حــتـى أنــت يـا الأ زهـــــــــــر ؟!!

 

مقولة "يوليوس قيصر" في مسرحية شكسبير وهـو يـرى صـديـقـه المـقـرب الشريف والعفيف "بروتس "وهـو يـوجـه نـصـل خنـجـره الى قلبـه كمـا فـعـل " المـتـآمـرون" ويمـوت وهـو يـردد " حتـى أنـت يا بـروتـس؟!!"

أردده أنا بـعـد أن أستغـربت من موقـف الأزهــر " الشـريف" بعـدم المشاركة في "المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب بين أتباع المذاهب" بحجة " أحداث الحويجة " بقوله "لم يشارك في المؤتمر احتجاجا على أحداث الحويجة وما يتعرض له السنة في العراق "؟!!

وهنا أردد ما ردده يوليوس قيصــر " حتـى أنــت يا الأزهـــر"!؟

كان الأحرى بالأزهـرالذي تأسس قبل أكثر من ألف عام والذي يقول عن نفسه " قلب العالم السني" أن لا يخلط الدين بالسياسة وأن يدرس الوضع السياسي بشكل واضح وجلي ويزن الأمـور بشكل عقلاني , وإن لا يضع "شروطا للتعامل مع العراق، منها وقف المد الشيعي في البلدان السنية، وإصدار فتاوى تجرم سب الصحابة وتنصف أهل السنّة" فهذه أمـور تحدث داخل بلد كبير أسمه العـراق وعلى الأزهـر أن لا يساهم بتعميق الجـرح و نشر الفتنة المذهبية ومحاولة تسديد نصـل خنجـر الإرهـاب والتفرقة الطائفية والتي يـرددها أعـداء العـراق من سلفيين ووهابيين تجمعهم " القاعـدة الإرهابية والتي تشـن حـربـاً شعـواء على العـراقيـيـن " الشيعـة" وتفجـّر الأرض بهـم يوميـاً ولـم يحرك الأزهـر"الشريف" ساكـناً وكـأن الذين يقتـلون ليسـوا مـن البشـر أو عـرب أو " مـسـلـمـين". ماذا يقـول الأزهـر عـن ضحـايا الخلافات في مصـر بعد مبارك ومـا يقـترفـه " الإخوان المسلمين والسلفيين" من قتل بحق الوطنيين والمسيحيين ؟! وكـم حـويـجـة حـدثـت في مـصـر بعـد الثورة ؟!! فهـل "الشيـعـة" لـهـم يـد في هـذا ؟ أم بسبب نشر طـاعـون " المـذهـب الشيـعـي " فـي ربـوع "قـلب الـعـالـم السـنـي" ؟! الذي بني على أساس نشر المذهب "الشيعي" وخوفاً من معز لدين الله جديد يأتي ليصلح ما خـــرّبـه " صـلاح الدين الأيوبي" وتصحيح مسيرة الأزهر الذي نشأ فاطمياً ؟

لست بصدد الخلافات ا لدينية أو المذهبية التي تحدث ويعمق جذورها "رجال" الدين ويشعـل أوارهـا "فتاوي" يطلبها السلاطين ويقدمـهـا لـهـم هـذا "المفتي" وذاك " العالم" على طبـق من ذهب ليقبضـوا العـطايا والمنـح وينزعـوا عنهم رداء التقى والورع .لماذا لا يريد "الأزهر" أن يطرح رأيه في مؤتمر "لتقريب" الحوار وكسر الجدار بين هذا المذهب أو ذاك إذا كانا من منشئ واحد واحد ومصدر واحد وكتاب واحد ونبي واحد ورب واحد , فعلام هـذا الجدال وهذا الفراق وهذا التشضّي ؟! و الخـوف من المذهـب " الشيعي" عـميقا وكبيراً لماذا ؟! هناك المذهب " المالكي" و" الحنبلي" والحنفي" و" الشافعي" وكلهـا مذاهـب أخذت عن الإمام جعفر الصادق ( توفي سنة 148 هجرية) وهو إمام من أئمة المسلمين وعالم جليل وعابد فاضل وله مكانة جليلة عظيمة لدى جميع المسلمين وهو من ذرية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء الذي سمي "الأزهر" نسبة لها .فالإمام الشافعي ( توفي 204 هجرية) نشأ في مكة وتعلم في العراق وأنتشر مذهبه في مصر وعلى يد "الأيوبي" بعد أن "قضى" على الدولة الفاطمية وقد قرأت شعراً منسوبا الى الإمام الشافعي يقول فيه " لو كان حب آل محمد رفض فليشهد الثقلان إني رافضي " والإمام أحمد بن حنبل( توفي سنة 241 هجرية) تعلم في بغداد وتفقه على يد الشافعي عند مجيئه الى بغداد , الإمام مالك بن أنس ( توفي سنة 179 هجرية) ولد في المدينة المنورة , الإمام أبو حنيفة الـنعمان ( توفي سنة 150 هجرية ) وهو أمام من أهل العراق , كل هؤلاء الفقهاء درسوا الدين وأخذوا مـن الأحاديث وأختلفوا فيما بينهم وكل واحد قـال شئ يختلف عن الآخـر وأنتشر مذهب كل واحد منهم هنا وهناك في العالم الإسلامي وبلاد العرب وكل يتبع ملتهم وتعليمهم وتفسيراتـهم وتوجهاتهم ومثلهم المذهب "الجعفري" نسبة الى الإمام جعفر الصادق , فلماذا الخـوف مـن مذهـب" الشيعـة "؟ وهـو مـذهـب كسائــــر المـذاهـب الأربعـة الأخـرى !! عـلـمـاً بأنه ظهـرت " مـذاهـب" شكّلت خطـورة على الإسـلام وتعاليمـه وخالفـت بقيـة الـمـذاهـب وأنـفـردت بأفـكار لا تمـت الى الإسـلام بصلـة ومـن هـذه المذاهب " المذهـب " الوهابي وهو حركة سلفية "تصحيحية" لم تأخذ بالمذاهب الأربعة عملياً , أسسه في نجد والجزيرة العربية محمد بن عبد الوهاب (توفي سنة 1792 م) والوهابية المنتشرة في السعودية التي تحاول أن تنشر "مذهبها" بالترغيب والـتـهديد ونشر الإرها ب في بلـدان العـرب وغيرها وتشكل " القاعـــدة " يدها الضاربة والمخربة للبلدان .

لم يقل لنا "الأزهر" كم مصري تشيع خلال وجود ملايين المصريين في العراق وكانوا يرفدون الإقتصاد المصري بملايين الدولارات من التحويل وغيره . لا أعتقد إن التشييع هو هـم من همـوم العراقيين , فالإرهاب القاعدي والسلفي والبعثي والتي يقتل وبدم بارد عشرات العراقيين يومياً لم يعرها الأزهـر "الشريف" إهتماما ونعرف ويعرف العالم الثالث والثاني والأول من الذي يقوم بقتل الأبرياء , ليسوا "الشيعة" بأية حال من الأحوال . كان على الأزهر أن يساهم في نشر التسامح وإغناء الحوار بإتجاه تقريب الفجوة وتليين الجفوة والسير بالإسلام نحو الرقي ونشر السلام في العالم وتغليب مصلحة الشعوب والبحث عن حلول مجدية للقضاء على الفقر والمرض والإمية في عالمنا الإسلامي .

كان الجدير بالدكتور أحمد الطيب إمام الأزهـر أن يرحب ويكون أول الواصلين للمشاركة في مؤتمر يبني الإنسان المسلم من جديد ويحول دون وصول الإمـور الى تقاطع يؤدي الى الهاوية !

يجب على الأزهـر أن يلعب دوراً إيجابياً ومفيداً و لا يسمع من السياسيين المتخاصمين ليرفع عقيرته ويتخذ قراره دون تمحيص وتروي, فالهيبة في القرار الصائب والنافع والعاقل هو ما يميز العقلاء والعلماء والإدباء .

لست في باب الدفاع عن مذهب أو دين أو عقيدة مـا , فهذه تركتها لمن يبحث عن المشاكل ويطعن في أفكار الآخرين وإحتقار آراءهم والتعالي وبث الفرقة ونشر الفتاوي التي لا تنفع البشرية والأرض والعرض . وإنما أردت من مقالي هذا أن أقول نحن في عصر حضاري ومتمدن فيجب أن نترفع ونتغاضى عن أمور حدثت وقيلت وكتبت في عصر بدوي متخلف وعلينا مواكبة هذا العصر بكل إشراقته وتطوره ومنجزاته وكفاكم صراعـاً فأنتم أناس هذا الزمان .

" نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا "