مظاهرات حسن باجة

لقد‭ ‬اثبتت‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬والحركات‭ ‬الطلابية‭ ‬بأن‭ ‬طوال‭ ‬القامه‭ ‬اهل‭ ‬لتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الشعوب‭ ‬وهذه‭ ‬الحركات‭ ‬،‭ ‬فلا‭ ‬يصلح‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬نص‭ ‬ونص‭ ‬او‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬لقيادة‭ ‬اي‭ ‬تظاهرة‭ ‬طلابية‭ . ‬

كنتُ‭ ‬في‭ ‬الصق‭ ‬الأول‭ ‬ابتدائي‭ ‬حين‭ ‬خرجت‭ ‬في‭ ‬اول‭ ‬مظاهرة‭ ‬طلابية‭  ‬يقودها‭ ‬اطولنا‭  ‬المدعو‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬باجة‭ ‬‮«‬‭ ‬وكانت‭ ‬المظاهرة‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬ثم‭ ‬اصبحت‭ ‬عادة‭ ‬تتجدد‭ ‬كل‭ ‬خميس‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬يوم‭ ‬يسبق‭ ‬العطلة‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يقودنا‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬باجه‭ ‬‮«‬‭ ‬منشداً‭ ‬‮«‬‭ ‬باجر‭ ‬عطلة‭ ‬باجر‭ ‬عطلة‭ ‬تي‭ ‬ري‭ ‬را‭ ‬‮«‬‭ ‬ونحنُ‭ ‬نهتف‭ ‬خلفه‭ ‬ونطبل‭ ‬على‭ ‬كتبنا‭ ‬‮«‬‭ ‬باجرعطلة‭ ‬باجر‭ ‬عطلة‭ ‬تي‭ ‬ري‭ ‬را‭ ‬‮«‬‭ ‬ثم‭ ‬يتدخل‭ ‬طويل‭ ‬اخر‭ ‬ليقول‭ :- ‬نلعب‭ ‬دعبل‭ ‬نلعب‭ ‬دعبل‭ ‬تي‭ ‬ري‭ ‬را‭ … ‬وطويل‭ ‬اخر‭ ‬يقول‭ :- ‬نلعب‭ ‬طوبه‭ ‬نلعب‭ ‬طوبة‭ ‬تي‭ ‬ري‭ ‬را‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬نحن‭ ‬نردد‭ ‬خلفه‭ ‬ابتهاجا‭ ‬بقدوم‭ ‬يوم‭ ‬الجمعه‭  ‬،‭ ‬في‭ ‬احد‭ ‬اﻷيام‭ ‬دخل‭ ‬مدير‭ ‬مدرستنا‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬العصا‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الثورية‭ ‬قائلا‭ :- ‬وصلنا‭ ‬كتاب‭ ‬من‭ ‬مديرية‭ ‬التربية‭ ‬يمنع‭ ‬اي‭ ‬مظاهرة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مظاهرات‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬حسن‭ ‬باجه‭ … ‬لم‭ ‬نر‭ ‬بدا‭ ‬من‭ ‬الاستجابة‭  ‬للاوامر‭  ‬اﻷدارية‭ ‬وكنا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬اﻷحيان‭ ‬نقوم‭ ‬بهذه‭ ‬الفعالية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المدرسة‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬بيوتنا‭. ‬طبعا‭ ‬السلوك‭ ‬الجمعي‭ ‬غير‭ ‬محسوب‭ ‬دائما‭ ‬إذ‭ ‬يتصرف‭ ‬الفرد‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يملي‭ ‬عليه‭ ‬اﻷخرين‭ ‬فهو‭ ‬واقع‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الجماعة‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ .  ‬لقد‭ ‬استغلت‭ ‬الدولة‭ ‬انذاك‭ ‬تلك‭ ‬الطاقة‭ ‬الشبابية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬داخلنا‭ ‬وادركت‭ ‬بأننا‭ ‬نحب‭ ‬الهتاف‭ ‬والتطبيل‭ ‬فقامت‭ ‬بتحويل‭ ‬مظاهرات‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬باجة‭ ‬‮«‬‭ ‬الى‭ ‬مظاهرات‭ ‬سياسية‭ ‬برعاية‭ ‬الدولة‭ ‬يقودنا‭ ‬مدير‭ ‬المدرسة‭ ‬والرفيق‭ ‬الحزبي‭ ‬الذ‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬باجة‭ ‬‮«‬‭ ‬ولأننا‭ ‬ورثنا‭ ‬نظرية‭ ‬المؤامرة‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬جعبتنا‭  ‬تهم‭ ‬جاهزة‭ ‬للاخرين‭ ‬كانت‭ ‬تهمة‭ ‬الخيانة‭ ‬والعمالة‭ ‬هي‭ ‬اسرع‭ ‬تهمة‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نلصقها‭ ‬بأي‭ ‬عدو‭ ‬لنا‭ .  ‬خرجنا‭ ‬مظاهرة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬نتهم‭ ‬فيها‭ ‬ملك‭ ‬خالد‭ ‬بالعمالة‭ ‬و‭ ‬هتفنا‭ ‬ضده‭  ‬‮«‬‭ ‬ملك‭ ‬خالد‭ ‬يا‭ ‬جبان‭ ‬يا‭ ‬عميل‭ ‬الامريكان‭ ‬‮«‬‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬تحول‭ ‬نفس‭ ‬الهتاف‭ ‬الى‭ ‬ملك‭ ‬حسين‭ ‬وبعده‭ ‬حافظ‭ ‬اسد‭ ‬مع‭ ‬ان‭ ‬حافظ‭ ‬اسد‭ ‬معروفا‭ ‬عنه‭ ‬انه‭ ‬موالياً‭ ‬لروسيا‭ ‬لا‭ ‬لامريكا‭ ‬ولم‭ ‬يسلم‭ ‬حتى‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬جعفر‭ ‬النميري‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الهتاف‭ ‬فقد‭ ‬هتفنا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬‮«‬‭ ‬يا‭ ‬نميري‭ ‬يا‭ ‬جبان‭ ‬يا‭ ‬عميل‭ ‬الامريكان‭ ‬‮«‬‭  ‬كان‭ ‬لأنور‭ ‬السادات‭ ‬حصة‭ ‬الاسد‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المظاهرات‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تقريباً‭ ‬نهتف‭ ‬‮«‬‭ ‬يا‭ ‬سادات‭ ‬يا‭ ‬جبان‭ ‬يا‭ ‬عميل‭ ‬الامريكان‭ ‬‮«‬‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭  ‬الايرانية‭ ‬وفي‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬القذافي‭ ‬والاسد‭ ‬حصة‭ ‬متساوية‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الهتاف‭ . ‬مرت‭ ‬سنوات‭ ‬و‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬وعندما‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬اﻷعدادية‭ ‬خرجنا‭ ‬مظاهرة‭ ‬عشوائية‭ ‬شبيهة‭ ‬بمظاهرات‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬باجة‭ ‬‮«‬‭ ‬وكان‭ ‬يقودنا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭  ‬أطولنا‭ ‬‮«‬‭ ‬عباس‭ ‬الطويل‭ ‬‮«‬‭ – ‬وكان‭ ‬اسماً‭ ‬على‭ ‬مسمى‭ – ‬بمناسبة‭ ‬أنطلاق‭ ‬القمر‭ ‬عريسات‭ ‬وكانت‭ ‬هوستنا‭ ‬،‭ ‬عدنه‭ ‬قمر‭ ‬عربسات‭ … ‬عدنه‭ ‬قمر‭ ‬عربسات‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬طرفة‭ ‬عين‭ ‬وقفت‭ ‬سيارات‭ ‬النجدة‭ ‬تحذرنا‭ ‬من‭ ‬التظاهر‭ ‬حتى‭ ‬وأن‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬قوميا‭ ‬بحتا‭ ‬مثل‭ ‬اﻷبتهاج‭ ‬بأنطلاق‭ ‬اول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عربي‭ . ‬ما‭ ‬اريد‭ ‬قوله‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬زلنا‭ ‬نلصق‭ ‬تهمة‭ ‬الخيانة‭ ‬والعمالة‭ ‬لأي‭ ‬عدو‭ ‬لنا‭ ‬حتى‭ ‬انني‭ ‬اتذكر‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬خرجنا‭ ‬بعد‭ ‬التغيير‭ ‬بمظاهرة‭ ‬ضد‭ ‬السياسة‭ ‬الامريكية‭ ‬اتجاه‭ ‬العراق‭ ‬ووجدتُ‭ ‬نفسي‭ ‬اهتف‭ ‬مع‭ ‬الاخرين‭ ‬‮«‬‭ ‬بوش‭ ‬بوش‭ ‬يا‭ ‬جبان‭ ‬يا‭ ‬عميل‭ ‬الامريكان‭ ‬‮«‬‭ ‬ولا‭ ‬استبعد‭ ‬ان‭ ‬تخرج‭ ‬مظاهرة‭ ‬اخرى‭ ‬تهتف‭ ‬‮«‬‭ ‬اوباما‭ ‬يا‭ ‬جبان‭ ‬يا‭ ‬عميل‭ ‬الامريكان‭ ‬‮«‬‭ ‬