اليســو أزمة جديدة بين العراق وتركيا |
حذّر النائب عن كتلة المواطن النيابية وعضو لجنة النفط والغاز البرلمانية عزيز العكيلي من أزمة مائية وبيئية جراء ما تقوم به تركيا من مشاريع وسدود تنعكس سلباً على دول المصب، ولاسيما العراق. وكشفت لجنة الزراعة والمياه والاهوار في مجلس النواب ان الحكومة تتسم بالضعف تجاه ملفات المياه مع دول الجوار وخاصة تركيا،مؤكدةً ان وزارة الخارجية اشاحت بوجهها بعيداً عن هذا الملف،وتابع اننا نرى الحكومة ضعيفة جدا باتجاه ملفات المياه خاصة مع تركيا،مشيراً الى ان الحكومة مطلوب منها ان تتحرك بالسرعة الممكنة من اجل ابرام اتفاقات دولية والزامها دوليا لاعطاء الحصة المائية الكاملة التي يحتاجها العراق وكان احد المحللين الاستراتيجيين في شؤون الثروات المائية قد تنبأ خلال عقد التسعينيات من ان الاعوام المقبلة ستشهد حرباً سرية غير معلنة بين البلدان المتشاطئة والاخرى التي يكون منبع الانهار يأتي منها.. واطلق عليها بـ (حرب المياه) وعلى الرغم من المعاهدات الدولية ومواثيق توزيع هذه الثروات (المائية) قد الزمت تلك البلدان بعدالة توزيع الحصص المقررة وعدم الاجحاف بحق الدول المتلقية للمياه ضمن احواض الانهار، الا ان الممارسات الخفية كما ذهب الى ذلك (المحلل الاستراتيجي) ظلت قائمة مرة بشكل علني يخضع لتأثيرات وتجاذبات سياسية دولية عند اشتداد الازمات ومرة اخرى سرية تبررها الدول المعنية باطلاق الحصص المائية باقامة السدود. وكانت الأزمة العراقية التركية بشأن المياه المتواصلة منذ زمن طويل قد تفاقمت مع وضع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حجر الأساس لسد اليسو عام 2006 الذي يقع على بعد 50 كيلو متراً من الحدود العراقية والذي تصل كلفة انشائه الى مليار و 200 مليون دولار وبتمويل من الاتحاد الاوروبي، الأمر الذي جعل وزارة الموارد المائية العراقية تتقدم بطلب الى الاتحاد الاوروبي لرفع الدعم عن المشروع كونه يضر بمصالحه المائية والذي من المتوقع أن يخفض مستوى نهر دجلة الى نصفه، ليقوم الاتحاد برفع الدعم عن بناء السد لتكمل تركيا السد على نفقتها الخاصة ،،وسداليسـويحتاج ثلاث سنوات لملئ خزاناته، مما سيؤثر على الحصة المائية للعراق وسيؤدي لشح المياه في مُدُن وسط وجنوب العراق بشكل خاص ويهدد ثلاثة ملايين دونم، كما سيؤثر على ديمومة الأهوار التي تم ادراجها ضمن التراث العالمي مؤخراً،وقد رفضت الحكومة العراقية في 25 أيار2011 التوقيع على اتفاقية اقتصادية مع تركيا حتى تضمن لها حصة مائية محددة حسب اتفاق رسمي. توزيع حصص وعلى هذا الاساس من التجاذب في توزيع الحصص المائية وبحسب الالتزامات الدولية فان هذه المسألة التي شغلت السياسة العراقية واثارت الجدل العميق مع دول الجوار كان لها الكثير من الدوافع والمسببات التي اثرت على مستوى المياه في البلد وجعلته يعاني شح غير قليلة من المياه في الفترات الاخيرة وخاصة نهري دجلة والفرات وروافدهما الممتدة في داخل البلاد هذان النهران العظيمان في عطائهما بالنسبة للاراضي الواقعة على المساحات الممتدة بجانبهما فقلة مستوى المياه في هذين النهرين يعني تدمير الكثير من الاراضي المجاورة التي تتغذى في زراعتها على مياههما وان انقطاع المياه من الاراضي المجاورة سوف يؤدي الى كارثة اقتصادية وتجارية وسياسية تؤثر على حياة المواطن العراقي وترهق نفسيته فالمياه سر الحياة والعلم عجز عن كثرة اهميته واستخداماته المتعددة بغض النظر عن اهميته الاساسية للشرب ومن اجل البحث عن مسببات هذه الظاهرة ونتائجها السلبية والايجابية على الاراضي العراقية وما هي السبل الكفيلة لاستمرار امداد المياه الى العراق.. ونظرا لما يتعرض له مورد المياه من استنزاف وتلوث، بسبب الاستخدام غير الرشيد والسياسات التي تعتمدها بعض الدول لاسيما دول منابع الانهار، قد اثر على كمية ونوعية المياه للدول المتشاطئة على هذه الانهار.. ويعتبر العراق كونه دولة مصب احد الدول المتضررة من سياسات دول المنبع (تركيا وايران وسوريا) ، نتيجة المشروعات والبرامج التي تنفذها الدول المذكورة، دون مراعاة لحقوق العراق بمياه الانهر المشتركة معها، حيث انخفض منسوب نهر الفرات عند الحدود السورية في منطقة القائم من معدله الطبيعي البالغ نحو 28.5 مليار متر مكعب، الى نحو4.12 مليار متر، اي بنسبة انخفاض 56.5 بالمئة وكانت اكبر نسبة انخفاض في السنة الاولى لملء الخزان المذكور في العام 1990 التي بلغت بنحو 68.8 بالمئة وقد حاولت السياسات المائية منذ انشاء مجلس الاعمار في العهد الملكي وحتى نهاية التسعينات من القرن الماضي، التركيز على جانب عرض المياه، وتتجلى اهداف هذه السياسة ، في توفير المياه لنحو 12 مليون دونم من الاراضي التي تزرع ريا حاليا، وهي تشكل نحو اكثر من نصف المساحة التي تزرع في العراق، في حين نجد ان المساحة التي تزرع في تركيا باعتمادها على مياه نهري دجلة والفرات لا تشكل سوى 2.1 بالمئة من اجمالي المساحة المزروعة فيها، ونحو 14.16 بالمئة في سوريا من مجموع المساحة الزراعية فيها، الامر الذي يعكس اهمية مياه نهري دجلة والفرات لتنمية الزراعة العراقية.. تنمية الموارد ان الاساس في حفظ وتنمية الموارد المائية في العراق، هو الاسراع في عقد اتفاقيات مع كل من تركيا وسوريا وايران بشأن تنظيم عملية استغلال الموارد المائية في حوضي كل من نهري الفرات ودجلة هذا ما اكده الدكتور عصام العطية رئيس قسم القانون الدولي في كلية القانون / جامعة بغداد – مضيفا بان العراق يحتوي على انهار دولية كثيرة اهمها نهري دجلة والفرات، فضلا عن الاحواض المائية للانهار الحدودية العديدة الجارية بين ايران والعراق ، انسجاما مع مبادىء القانون الدولي العام وقواعده العرفية ذات الصلة بالموضوع، وفي ضوء احكام اتفاقية الامم المتحدة لعام 1997 بشأن (استخدام المجاري المائية في الاغراض غير الملاحية) على ان تتضمن هذه الاتفاقيات تحديد حصة مائية ثابتة لكل دولة من هذه الدول في مياه الانهار الدولية الجارية في العراق اضافة الى امتناع الدول المتشاطئة عن القيام باي عمل انفرادي في حوض اي نهر من هذه الانهار من شانه الاضرار بالدول الاخرى المتشاطئة وخصوصا العراق ويجب على هذه الدولة التي تعتزم القيام بمشروع مائي في حوض احد الانهار ان تدخل في مفاوضات مع باقي الدول للحصول على موافقتها . كما يجب ان تحترم الدول المتشاطئة علاقات حسن الجوار في جميع المسائل المتعلقة باستغلال الموارد المائية. في الوقت الذي يطمح فيه العراق الى عقد مثل هذه الاتفاقيات ضمانا لحقوقه في مياه الانهار الدولية الجارية فيه، فان على الجهات العراقية المعنية، ان تنهج اسلوب الاستغلال الامثل للمياه وترشيد الاستخدامات المتعددة لها. والعمل على الاخذ بالاساليب العلمية الحديثة، وان تعطي اهتماما اكبر لمشروعات الخزن الاستراتيجي لمياه هذه الانهار. ان الحكومة العراقية وبجهود وزارة الخارجية الضغط على حكومة تركيا، واستخدام الطرق السياسية والاقتصادية للحيلولة دون تأثر حصة العراق المائية بالمشاريع التي تقوم بها الحكومة التركية وتلك التي تنوي القيام بها، واللجوء للمجتمع الدولي لضمان هذا الشيء وتنبيه الحكومة التركية بعدم التجاوز على حصص العراق المائية وتوضيح للمجتمع الدولي بان تركيا اخذت تستحوذ على النصيب الاكبر من مياه النهرين، من خلال اقامة المشاريع وانشاء السدود مما يقلل من كمية المياه المناسبة الى العراق وسوريا في الوقت الذي تزخر تركيا بمواردها المائية العديدة ولا يشكل هذان النهران سوى 30 بالمئة من مواردها المائية السطحية. حيث ان المنطلق الاساسي للسياسة التركية تجاه هذين النهرين هو عدم اعترافها بدوليتها بل تعتبرهما نهرين عابرين للحدود، لذلك لها الحق في التصرف بمياههما خدمة لمصالحها ، متجاهلة قواعد القانون الدولي الذي يفرض احكاما في الاستفادة من الانهار التي تجري في اكثر من دولة واستثمارها بالشكل الذي لايحدث ضررا لاي طرف مشترك. ولقد قامت تركيا بتنفيذ عدد من المشاريع منها مشروع الكاب الذي يضم 22 سدا و 14 محطة كهربائية على نهري دجلة والفرات واستطاعت انجاز سد اتانورك عام 1992 على نهر الفرات، وتعمل الان على انجاز سد اليسو على نهر دجلة. كما ان الاسباب التي دفعت تركيا لاتباع هذه السياسة في استثمارها للموارد المائية كثيرة الا ان اهمها هو افتقارها لمصادر الطاقة ، فارادت ان تعوض عن هذا النقص بالماء، اضافة ما يعانيه ميزانها التجاري من عجز، مقابل الانفاق الكبير على الجوانب العسكرية . حيث ترتب على اقامة هذه المشاريع اضرار كبيرة بالنسبة للعراق تمثلت في حجز 43 بالمئة من مياه نهر دجلة و40 بالمئة من مياه نهر الفرات مما يتسبب باضرار جسيمة ياتي في مقدمتها العجز عن تلبية الاحتياجات المائية في المجالات الحيوية سواء للاستخدامات الخدمية والصناعية والزراعية ، اضافة الى اثار اخرى تنعكس في تقليل المساحات المزروعة وانتشار التصحر، فضلا عن ارتفاع معدلات الملوحة في مياه الانهار مما يساهم في تدهور الثروة السمكية النهرية، كما لها اثر سلبي على البيئة العراقية، اذ ينتج عن استخدام المواد الكيمياوية في الزراعة التركية والتي تصرف مياهها ثانية الى النهر اضرارا جسيمة في تلوث المياه العراقية، كما ان قلة المياه الداخلة الى الاراضي العراقية سيؤثر على عمل السدود ما ينعكس في عمل محطات الكهرباء وامدادات المصانع ومحطات ضخ المياه للشرب . من هنا نجد ان السياسة التركية التي اعتمدت مبدأ القوة بالاستئثار بمياه النهرين من خلال التحكم بمنابعها، بل استخدمته سلاحا ضد دول الجوار لتحقيق مصالحها في المحيط الاقليمي والدولي، وهذه السياسة لا تأتي بنتائج ايجابية في سلم العلاقات الدولية بل على العكس تكون مصدرا للقلق وفقدان السلم . من المفترض على تركيا ان تلجأ الى سياسة الحوار مع الدول المتشاطئة معها على نهري دجلة والفرات وتكون اساسا لايجاد تعاون وفرض تسوية شاملة لمختلف القضايا المختلف بشأنها عليها، وانهاء العداء واعادة بناء الثقة بين دول الجوار من اجل ان يحل السلام في المنطقة وجعل المياه مجالا للتعاون بدلا من ان تكون مصدرا لاثارة المشاكل. |