كركوك والبيشمركه |
ما حدث في كركوك يوم 21/10/2016من عمليات إرهابية، كانت منتظرة، وطريقة التعامل معها من قبل أبنائها الشجعان كانت متوقعة أيضاً، لذلك لانتحدث عن تواجد الإرهابيين فيها كخلايا نائمة أو مستيقظة، ولا من أين دخلوا، وكيف وصلوا الى المواقع المحددة، لأن العديد من الاسئلة تطرح نفسها، منها لماذا هذا التوجه في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا هذا العداء الداعشي ضد الكورد؟ ولماذا هذه الخطوة البعيدة كل البعد عن كل الحسابات العسكرية؟ وماذا بشأن احتمالات تكرار العمليات الارهابية؟ خصوصاً وأن الدواعش مازالوا يسيطرون على الحويجة التي تعتبر منبعاً للعمليات الارهابية ومصنعاً لتفخيخ العجلات، ويستخدمون قدراتهم القتالية من أجل تحويل المدينة وأطرافها الى ساحة للصراعات القومية والمذهبية.
مبدأ (كركوك محمية بأبنائها البيشمركه) تم تأكيده من قبل أكثر من مسؤول سياسي وعسكري وإداري كوردي وعربي وتركماني في كركوك، وتلك التأكيدات جاءت بعد تيقن هؤلاء من أن قوات بيشمركة كوردستان وقوات الآسايش أثبتت فعلياً إنها كفيلة بحماية كركوك وحدودها واعتبرت حماية جميع مكوناتها من أي خطر قد يداهمهم واجباً وطنياً وقومياً.وبعد التيقن من حقيقة مفادها أن لولا البيشمركه الذين قدموا المئات من الشهداء والجرحى، لكانت كركوك منذ حزيران 2014 تحت سيطرة داعش، مثل الموصل وتكريت والأنبار وأجزاء من ديالى.
أما الدرس الذي يجب أن يستوحيه الكورد من العملية الإرهابية الأخيرة فهو بناء علاقاتنا البينية على أساس المصالح القومية والوطنية المصيرية المشتركة، وبناء علاقاتنا مع الآخرين على أساس الالتزام بضمير الدستور، والإعتراف المسبق بكوردستانية كركوك، والتفكير بالعقل واتباع الحكمة، والنظر بتمعن الى الواقع الجديد الذي تفرزها المواقف والأحداث في مرحلة ما بعد داعش..
والدرس الذي يجب أن يستوحيه سياسيو العراق العقلاء، سنتهم وشيعتهم، هو تفهم التصورات والمطالب الكوردية واعتبارها مطالب وحقوقاً مشروعة، لاسيما وأن الدستور استوعبها، ورسم على أساسها خارطة طريق في المادة 140، تلك المادة التي احتوت على مراحل: التطبيع، الإحصاء السكاني، والاستفتاء العام حول تبعية بعض المناطق فيما اذا اختار سكانها البقاء مع الدولة المركزية أو الإنضمام الى إقليم كوردستان.
لقد تعرضت كركوك كالكثير من المناطق الكوردستانية الأخرى على أيدي الحكومات العراقية المتعاقبة، ولاسيما في عهد البعث، الى حملات تعريب ظالمة يمكن إدراجها ضمن الفواجع التي عانيناها، وفي ظل تلك الحملات الشعواء تصاعدت وتيرة التعريب في بداية السبعينيات بقفزات متتالية، واستخدمت السلطة العراقية القوة بوحشية في التغيير الديموغرافي عبر سياسة تهجير و ترحيل الكورد من المدينة وأطرافها بهدف ايجاد الأكثرية العربية، ووزعت الاراضي السكنية والزراعية على الوافدين العرب، وبدا الكوردي غريبا عن مدينته، ومسقط رأسه..
وبعد سقوط نظام الدكتاتور ظلت الأوضاع مرهونة بالدستور، وتنصلت الحكومات العراقية المتتالية من التزاماتها تجاه تنفيذ تلك المادة، أما الحكومتان المالكيتان فقد بثتا النعرات، ونجحتا في زرع بذور الفتنة وإثارة الفرقة بين الجميع، وأصبح الخصام والصراع والنزاع والتباغض سادة الموقف، واستفاد من هذا الامر نفر ضال دون الشعور بحساسية الأوضاع واحتمال تفجرها، وجاء داعش ليكمل ما رسمه البعث، ولكن بإرادة الخيرين سيدحر ويهزم، وبعد دحره يتوجب على الشرفاء إنشاء نسق فكري مشترك بين مكونات كركوك، نسق يمثل تغليباً لثقافة الواقعية المواكبة للتغيرات، ويخرس مهاترات الذين لايرون أبعد من أنوفهم ويهينون مشاعر الآخرين ويُزج بهم في صراعات من أجل مصالح ذاتية تسقط فيها القيم. كما يتوجب العمل من أجل إلحاق الخريطة السياسية للمحافظة بخريطة إقليم كوردستان.
|