أخطاء الفلاسفة اليونان |
كل خطأ مغتفر الافي حالة ان يعيد الشخص الخطأ مرة بعد اخرى اما لضعف في ارادته او عزيمته او حين مايصبح هذا الخطاء عادة قريبة من الطبيعة في قوم لا يملكون للتبديل بابا” اما الحالة الثانية ان يلتمس للاخطاء عذرا” هذه الاخطاء تعد كبيرة لانها اخطاء من كبار القوم ورجال المسؤلين في ميدان الحياة وليس في الحياة خطا كبير وخطا صغير فالاخطاء سواء ولكن الاختلاف في النتائج من حيث اثار تلك الاخطاء وموضوعنا اليوم في الاخطاء في تاريخ الفكر الانساني وكانت لها نتائج سيئة في الحضارة الانسانية والثقافة الانسانية وسنبحث الان اخطاء الفلاسفة والعلماء اليونانيين لانهم كانوا قدماء حيث جاء اليونانيون واتفقوا بانهم عرفوا اشياء من تلك الجهود ووهبوها للانسانية فكانوا احق بها واهلها ومن هولاء الفلاسفة الكبار الذين اخطأوا ارسطوا نعم انه ارسطو فله اخطاء تبلغ عشرين عند الدارسين واخطاء العلم لايمكن الجدل فيها كقوله اذا القئ جسمان من مكان عال فان الاثقل يصل الى الارض اولا” ومنها ليس للنبات اعضاء تذكير واعضاء تانيث وايضا” الكواكب مساكن الاله الارض مركز النظام الفلكي الذي تتبعه الارض الماء والهواء والنار عناصر لقد ثبت منذ زمن بعيد في علم الطبيعيات من الفيزياء والكيمياء وفي علم الفلك والجغرافية وفي علم النبات انها هذه اخطاء وان اول ما استهل به كلامي هو ما هو الخطأ ان ارسطو قال في استاذه افلاطون صديق والحق صديق ولكن الحق اصدق او اقرب في الصداقه ولقد عرف الامام الغزالي ذلك فقال في مقدمة كتابة تهافت الفلاسفة ليعلم ان الخوض في حكاية اختلاف الفلاسفة تطويل في خطاباتهم ونزاعهم كثير واراهم منتشره وطرقهم متباعدة متدابرة فلتقتصر على اظهار التناقض في رأئ مقدمهم الذي هم الفيلسوف المطلق المعلم الاول فانه رتب علومهم وهذبها بزعمهم وحذف الحشوه من ارائهم وانتقى ماهو الاقرب الى اصول اهوائهم وهو ارسطاليس وقد رد على كل من قبله حتى استاذه الملقب عندهم بافلاطون الالهي ثم اعتذر عن مخالفة استاذه فقال افلاطون صديق والحق صديق ولكن الحق اصدق والمنطق يقتضى ان ننتقل الى الذين فسروا الفلسفة اليونانية والمفسرين هنا كلمة تفهم على وجهين هناك المفسرون لكلام ارسطو مثلا” من اليونانيين الذين شرحوا الفلسفة اليونانية ثم تفهم كلمة المفسرين على انهم انقل الذين نقلوا او ترجموا الفلسفة اليونانية الى العربية والشكوى من هؤلاء كلهم كانت ثم مايزال كبيرا” وقد قال الغزالي في ذلك ان المترجمون لكلام ارسطاليس لم ينفذ كلامهم عن تحريف وتبديل محور الى تفسير وتاويل حتى اثار ذلك ايضا” نزاع″ بينهم وفهم الغزالي الترجمة فهما” خاصا” حين قال واقوامهم اي المترجمون بالنقل والتحقيق من المتفلسفة في الاسلام الفارابي ابو نصر وابن سيناء فنقتصر على ابطال ما اختاروه صحيحا” في مذهبه فان الفارابي وابن سيناء والغزالي نقلا اراء اليونانيين الى العرب وهما لم يقول ذلك النقل ناتي الى موضوع السفسطة وهي مذهب في التفلسف عند اليونانيين وابن رشد ان اصحابها معاندون خبثاء مشعوذون ياتون بكلام لامعنى له ان السفساطين يقتصرون عند البحث عن جانب واحد من الامور ثم هم ينقلون القضية من مسألة الى مسالة ويجادلون في امور لاتحتمل الجدل وجدالهم ذلك لامعنى له وهذه السفسطه تدل على التخلف العقلي تتجادل في الدولة وفي العدل وفي نشأة اللغة وفي فضل الرجل على المرأة او في فضل المراة على الرجل وفي الحرية والعبودية ونحن العرب نخضع لمثل هذه السفسطة حينما نتكلم عن الشعر الحديث وعن التجربة الشخصية وصحفنا اليوم حتى الرصينة منها مملوءة باعمدة مصفحات ليس فيها شئ لا اوهام من تجارب اشخاص ليس لاحدهم في راسه شعره بيضاء وهو يريد ان يفرض تجربته على اناس لم يبق في راسهم شعر اسود ولا شعر ابيض واننا نجادل في حق المراة في الحرية وقال سقراط في المجادلة بين الرجل والمراة ياصاحبي انت اذا احتجت الى كلب لحراسة بستانك فهل تفضله ذكرا” ام انثى ومن اخطاء الفلاسفة اليونانيين انهم اعتبروا العالم مكونا من اربعة عناصر الماء ولهواء والتراب والنار ومن القول بان الماء ينقلب ترابا” والتراب ينقلب ماء او هواء او الهواء ينقلب ماء وكلنا يعرف اليوم ان الماء والتراب والهواء والنار ليست عناصر بل مركبات وكان ارسطو من اسوأ القائلين بذلك لقد قام قسم من المفكرين اليونانيين مثل لو يوكوبوس وتلميذه ذيموقريطوس وفندوا هذا القول وقالوا بالنظرية الذرية التي تقرب مايقال اليوم ولكن ارسطوا اصر على رايه لقد ادرك العرب هذا الخطا فقال الكندي وابن سيناء ان للمعادن كالحديد والذهب وغيرها طبائع خاصة لاتتبدل وان بعض هذه لايستحيل الى بعض ونعرف اليوم ان العلماء يتلاعبون ويكونون قسما” من المركبات الجديده ولكنني لا اعلم ان كان بامكانهم ان يكونوا من الهليوم او الاورونيوم ذهبا” وفي الفلك مجالا” كبير للخطأ فالنجوم بعيده عنا وللخيال فيها مدخل كبير ولكن جهزد اليونانيين ظلت حائرة بين العلم الخرافة اما العلم ففي قولهم ان الارض كره وانها تدور على نفسها وانها في نفلك حول المشس اما الخرافة فكانت في قول جمهورهم ان الارض ثابتة في مركز الشمس وان المتحرك منها هو الشمس والقمر والنجوم وان الاجرام السماوية هي كائنات بريئه وانها مساكن للاله وان لها نفوسا” تحركها وان لها عقولا” تعرف بها الغيب فتتلقئ ببعض ما تعرف من الغيب او نفر من البشر ثم جاء ابن حازم الاندلسي فاعلن ان النجوم اجسام حجرية وانها لانفوس لها تحيا بها ولاعقول لها تفكر بها ولاهي تعلم الغيب وفي دوران الارض من الناحية العلمية بين ان السجستاني بصنع الاسطرلاب الزورقي المبنى على ارض متحركة تدور على محورها وان الفلك بما فيه عدى الكواكب السبعه ثابته ثم جاء القزويني فقال الارض متحركة دائما على الاستداره والذي نراه هو دوران الفلك انما هو من اثر دوران الارض على نفسها لادوران الكوكب وبين جالينوس من ان الشمس لاتقبل الانعدام ولو كانت تقبل فالانعدام لظهر فيها ذبول او نقص او تبدل ثم قال ان الشمس لم تجري فيها اي نقص منذ الالاف السنين فقال الغزالي ردا” على جالينوس من ناحيتين حينما افترض ان الشمس لم ينقص منها شي ان المدة التي ذكر فيها جالينوس ليست كافية في مثل هذا الامر فالشمس وحجمها مائة سبعون مرة قدر حجم الارض فلو نقص منها مقدار جبل لما بان ذلك للحس في الزمن الذي هو حياة الانسان على الارض ويقول الغزالي ولعله قد نقص من الشمس مقدار كبير ولكن الحس لايستطيع تقديره ولا تقدير ذلك ولا يعرف لا بعلم المناظر او البصريات ويكون ذلك بالتقريب وليس بالواقع وقال اليونانيون بكروية الارض بان يقيسوا محيط الارض وقد بذلوا في ذلك جهود وكانت مقاساتهم بعيده عن الصواب غير ان الخليفة المأمون رفض تلك الاقيسه فامر باجراء تجارب جديده وكانت تلك القياسات دقيقة جدا” وفيها خلافات من حيث القياس بسيطه ويلحق بمقياس محيط الارض حسبان السنه الشمسية وقدره القدماء مقادير كثيره وان العلماء العرب لم يرضوا بذلك فقام ثابت بن قره فحسب فبلغ ثلاثمائة وخمسة وستون يوما” وربع يوم وعشر دقائق وعشر ثواني وهو رقم يزيد عن المقياس الحقيقي باقل من نصف ثانية ثم جاء عمر بن الخيام الشاعر فلم يرضى هذا المقياس فوصل الى حساب مدة السنة الشمسية بان زاد ثمانية أيام على كل ثلاثة ثلاثين سنة وظل هذا الخطأ و ان العلماء اليونانيين عرفوا ان الارض كره وان القسم المسكون هو النصف الشمالي ام القسم الجنوبي فظنوه مياه ورمال لاتقبل السكنى وان السكنى هناك غير ممكنه فكيف يستطيع الانسان ان يقف منكوسا” مقلوبا” اما اخوان الصفا فبينوا ان الانسان يعيش على جميع جوانب الكره الارضية وان الانسان على سطح الكره راسة متجها” الى السماء ورجلاه متجهتان الى مركز الارض وقال اليونانيون ان الابصار عند الانسان يكون بخروج شعاع من العين اما ابن الهيثم فبين ان الاجسام تشع الى العين وان العرب منذ الجاهلية يعرفون ان في النبات اعضاء ذكورية واعضاء انثوية فكانوا يلقحون النخل وبين الطبيب اليوناني جالينوس ان السودانيين عادتهم خفه وطيش وميل الى الضعف في عقولهم وقال ابن خلدون ان ذلك لابرهان عليه بل ذلك يرجع الى طبيعة المناخ الذي يعيشون فيه فالكسل والطرب والطيش والحمق وسوى ذلك لايقتصر على السودانيين بل يتناول البيض ايضا” اذ هم خضعوا لما يخضع له السودانيون وان الاوربيين لايزالون يسلكون مثل هذا السلوك القبيح لمعاملة السود حسب جلودهم كما في جنوب افريقيا وشرقها وغربها وكما في القارتين الامريكيتين وفي كتاب ارسطو هناك طائر في العراق يبني عشه باوراق شجر الدارصيني ياتي بها من الصين فسفه الجاحظ هذا القول لانه لايوجد مثل هذا الطائر ولا مثل هذا النبات ولفلاسفة اليونان اراء في النفس مشهورة منها ان النفس قديمة كانت قبل وجود البدن ومنها ان النفس بعد موت الجسد ترجع الى الملأ الاعلى فاذا كانت قد تهذبت في نزلتها الاولى بقيت هناك والا فانها تعود ثانية” الى الارض وهذا هو مبدأ التناسخ اي تقلب النفس الواحدة في ابدان مختلفه من النبات والحيوان والبشر حسب قول فيثاغورس وانكر ابن سيناء هذا الراي وكذلك الغزالي في كتابة تهافت الفلاسفة .
|