العراق بعد هزيمة "داعش" من الموصل فلنتق النفخ في رماد الحرائق

النابض الحلزوني، الذي تجرجره أفواه المحللين السياسيين والستراتيجيين والعسكريين والساسة، مثل رباط بلاستيكي مطاط "تجة" هذا "يمطه" متوقعا حرب الموصل تطول ستة أشهر، كسقف زمني أقصى، وذاك يقلصه، الى بضعة أسابيع كحد أدنى.
لن أخوض بأسباب الإستطالة المتوترة، ولا التقليص المتفائل، فالحرب في أبسط معانيها، خسارة حتى للمنتصر.. مال ودم وتعطل مسيرة البناء الحضاري وجهود لمحو آثارها المدمرة، وتبعاتها المستقبلية، لكن أقول في كلا الحالتين.. إن طالت وإن قصرت، نحن أمام مفصل تاريخي مهم، يبدأ بالسؤال: هل ثمة لعبة أخرى بالإنتظار ستشغلنا؟ وكيف نتحاشاها؟
إذ منذ سقوط الطاغية المقبور صدام حسين، في 9 نيسان 2003، توالت عليها الألاعيب السياسية، واحدة تلو الأخرى، ومنها من كادت تصل بنا الى إحتقان طائفي بلغ حافة حرب أهلية أحبطها الشعب بعدم إنسياقه وراء تأليب أطراف سلطوية، حثت الشعب على الإحتراب الأهلي.. فأبى، وإختلقت الأسباب المستفزة، التي تحفز هذه الطائفة على تلك وأؤلئك القوم على هؤلاء، لكن الشعب أجهز عليها مطفئا نار الفتنة؛ بتماسكه وطنيا!
إذن ما بعد تحرير الموصل، مرحلة مهددة لظهور صراعات محتملة بين الاطراف المسهمة بتحريرها.. هذا إنموذج لإفتراض، أتمنى أن نتوخى الحذر، من الإنزلاق فيه؛ كل يطالب بحقه من المنجز.. أي التحرير! شاهرا سيفه بوجه شريكه الصديق الذي سانده في الانتصار على "داعش" متحولا بحكم مغريات السلطة، الى عدو محتمل.
فلنتقِ النفخ في رماد حرائق ما بعد هزيمة "داعش" متجهين بقوة نحو الإصلاح الحقيقي، وليس إستبدال وزراء، تحت خيمة المحاصصة، بل التخلص من المحاصصة نفسها و تعديل  الإنتخابات النيابية، و اجراء  إنتخابات رئاسية، وتضييق دور الأحزاب، مستفيدين من العقدة الدينية، التي نشأت لدى المواطن؛ كي نؤسس دولة مدنية، تستجيب لمتطلبات الواقع الاقتصادي والدبلوماسي وغلاء المعيشة ورفاه الشعب وتطور التجارة العالمية وعلاقاتنا مع المحيط الاقليمي والدولي، بتجرد عن التحرزات الفئوية، التي حولتنا من دولة فاحشة الثراء، الى بلد مدقع الفقر، نخرته سوسة الفساد وتسلط عليه "..." لا حول ولا قوة الا بالله.
صدمة الشعب بالدولة الدينية، تجعله متقبلا لدولة مدنية، لا تخالف الشرع، خاصة إذا إستأنست اللجان النيابية بالمتخصصين.. من الخبراء نظرائها، أثناء تشريع القوانين، وبهذا نصل الى سلطة برلمانية، متناغمة مع الحكومة التنفيذية، في رضى الشعب.