دولة الخلافة المزعومة وحلم السلطة المفقود


دولة الخلافة الإسلامية المزعومة  ،الأكذوبة الكبرى تاريخيا التي يروج لها  ما يسمى تنظيم داعش الإرهابي والذي برز كأسم وعنوان جديد  بتنظيم الدولة  بعد انفصال بعض من قياداته عن تنظيم القاعدة الأم،   وتأسيس هذ التنظيم الخطير المعروف  بدولة الخلافة  والذي تشكل،  أساسا كقوة صاعدة في المنطقة  لمواجهة الحكومة السورية واعتبارها رمزا من رموز الرافضة ووقوفه الى جانب الجماعات المسلحة المعارضة للنظام  ولعل من اهم عوامل  انتشاره وتمدده هو لمواجهة الدولة الشيعية الجديدة في العراق،وكما يطرحها التنظيم  بقضية العدو القريب  وكما يتصورها بالحكومة الموالية والمحكومة من إيران.الصفوية حسب ادبياته التي يطرحها وافكاره التي يطرحها لتكريس عداءه ضد الشيعة   وقد ساعده على ذلك  السلوك المنحرف  والعدائي من خلال دعم وتحريض بعض  دول الجوار و ساسة العراق الطائفيين  الذين روجوا للخطاب التحريضي من خلال استخدام لغة الإقصاء والتهميش والظلم الذي تعرض له السُنة في العراق إبان الاحتلال الأميركي. واستمر لعقد ونيف طيلة فترة الحكومات المتعاقبة، يقابله الخطاب الطائفي الآخر المتشدد والمتزمت والذي جعل من هذا التنظيم يفكر  في تأسيس دولته المزعومة في حواضنه  التي توفر له الحماية والملاذ ونقطة الانطلاق  لعملياته الإرهابية ومشاريعه التوسعية في التمدد
كما أنه وخلافا لتنظيم القاعدة -الذي كان يؤمن بتأسيس دولة الخلافة الإسلامية المستقبلية بشكل تدريجي، كهدف مستقبلي يأتي بعد إضعاف وإنهاك العدو البعيد انتهج سياسة أخرى تجعل من تأسيس دولة الخلافة هدفا آنيا لتوفر عوامل تحققها حسب اعتقاده.
وفي سبيل ذلك التزم منهجية قتالية تعرف بإستراتيجية البقاء والتمدد، والسيطرة والتوسع والسيطرة بداية على المناطق السنية، كحواضن امنة لها ونقاط انطلاق مستغلا استعدادها لذلك نتيجة تضررها من سياسة الحكومة  وفقدان السلطة مع التوسع والتمدد الأفقي في المجتمع العراقي وفق منهجية تفرض عليه العمل مع المجتمعات المحلية المسيطر عليها في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبعد عامين من إعلان دولة الخلافة المزعومة بعد ظهور زعيم التنظيم الإرهابي ، المدعو أبو بكر البغدادي، وهو يعتلي منبر الجامع الكبير بمدينة الموصل كدلالة على قوة التنظيم الإرهابي ورمزية الاعلان لما فيه من دلالة اسلامية لشرعنة هذه الخلافة  السوداء واعلانه سيطرته الفعلية على الأرض او بما اسماها دولة الخلافة السوداء  التي تم الإعلان  عنها على دماء الابرياء وهتك اعراض النساء  وما قامت به مرتزقة دولته المزعومة من جرائم انسانية كبرى  وبصمة عار على جبين هذا التنظيم  الإرهابي الذي استخدم  شعار الإسلام وراية الإسلام  واتخذ من دستوره  احكاما وقوانين شرعية  في  خلافته السوداء  فسرها كما يشاء لبسط قوانينه بالقوة والأكراه والتي كبدت الناس الابرياء خسائر فادحة بالارواح والاعراض والممتلكات نتيجة إحكام قبضة هذا التنظيم سيطرته على مدينة الموصل وفرض سلطته بالقوة وبكل أساليب  القتل والقمع  والبطش والتعذيب على كل معارضيه  ومخالفيه  لنظامه وقوانينه الجائرة والا إنسانية والتي لا تمت بصلة إلى الإسلام  الدين الحنيف. وتعاليمه السمحاء

وبعد قرابة عامين من هذا المشهد واجتياح تنظيم الدولة لثاني اكبر مدن العراق وتدمير تراثها وحضارتها وبعد كل المجازر التي ارتكبها وكل الممارسات الشنيعة التي مارسها التي لا تمت للأخلاق ولا للدين بصلة بكل ولاياته المزعومة ودولة خلافته المزعومة المتهاوية التي لا ترتبط بواقع خلافة  اسلامية او حكم او ادارة  منتخبة بأي شكل من اشكال البيعة او العقد  مع الرعية  لشرعنة سلطتهم الا شرعية  على المناطق التي تقع تحت سيطرة هذا التنظيم او الجماعة الإرهابية التي استباحت الأرض والإنسان والأوطان وجعلت من تلك المناطق مناطق الجحيم  والفوضى والاضطراب ،ولايجوز بأي شكل من الاشكال ربطه بالإسلام.ولا بمقومات الدولة الاسلامية  والخلافة الاسلامية التي كانت في عهد النبي محمد عليه واله السلام منارا واشعاعا للحق والفضيلة وصلاح الانسان واحترام الاديان والانسان وان الربط بمفهوم الخلافة الاسلامية الحقيقية ودعاة الارهاب والتطرف باقامتها وفق منظورها الالهي وتجربتها ومقوماتها  لا يجوز تصديق ادعاءاتهم  الباطلة و.تعد كبرى الجرائم التي لا تغتفر والتي تسيء الى مفهوم الاسلام ورسالته ،

فقد تعددت وتنوعت اشكال التنظيم و مخالفاته  القانونية والانسانية والفكرية والدينية  وخروجه عن الخط الإسلامي شرعا وقانونا  وافتقاره الى اسس وضوابط تشكيل نظام الدولة الحقيقي القائم على مبدأ العدل والمساواة ، فالدولة نظام سياسي تحكمه تشريعات وقوانين تنظم حياة الأفراد وترعاهم وتحقق مصالحهم. كما أن الدولة تقدم خدماتها لأفراد المجتمع  وتنظم الشؤون الإدارية الاجتماعية والدينية دون تفرقة عنصرية أو دينية .فما الذي قدمته دولة الخلافة المزعومة في مناطق سيطرتها؟

سوى  قتل الناس بالاسواق واستباحة اعراضهم وتشريدهم  واشاعة الفوضى والتطرف والاضطهاد لكل الديانات والطوائف الاخرى وجعلهم  تحت رحمة سيوفهم وقطع ارقابهم في وضح النهار

وبالرغم من كل وسائل الدعم اللامحدود  التي تقدمها بعض الدول الداعمة للارهاب الا ان هذا التنظيم  او بما تعرف دولة الخلافة المزعومة بدأت تتهاوى أركان دولتهم المزعومة  الباطلة ولا تظن الله غافلا عما يفعل المجرمون . انما الله يمدهم في طغيانهم وفي طغيانهم انكسارهم وهزيمتهم  لا محال،ويوما بعد يوم  وهو يكشف عن وجهه القبيح المتهالك وتزداد حجم خسائره  وتضعف قوة مؤيديه  رغم انه نجح أيديولوجيا من خلاله قدرته  وتأثيره على التجنيد التي فاقت كافة الجماعات الأخرى رغم الرقابة الشديدة المفروضة على نشاطه الإلكتروني ونشاطاته الأخرى وتحركاته ، ان التنظيم يتعرض الى خسائر فادحة وكبيرة جدا ويتعرض  إلى ضغوط  دولية شديدة  بعد التحالفات الدولية  الكبرى لمواجهة هذا التنظيم   أجبرته على التراجع عسكريا وأن يصبح في موقف الدفاع بدلا من الهجوم وان التنظيم فقد عددا كبيرا من قادة الصف الأول، الذين هندسوا هيكل التنظيم وكانوا وراء تحقيق مكاسبه
ففي ليبيا، يتقهقر التنظيم في مدينة سرت، شمالي البلاد، أمام القوات الموالية للحكومة مع تمكن الأخيرة من السيطرة على ميناء المدينة، الذي كان تحت سيطرة التنظيم
وتعتبر مدينة سرت معقل التنظيم في ليبيا، وأكثر مناطق نفوذه خارج سوريا والعراق.
وعلى الجبهة السورية، يتعرض التنظيم إلى هجومين متزامنين أحدهما من قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والآخر من القوات الحكومية المدعومة من روسيا.
وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية ذات الأغلبية الكردية  من قطع خط إمداد التنظيم .

وفي اليمن تتكبد التنظيمات الإرهابية خسائر فادحة في مناطق التواجد من المدن الجنوبية وخصوصا بسبب الغارات الكثيفة التي تشنها دول التحالف التي اودت بمقتل الكثيرين من قادة ومقاتلين التنظيم  
وفي العراق، تحاصر القوات الأمنية  وفصائل داعمة لها من الحشد الشعبي  اضافة الى الجهد الدولي  مدينة الموصل وتحقق تقدما ملحوظا تمهيدا لاقتحامها وتحريرها بعد انحساره تدريجيا وتراجعه الى المدينة وبعد فشل محاولته الأخيرة ومناورته البائسة بزج عناصره من الانتحاريين  الى مدينة كركوك و شن هجوما غرب المدينة على مقرات البيشمركة  صباح الجمعة في الوقت التي تواصل فيه القوات العراقية عملياتها لاستعادة مدينة الموصل.

ظهور فصائل مسلحة في الموصل تستهدف مقرات التنظيم وتجمعاته بالاضافة الى مساعدة الاهالي للقوات الأمنية وتزويدهم بالمعلومات الاستخبارية مما يشكل ضغطا وعاملا لانهزامه القريب بعد خسارته لقواعده وحاضناته على الأرض
رغم ان ا لتنظيم سيدافع بشراسة عن معقليه الرئيسيين في الرقة والموصل حسب مايراه المحللون والخبراء حيث يوجد زخمه ومجتمعه والاعداد الأكبر من مقاتليه  وبما يعتبره ان الموصل تشكل له رمزية خلافته المزعومة لذلك سيسعى جاهدا للمحافظة  على هذه الرمزية .ولكن واقعيا نرى ان هذا التنظيم غير قادر على الاحتفاظ بمسك الارض امام ضربات وهجمات القوات العراقية والحشد الشعبي على خلفية نزعتهم الثورية والثأرية من فلول هذا التنظيم المتطرف والذين اثبتوا جدارتهم وانتصاراتهم الكبيرة على هذا التنظيم واجبروه على الفرار والانسحاب من كل الأراضي المحررة وفي كل المعارك التي اجبرته على الهروب والأنسخاب من المواجهة واستخدامه اساليب اخرى للقتال بعيدا عن اسلوب المواجهة  لفقدانه  عنصر التكافؤ والتفوق  القتالي  امام قدرات وتنظيم الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي ، وفقدانه ايضاعامل الثقة بالنصر نتيجة هزائمه المتلاحقة وفقدانه ثقة وتعاون القاعدة السكانية التي باتت ترفض وجوده  نتيجة الضرر الحاصل بتواجده  على مناطقهم .
لقد خسر تنظيم الدولة الإسلامية خلال الأشهر الماضية قرابة نصف الأراضي التي كانت تحت سيطرته في العراق ونحو ربع التي كانت في سوريا، فضلا عن معظم مدينة سرت التي كانت بأكملها تحت سيطرته
وفقد التنظيم منذ مطلع العام الماضي عدة مواقع في سوريا، أهمها عين العرب كوباني  وتل أبيض والحسكة، إضافة إلى مدينة تدمر الأثرية. ولا يختلف الوضع في العراق، إذ خسر مدينة ديالى و تكريت وسنجار وبيجي، إضافة إلى الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار.ومدينة الفلوجة معقله الأخير والذي تكبد فيها خسائر فادحة  وفر خائبا مدحورا أمام ضربات القوات العراقية والحشد الشعبي الصاعقة