في حصوله بطريقة أو بأخرى. وكنتُ قد التقيتُه مراتٍ عديدة في فترة عضويته، وتناقشنا بهذا الصدد من دون نتيجة، لأنه كما اعترف لاحقًا، كان يجيد قولَ ما يُلقّنُ عليه من الجهة التي ينتمي إليها ويصرُّ عليه في وجه غريمه الآثوري.
|