المرأة التي تغلبت على العبادي



 بدأ العبادي " اصلاحاته"  بقطع الرواتب و إيقاف صرف التقاعد و تهديد الموظفين بإجازة اجبارية، مع عجز العبادي المطلق عن تقديم التقرير السنوي الختامي لميزانية عام 2015 و قوامها 105 مليار دولار، بالاضافة إلى عجزه عن تقديم التقرير النصف سنوي لنفس العام. و ها نحن نقرب من نهاية عام 2016 دون أن يقدم العبادي التقرير الختامي أو النصف سنوي لصرف ميزانية العراق لعام 2016، و قوامها 92 مليار دولار.

لم يسلم منصب واحد من "اصلاح" العبادي حيث ألغى العبادي منصب نواب رئيس الجمهورية – رغم إن ذلك ليس من صلاحياته- ثم منصب نواب رئيس الوزراء ثم الوزارات البيئة و العلوم و المرأة. ففي حين طالب المتظاهرون بالابقاء على وزارة البيئة لكن العبادي أهمل طلبهم . نجم عن إلغاء وزارة البيئة اجتاح وباء الكوليرا للبلاد فلا رقابة على المياه. أما وزارة العلوم و التكنولوجيا و التي شُلمت بالالغاء -فلا حاجة للعراقيين للعلم و المعرفة و التكنولوجيا- ليتوقف برنامج الحكومة الالكترونية الذي كانت تقوده الوزارة لتسهيل المعاملات اليومية و جعلها الكترونية. لكن الِعلم مرض يجب على العبادي أن يقي العراقيين شره و غيرها.

 بل إن العبادي أحال 448 ضابطا من ضباط الداخلية على التقاعد لأن عجلاتهم تكلف الدولة بانزين، و ثاني دولة النفطية في العالم غير قادرة على دفع ثمن البانزين، و يجب على الضباط أن يدفعوا ثمن البانزين من رواتبهم. لكن المشكلة أن العبادي لا يصرف الراتب. علماً أن الضباط الذين تم تعيينهم في مكان المحالين على التقاعد لا يكلفون الدولة بانزين، لأنهم يأتون للعمل مشيا على الاقدام و عند منادتهم للذهاب إلى موقع الجريمة يذهبون مشيا ً أيضاً و يصلون بعد سنة هذا إن وصلوا. ليعقب طرد الضباط  إنهار أمني مريع حيث ضربت تفجيرات نوعية منطقة الكرادة و غيرها من المناطق.

بعد ذلك طرد العبادي 132 مدير عام و وكيل وزير من الخدمة دونما تبرير، علماً إن طرد الموظف من الخدمة و حتى إحالته على التقاعد لها ضوابط قانونية و لا تتم اعتباطا و بين ليلة وضحاها. لكن العبادي أكتفى بالقول أنهم فسادون و أنه يحارب الفساد.

الغريب إن العبادي لا يشمل نفسه أو حزبه بالحرب على الفساد. فالعبادي يستلم رشاوي عن عقود عراقنا أو سراقنا كما يعرفها الناس في الشارع العراقي منذ عام 2003، و حزب الدعوة ينهب ميزانية الدولة العراقية. و مع ذلك فالعبادي يحاسب غيره على اعتبار انهم فسادون دون دليل، دون سؤال، دون حتى فرصة للدفاع عن النفس. يكفي كلمة العبادي في هذه المسألة.

فالرشوة محصورة برئيس الوزراء و حكر عليه و على حزبه. و لأنهم مرتشون فيحق لهم محاسبة الشرفاء. فهو وحزبه لا يخضعون لقانون العقوبات النافذ و لا يتحملون إي مسؤولية. لكنهم يتهمون الشرفاء يمنيا و يسارا بالفساد.

هذه هي اصلاحات العبادي التي نجم تخريب الدولة العراقية مما إدى إل انهيار الأمن فالتفجيرات التي ضربت الكرادة مثلت ضربة نوعية لقوات الأمن التي عجزت عن التصرف بعد طرد قياداتها بل إن وزير الداخلية استقال – على الأقل لديه حس وطني و شعور بالمسؤولية - موضحاً أنه طالب و لمرات عديدة  العبادي بالدعم و المساعدة دونما أستجابة من العبادي لأنه مشغول بأقصاء من يخشاهم و هو يخشى الجميع— و لحد هذه اللحظة حكومة العبادي غير مكتملة فالوزراء أما استقالوا أو رشقوا أو دمجوا أو ....أو...الخ. فلا أحد يمكن أن يعمل مع شخص يتخبط يميناً و يسارا تارة باسم الاصلاح و تارة باسم كلفة البانزين ثم الحق الحصري بالرشوة و غيرها.

هل العراق الدولة الوحيدة في العالم التي تعاني من تحديات و أنظمة الحكم فيها بحاجة إلى اصلاح؟ كلا بالتاكيد. لقد واجهت تشيلي -دولة نامية مواردها لا تصل إلى نصف موارد العراق- في ظل نظام الدكتاتور بنوشيه تحديات مماثلة لما واجهه العراق  تحت حكم الدكتاتورية المقبورة من مقابر جماعية و تعذيب و انتهاك لحقوق الانسان. أنزلقت بعدها تشيلي الى حرب أهلية و انعدام الاستقرار الداخلي. لكن الشعب في عام 2006 أنتخب السيدة ميشيل باتشليت رئيسة للبلاد. لتقوم الرئيسة باتخاذ جملة من الاجراءات نجم عنها استقرار البلاد و إيقاف الاحتقان الداخلي.

ففي أول إجراء اصلاحي لها قامت السيدة باتشليت باصلاح نظام التقاعد في البلاد لتضمن 60% من أخر راتب تقاضاه المواطن و بغض النظر عن الاستقطاع التقاعدي أو مساهمة المتقاعد وذلك كحد أدنى للتقاعد. بل أنها شملت بالتقاعد كل معتقل سياسي و معتقلة سياسية  بل أنها منحت المعتقلة نسبة اضافية إذا كانت تعيل طفلا. كما قامت بضمان سهولة حصول المتقاعد على حقه عن طريق الايداع المباشر في حسابة المصرفي. كان هذا أول اجراء اصلاحي اتخذته الرئيسة عقب توليها الحكم مباشرة. حيث تقول الرئيسة انها تريد ضمان كرامة ابناء البلد و خاصة الفقراء و المحرمين. في إن العبادي في أول إجراء الغى الوزارات و طرد الضباط و المدراء و الوكلاء و حرم الناس من رواتبهم و تقاعدهم بل أن خبيره القانوني طارق حرب أفتي بحق الحكومة التلاعب بسلم الرواتب بهدف حرمان الموظفين و الاساتذة الجامعيين من رواتبهم و تخفيضها و استقطاعها!

في شهر نيسان من عام 2006 عمّت تظاهرات غاضبة قادها طلاب الجامعات شوارع تشيلي مطالبة بتحسين وضع التعليم العام. فقامت الرئيسة في حزيزان من نفس العام بتشكيل 81 لجنة من الطلاب المتظاهرين و الاستاذة و المعلمين والخبراء بالاضافة الى ممثلين من الاحزاب و الحكومة و مندوبين عن الطوائف المختلفة في المجمتمع و التي زارات المدراس و اطلعت على الوضع و قدمت تقريرها النهائي في عام 2009  بعد ذلك قامت الرئيسة بتوقيع و اقرار قانون اصلاح النظام التعليمي و تم تاسيس الهئية العليا للتعليم و التي عملت بكل جد لتحسين وضع التعليم و اصلحت المناهج ووفرت المسلتزمات التعليمية و ابنية المدراس.

فالرئيسة ميشيل باشليت لم تتخذ التظاهرات ذريعة للاطاحة بمنافيسيها و الغاء مؤسسات تخدم الشعب بل يسعى كل رؤساء العالم لأنشاءها. فالامارات العربية تجازوت مرحلة انشاء وزارة للبيئة و أخرى للعلوم لتقوم بانشاء وزارة للسعادة تهتم بالراحة النفسية للمواطنين. ليقوم العبادي و في القرن الواحد و العشرين بالغاء وزارات البيئة و العلوم و المرأة و غيرها. لكن العبادي لم يلغي قناة بلادي أو قناة آفاق اللتان تبثان لصالح حزب الدعوة و تمولان من ميزانية الدولة.

فالعبادي يهتم بثلاث اشياء فقط: الرشاوي التي يقبضها ثم الاطاحة بإي منافس ثم تمويل الحزب. و ليذهب العراقيون إل الجحيم.

 العبادي تولى وزارة الاتصلات في ايلول من عام 2003 ليقوم في نفس الشهر و عقب توليه المنصب باسبوع بتوقيع عقود عراقنا أو سراقنا و يقبض عنها رشوة مقدارها خمسة ملايين دولار و ليبع اجواء العراق بأبخس الاثمان و يبني ابراج الاتصالات التي تسبب السرطان للعراقيين باشعاعها العالي بل إن 6% من ريع العقد تذهب لأحد أعوان النظام الصدامي المقبور الذي زود النظام بالاسحلة الكيمياوية. هذه هي اصلاحات العبادي التي تتلخص في قبض الرشاوي و التخلص من المنافسين.

تحية أكبار و أجلال لرئيسة تشيلي السيدة ميشيل باتشلت التي مدت يد العون لكل مواطن و مواطنة بل شملت بحكمتها و انسانيتها الاطفال و الصغار.

أما العبادي فأقول له ليس من البطولة و لا الرجولة و لا المروءة  حرمان الشيوخ و المرضى و اليتامي و الفقراء و النساء و الارامل و المطلقات و المحتاجين من رواتبهم و تقاعدهم. فالمال مالهم و أنت أمين عليه لا أكثر و أقل لكنك تتصرف كأنك تملك  العباد و الاموال.

للعبادي أقول " و استفتحوا و خاب كل جبار عنيد "  و سوف يعود الحق لاصحابه عاجلا أم أجلا، لكن حقوق الناس التي انتكهتها و الاموال الحرام التي جمعتها تبقى سحت عليك إلى يوم يبعثون.

للعبادي أقول تفوقت عليك سيدة بحكمتها و حسن ادارتها. أتمنى أن تتعلم منها و لو الشيئ القليل و لكن "قست قلوبكم فهي كالحجارة أو أشد قسوة" لن نسامحك بحقوقنا و حقوق أولادنا فهي باقية في ذمتك. فالحق حق و لا يُعلى عليه. و لنا وقفة.