مافيات الدوائر الحكومية

 

على الرغم من الصيحات العالية المطالبة بالقضاء على الفساد ، او حتى الحد منه ، نجد هذة الظاهرة الخطيرة تنخر في هيكل كثير من دوائر الدولة المهمة التي لها تماس مباشر بحياة المواطن اليومية ، ونجد ان المفسدين خاصة من بعض (وانا اقول البعض للامانة فهنالك موظفون شرفاء بكل تأكيد )الموظفين القدماء الذين لهم تاريخ اسود في هذا المجال والذين مارسوا اعمال الرشوة بشكل خاص منذ ايام الحصار في النظام السابق نتيجة للعوز و من أصحاب النفوس الضعيفة ، وتجذرت في دواخلهم وضماهرهم هذه الظاهرة القبيحة مستفيدين من خبرتهم الطويلة لتوظيفها في ابتزاز المواطنين على الرغم من تحسن مستواهم المعاشي ، ولا تستثني دائرة عن أخرى كالمرور والضريبة والتقاعد خاصة والدوائر الخدمية والمصارف والتقاعد وحتى المستشفيات، ولما نتكلم عن هذا الموضوع فاننا نتكلم ضمن تجربة شخصية لمسناها بانفسنا وليس عن طريق السمع والاخبار او الاتهامات الباطلة من خلال المراجعات لتلك الدوائر ، كلنا يعرف أن التعليمات واضحة لتمشية معاملات الناس وهي سهلة ومريحة للمواطنين لو ان الموظف المختص امتاز بالنزاهة والحرص وتأدية الواجب بكل أمانة ، ولكن الأمر مختلف عندما يكون قصد الموظف خبيث ، وان قصده لم يكن خدمة المواطن او الدا ئرة الحكومية التي يعمل فيها والحفاظ على سمعتها ، وإنما ابتزاز المواطن بطريقة ذكيه تخرجة من دائرة الفساد حسب تصوره على الرغم من انه غارق فيها ، فعلى سبيل المثال ولنأخذ دائرة ضريبة مثلا ولديك مراجعة بسيطة فيها وانت ليس من أصحاب الشركات او المصالح او العقارت وهذه المراجعة تتمثل بجلب تايد لسلامة موقفك الضريبي لحاجة ما ، عند تقديم طلب لهذه الدائرة يطلب منك تقديم تقرير محاسبة ضريبية ، يحول هذا الطلب إلى الحاسبة ، تجد أن المعلومات في الحاسبة لم يتم تحديثها منذ أكثر من ستة عشرة سنه ، فعلى سبيل المثال اذا كانت لديك صفقة تجارية مع جهة ماء وان الجهة تلك ارسلت كلفة الصفقة و تفاصيلها للضريبة بغية استقطاع مبلغ الضريبة المستحق وفق التعليمات وان المكلف قد سدد هذا المبلغ بكل أريحية في حينها تبقى هذه المعاملة إلى ابد الآبدين في الحاسبة على الرغم من ان المكلف سدد استحقاقها وتبقى مطلوب حسب لغة الحاسبة وتبقى عرضة للمسائلة من قبل المخمن عن سبب عدم الدفع خاصة وان كانت مستمسكات الدفع قد تم احراقها في اضابيرها ضمن أحداث 2003 ، وبذلك تكون عرضة للاستغلال من قبل ذو النفوس الضعيفة من قبل الموظفين لتخلية مسؤوليتك .خاصة اذا كان المواطن لا يمتلك الخلفية القانونية وثقافته ، وان وجدت في سجل الحاسبة مثلا أنك مستورد سيارة خاصة او بضاعة ما ، ودفعت الضريبة المستحقة عند الحدود حسب التعليمات واستكملت تسجيلها لدى دائرة المرور في حالة السيارة او المعدة وحصلت على السنوية المطلوبة ، دون ان تعلم أن هذا المبلغ المستقطع للضريبة هو المبلغ النهائي ، وإنما هو تأمينات أولية وعليك مراجعة الضريبة لاستكمال المحاسبة الضريبة ،وهذا يعود لقصور في افهام المواطنين من قبل أجهزة الدولة لطبيعة المراجعات المطلوبة ، وعندما يكون المخمن فعلا يريد مساعدتك لحسم الموضوع مع عتابه عن عدم المراجعة من قبلك لحسم الموضوع ويعلمك ان التامينات التي دفعتها في الحدود هي كافية ولا يطلب منك أي مبلغ إضافي ويقوم بالإجراءات المطلوبة وانت فى غاية السرور ، وعند إرسال المعاملة إلى الحسابات تفاجئ بأن الحسابات تطالبك بدفع مبلغ الضريبة كاملة وان مبلغ التأمينات الذي هو بحدود المليوني دينار على سبيل المثال او أكثر الذي تم دفعه قد سقط لمرور فترة طويلة عليه حسب قرار حكومي كما يدعون ، وقد قطعوا لك وصولات عليك دفعها ، ولكن بعد جهد جهيد وتدخل من هذا الطرف او ذاك اتضح أن هذا القرار قد لغي وان الوصلات التي تم قطعها للدفع باطلة ، وبقدرة قادر بدلا من دفع هذا المبلغ الكبير تجد (ريشاتك سالمه) ، ان هذا الصورة الدرامية التي يحدث امثالها الكثير وعلى شاكلتها يوميا في دائرة عريقة لها تماس يومي بحياة المواطن ويجب أن تكون حريصة على حقوق الدولة وحقوق المواطن في نفس الوقت. أمر معيب ، انا لا أريد اذكر ما يرافق هذه العمليات من ابتزاز او إيجاد رغبة لدى المواطن بدفع الرشا تحت اسم الهدية لموظف ما لتسهيل إنجاز معاملته ، يوهمه بأنه قد تم مساعدته على حساب حق الدولة ، ان اغلب الموظفين هم غير قادرين على خرق تعليمات الدوائر التي يعملون فيها او التجاز على قانونها مطلقا ، ولا يريد أن يضع الموظف نفسه في مسألة واضحة فيها التجاوز فهو ليس سهلا او غبي أن يقع في خطأ مثل هذا واضح يحاسب عليه القانون ، وإنما هو يعمل على جهة المواطن خاصة اذا كان بسيط ومن عامة الناس ، يحاول أن يضع العراقيل في طريق معاملته وبعض الاحيان تحتاج هذه الطريقة إلى تعاون أكثر من موظف في نفس الدائرة متفقين مع بعضهم على سيناريو معين ، فالأول يبدو حريص على حقوق الدولة على حساب حقوق المواطن والثاني يأتي دوره مكمل بأنه هو يحب مساعدة الآخرين وأن كان على حساب الدولة ، ويرى المواطن نفسه مجبر على تقديم الرشوة تحت اسم (الاكرامية ) والمواطن ممنون ،في بعص الدوائر يعمل موظف الدائرة المريض على عرقلة المعاملة من خلال ايجاد ثغرة بسيطة او ايجاد حلقة اضافية لتصعيب سير المعاملة كطلب توقيع شخص يصعب على صاحب المعاملة احضارة علما ان احضاره غير ضروري او طلب صحة صدور لمستمسك رسمي وما اكثر المستمسكات الرسمية المطلوبة وغيرها من الوسائل المحيرة للمواطن ، مما يجعل المواطن يبحث عن طريق أسهل لانجاز معاملته كدفع مبلغ من المال او التوسط ، ان الأمر محير والأكثر غرابة تجد أن بعض الغرف في دوائر الدولة مغلقة قرابة الساعة الثانية عشرة ، وعندما تسأل عن السبب يقال أن الموظفين يأدون صلاة الظهر وعندها تتعجب ،وهم نفس الموظفون المصابون بداء الرشوة ، ان المواطن الشريف لا يرى أي مبرر لهذه الأعمال المشينة من بعض الموظفين ، طالما ان راتب الموظف الآن جيد وأنه قد بلغ من العمر عتيا ، خاصة من بعض أخواتنا اللواتي يلبسن ملابس الحشمة والوقار كمسلمات صالحات و بعض الموظفين الذين يبدون بلحى طويلة بيض .كيف للموظفين الشباب الجدد ان يعيشوا في هذا الجو الملوث وكيف تجد الحصانة لهم أن لا يصابوا بهذا المرض الخطر ، الموضوع كبير والشق كبير و (الركعة) صغيرة حسب مثل أهلنا ، والحر تكفيه الإشارة .