المتتبع لواقع الاعلام العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920 والى يومنا هذا لم تمر عليه فترة طبيعية مارس فيها دوره كاعلام وطني مستقل يتمتع بكافة المزايا وتتوفر له بيئة طبيعية خالية من التجاذبات والتنافر والاقصاء والتفرد ، كما مرت بها بلدان المنطقة ، من استقرار وسلم اجتماعي .
فقد مرت على المملكة العراقية ظروف قاسية تمثلت في نطامع الدول الكبرى لما تحويه هذه الدولة من ثروات وموقع ستراتيجي ، جعل من الدول المستعمرة تفكر كثيراً في الهيمنة والسيطرة على مركز القرار السياسي العراقي بشتى الطرق . بالاضافة الى الخلافات السياسية وظهور تيارات سياسية وثقافية مختلفة في التوجهات منها تنادي بالوحدة العربية ولم شتات البلدان العربية المنحلة عن السلطنة العثمانية واخرى تنادي بالارتماء باحضان المملكة العجوز وتشجيع الاندماج السياسي والاقتصادي معها .
وما اعقبها من احداث عام 1941 ، وحرب فلسطين عام 1948 والاضطرابات الداخلية الرامية الى زعزعة النظام المدني الهش وما اعقبها من انقلاب 1958 ودوامة حكم العسكر وتوالي الثورات حتى حرب الخليج بنسختيها وسقوط الصنم عام 2003 .
بعد الاستعراض السريع للتاريخ السياسي العراقي نجد ان دور الاعلام والصحافة العراقية لم تمر عليهما فترة طبيعية ، تجعل منه قادراً على التخلص من التبعية والتقييد ، واتاحة الفرصة لبناء منظومة اعلامية ، تستند الى اسس ومفاهيم الاعلام المهني المتكامل على الرغم من المحاولات التي اصطدمت بالواقع المفروض والظرف الاستثنائي ، والقوانين الشمولية ، التي القت بظلالها عليه كي لا يأخذ دوره الحقيقي والطبيعي في المجتمع ، فكانت النتائج وخيمة على صاحبة الجلالة ودورها في نظام ديمقراطي يكفل حرية التعبير والخروج من التبعية وعودة الفكر الشمولي مستغلة وضع البلاد السياسي وعدم الاستقرار ، للعمل على اعادة النفس البعثي والنزعة الشمولية من خلال تشتيت الجهود وتهميش الطاقات الصحفية والاعلامية ،والزج بأصفار لا شأن لها بمعادلة الصحافة والاعلام ، بل زادها شوق الحنين لنظام القائد الاوحد وثقافة تكميم الافواه وافشال الجهود الرامية لتوحيد الجهود وتقليل نقاط الاختلاف عادة بل عمقت الهوة وزادت نقاط الاختلاف كونها جزء من المشكلة ، في فترة العراق فيه الاحوج الى جمع الكلمة وتوجيه الخطاب والعمل بمبدأ التفكير الجمعي، ونبذ التقاطعات وخاصة في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن فصار لزاماً انبثاق كيان جديد يبشر ببزوغ فجر جديد في صناعة الإعلام الوطني . الا وهو تحالف الاعلام الوطني ، الذي تأسس من رحم الظروف القاسية والحاجة الماسة الى مؤسسة وطنية جامعة لكل المسميات الاعلامية والصحافية المؤمنة بالعراق الجديد لتوحيد الخطاب الوطني وتسخير الطاقات الوطنية لرفد المجتمع بالكلمة الصادقة والمعلومة الصحيحة ومغادرة الحواجز والكانتونات التي عرقلت عمل فرسان الكلمة والتهميش الذي طالهم ، كلنا امل ان يمضي هذا المسمى الكبير في اهدافه والمؤمن بقضيته .
كلنا امل ما بعد معركة الموصل لجعله مؤسسة راعية وداعمة للصحافة والإعلام العراقي واخذ زمام المبادرة بعد ان عاث المتطفلين فسادا .
|