في كل البلدن يوجد نوع من الوحدة ازاء القضايا المصيرية، خصوصاً اذا ما اتخذ القرار بشأنها بعد نقاش ومعرفة ودراية وتشاور بين القوى السياسية... وهذا ما اقدمت عليه الحكومة الاتحادية عندما شرعت في الاعداد لمعركة الموصل وتحريرها من الارهاب الداعشي، فهي اجرت مشاورات مع الاطراف السياسية كافة ، وكان ممثلوها في مؤسسات الدولة على علم بما يجري والسياقات المتخذة اولاً باول وفي النهاية تكللت بالاتفاق التاريخي مع اقليم كوردستان. كان الامل يحدو الناس ان تلتف كل القوى لدعم المعركة وابراز القدرات الوطنية على تحقيق الانتصار ، وبرغم مرور ايام على المعركة والتقدم الظاهر فيها والملموس للقاصي والداني وتحرير مساحات واسعة من الارض مايزال البعض يقلل من شأن ما تم انجازه ويثير تخرصات ويورد اخباراً محبطة، والاكثر من هذا يقدم تحليلات ما انزل الله بها من سلطان ويبالغ بقدرات داعش الارهابي وامكاناته ويصاب بالعمى عن الانهيارات التي تحدث في جبهات القتال بصفوفه. نلحظ ان جهات سياسية واعلامية ماتزال تهول الامور وتعطي بعضها اكثر مما يستحق او تبني عليها مواقف ، فمثلا حقل كبريت المشراق والزعم في البداية بان داعش يمتلك الامكانية لتحويله الى غاز سام، وعند احراق نفاياته قيل انها ستدمر كذا وتصيب كذا، ولم تورد المعلومات عن الجهد الذي بذل في اطفائه .. وايضاً من دون ان يملك بعض النواب المعطيات عن القوات التي ستدخل مدينة الموصل او طبيعة الخطة وقعوا في اساءة تقدير المواقف وبنوا مواقف على معطيات غير صحيحة وشككوا باطراف هي اصلاً لم تكن في الخطة التي وضعتها الحكومة الاتحادية.. وذهب البعض الى التشكيك في عزم وشجاعة جزء من القوات العراقية الوطنية على اساس الطابع القومي، وتحديداً البيشمركة، ولكن هذا هو الواقع وسير المعارك يشكل افضل رد عليهم القمهم جميعاً حجراً. ان بعض الساسة لا يتورع حتى عن اطلاق الاشاعة بقصد تفتيت الوحدة الوطنية والخوف مما هو آت ومن ظروف التفاهم التي خلقها الاتفاق مع الاقليم الذي سيكون على الارجح منطلقاً لتفاهمات اوسع واكثر عمقاً تعالج جروح العملية السياسية. كما ان قسماً آخر اصطف مع الاجنبي يبرر له فعلته بخرق السيادة الوطنية، وللاسف على ما يبدو انهم لا يتابعون ما تبثه وسائل الاعلام وكيف نلاحظ اعلاميين اتراكاً يدافعون على ما لا يمكن الدفاع عنه ويحاججون بالعامل الطائفي ويستندون اليه، وكأن هذه الفرقة اصبحت تصب في مصلحة العراقيين، في تناغم واضح مع جزء، وان كان قليلا من اهلنا الذين يعيشون بيننا ولكنهم يعتاشون على الفرقة بين العراقيين. اننا في ظرف يتطلب تعزيز اللحمة الوطنية وبناء نسيج لا يمكن خرقه ، وهذا لا يعني باي حال السكوت عن الاخطاء او تمرير المشاريع اللاوطنية، بل بالعكس الوقوف بحزم ضد كل من يحاول ان يمس سيادتنا ووحدتنا الوطنية، وفي ذات الوقت الابتعاد عن التصريحات اللامسؤولة والتي لا تستند الى المعطيات. ان التصريحات غير المستندة الى الحقائق والاشاعات ذات التوجهات المغرضة اشد خطراً من رصاص الدواعش وغيرهم من غلاة المتطرفين في البلاد. |