السيادة الوطنية في العلاقات الدولية

مركز عراق المستقبل للدراسات والبحوث

يمثل مفهوم السيادة الوطنية مثلا أعلى في دساتير الدول وتشير اليه بصورة واضحة بمصطلحات

( الاستقلال ، وحدة أراضي البلاد ، وحدة الشعب ، الخيانة العظمى ، الدفاع المقدس او الدفاع الوطني ) وفي أدبيات الدول يكون الخطاب السياسي لها حديا يشعر الراي العام أن الامر جدا خطير حين يكون الحديث عن السيادة الوطنية ، وفي الممارسات العملية حين يتجاوز جندي واحد من دولة مجاورة رافعا علم بلاده على هذه الدولة المستقلة تأخذ القضية أبعادا خطيرة تبدا بمذكرة احتجاج واستدعاء للسفير ثم سحب سفير الدولة وهكذا تتصاعد المواقف فتصبح لدينا قضية اسمها ( ازمة سياسية ) وتتدخل الدول لاحتواء الازمة. ان لم تُحل بالطرق الدبلوماسية عند ذاك تُقرعُ طبول الحرب . هذا المفهوم يتم التعامل معه بشكل حدي في العلاقات الدولية ولذلك نجد أن أهم اسباب اندلاع الحروب هو التجاوز على حق سيادة الدول من قبل دول مارقة كما فعلت المانيا النازية حين رأت أن مؤتمر باريس 1919 والذي بموجبه خسرت المانيا القيصرية مساحات من أراضيها وفق نتائج معادلة انهاء الحرب العالمية الأولى 1914. نتيجة منطقية أن العالم بحث عن صيغ أكثر عقلانية وواقعية لتحقيق الامن والسلم العالميين فجاءت الامم المتحدة بمؤسساتها ومواثيقها لتفرض مايٌعرف بالارادة الدولية وان كان ذلك يستدعي تطبيق البند السابع اي استخدام القوة المسلحة لاجبار اي دولة تقوم بعمل عدواني من شأنه احتلال دولة ذات سيادة وقد تجلى ذلك بشكل واضح عام 1990 حين احتل العراق دولة الكويت. اليوم تتوالى التصريحات العدوانية السافرة من قبل القيادات التركية تجاه السيادة الوطنية للعراق بعد أن فرضت تركيا سياسة الامر الواقع بانتهاك سيادة العراق الوطنية من خلال ادخال قوات عسكرية تركية باتجاه مدينة الموصل تحت ذريعة مقاتلة مرتزقة داعش . السؤال الذي أُثير هل هناك سند قانوني تركي لهذا الانتهاك؟ ماهو الوقف العراقي الرسمي ؟ هل العراق يمارس حقه الدستوري والقانوني في ممارسة حقه السيادي على كامل اراضيه؟ هنا نحتاج الى وقفة ومراجعة تحليلية للعراق الجديد بعد العام 2003 كي تكون الصورة واضحة لدى الرأي العام. الدولة تُبنى على أساسين مهمين هما الاقتصاد والقوة ومصدر السلطات المخولة للدولة في ذلك هو الشعب. من هنا تكون شراكة وعلاقة متبادلة بين ممثلي الشعب ممن انتخبوا يقومون بتأمين مصالح ناخبيهم من خلال مايعرف بالتشريعات والمصادقة عليها . الامن الوطني ، الوحدة الاجتماعية ( الوطنية ) ، الخدمات العامة ، من اهم مطالب الشعب وهو جزء اساسي من مباديء حقوق الانسان . الان نأخذ ما أشرت اليه لنضعه على شكل نقاط في التحليل.

• الاقتصاد


• القوة


• البرلمان


• التشريعات


• الامن الوطني


• الوحدة الوطنية


• الخدمات العامة

أين يقف العراق من تلك النقاط أعلاه؟ هل يملك اقتصادا قويا ؟ هل لديه قوة عسكرية توازي الدول المجاورة المهمة كايران ، تركيا ، السعودية؟ هل لدينا برلمان يمثل الارادة الوطنية للشعب العراقي ويشرع القاونين المهمة التي تمس واقع المواطن اليومي في الامن والخدمات؟ الجواب البسيط المؤلم كلا والف كلا . نعود الى الازمة التركية الخطيرة وهي تذكرنا بالمانيا النازية التي رأت في اتفاقية باريس 1919 اجحافا بحقها ولذلك اندلعت الحرب العالمية الثانية ، اليوم نفس المواقف تأتي من تركيا وعلى لسان رئيسها أردوغان الذي اعتبر اتفاقية باريس اجحافا بحق تركيا( الامبراطورية العثمانية ) ومع تصريحاته انطلقت النوايا الداخلية فهي نوايا مبيتة ذات أطماع توسعية أضعها أمام الرأي العام والدبلوماسية العراقية الفاشلة بكل المقاييس.

الحزب الحاكم في تركيا ذات توجه اسلامي أخواني هو جزء من حركة الاخوان المسلمين العالمية ومشاريعهم التوسعية تلتقي مع اطماع أجدادهم العثمانيين باقامة امبراطورية اسلامية بصبغة علمانية متحالفة مع اسرائيل والحلف الاطلسي . مدينة الموصل وداعش ( العدو الافتراضي ) للولايات المتحدة هي شماعة وطعما مسموما ابتلعه سنة العراق ، بينما شيعة العراق فهم المعادلة الأضعف في الموازين والعلاقات الدولية ولاشان لهم بايران من حيث القوة والسيادة القومية لها ، فايران تبحث عن مصالحها القومية اولا وقبل كل شيء. كذلك اعادة رسم المعادلة التركية في العراق من خلال مدينتي الموصل وكركوك سيخلق قوة عسكرية حليف قوي للمعسكر الغربي ضد التحالف الأيراني الروسي. طبعا المملكة العربية السعودية ستكون البقرة الحلوب لهكذا مشروع جديد تفرضه القوة العسكرية والسؤال هل ستتدخل ايران عسكريا لأسقاط هكذا مشروع افتراضي؟

ان مقالنا هذا جزء من رؤيتنا لمفهوم المشروع الوطني الذي نحن بامس الحاجة اليه في العراق والمنطقة كذلك فالخاسر الاكبر سيكون العرب الشيعة والكرد. لآن أهم العقد التركية في المنطقة هي العقدتين الكردية والعربية الشيعية. بينما العرب السنة فطائفيتهم المقيتة ستحرقهم في مصر والموصل وسوريا وربما لبنان أيضا وبعض من دول المغرب العربي. عراقنا بلا سيادة لأنه بلا قيادة وموقفه جدا ضعيف في العلاقات الدولية.