أنـا مُـنـتـسـب

 

أصبحت هذه العبارة دائماً ما تتكرر في مجتمعنا العراقي اليوم! وحدثت الكثير من المواقف الغريبة جداً وبعضها المحزنة جداً وبعضها الآخر غير المحببة وغير لائقة بمجتمعنا وبالعادات والتقاليد التي تربينا عليها. ولكن بعبارة “أنا منتسب” أما تحل المشكلة أو تبدأ مشكلة أعظم من التي آرتكبتها! أو حدثت أمامك! لكن في البداية يجب أن أوضح ماهو المعنى العام لعبارة ( أنا مُنتسب) : وتعني أن الشخص الذي يستعمل هذا المصطلح أو هو الشخص يطلع عليهِ هذا المصطلح يكون فرداً من أفراد قوى الأمن في العراق ويكون تابعاً إلى إحدى المؤسسات الأمنية سواء وزارة الداخلية وتشكيلاتها أو وزارة الدفاع وتشكيلاتها أو حتى إذا كان عنصر أمني لأحد الدوائر والوزارات الحكومية كما يطلق عليهم “آف بي آس” حماية مؤسسات الحكومية. هذا هو المعنى الحقيقي الذي تحملهُ هذه العبارة “أنا مُنتسب ” لذلك عندما يسمع بها الشخص المدني أو المواطن العادي يشعر بشيء من الرهبة والإحترام وأحيانا يشعر بالظلم والقهر ! فعندما يأتي أحد الأشخاص ويضرب السيطرة أو نقطة التفتيش بعرض الحائط! ولا يحترم المواطنين الذين يقفون لساعات طويلة! ولا حتى عناصر الأمن المتواجدين فيها! ويقول هذه العبارة أنا منتسب!!!! ثم يمر بلا حسيب أو رقيب ودون أي تفتيش أو حتى التأكد من هويتهِ الشخصية أو حتى العسكرية! وموقف آخر عندما تدخل المشفى الحكومي وتقف في الطابور لغرض الفحص لدى الطبيب وإذا بالكثير من الأشخاص بالزي العسكري أو المدني تدخل أمام الجميع بلا إستئذان وبلا إحترام الطابور ولا القانون! ولا المواطنين المرضى! بمجرد أن يقول أنا منتسب! يدخل قبلك بالطابور لا والأكثر من ذلك غصباً على الجميع أن يكون هو أولاً!!. وموقف آخر عندما تذهب إلى الجامعة كأي طالب أو مراجع تتعرض إلى الكثير من الأسئلة بطبيعة الحال وحتى التفتيش والتدقيق وأنتَ في الإنتظار لكي يُسمح لكَ بالدخول وأحيانا لا يُسمح لكَ في حال كُنتَ مراجعاً لظروف أمنية! وإذا بشخص عادي حالهُ من حالكَ يدخل أمامك وبلا تدقيق وأيضاً بذات العبارة “أنا منتسب!”وموقف آخر عندما تريد أن تراجع أي دائرة أو وزارة حكومية لغرض إنجاز معاملة أو شيئاً ما وأنتَ تقف في الإنتظار لدورك وإذا بمجموعة من الأشخاص يصلون بعدكَ بثلاثة ساعات!! أو أكثر وتُنجز معاملاتهم وأنتَ تنظر وإذا بعبارة نحنُ مُنتسبين أو نحنُ أقارب المنتسب والعقيد أو الضابط فلان وعلان!!.

وموقف آخر أيضاً عندما تقف في طابور محطة البنزين لساعات طويلة وإذا بشخص مدني أو عسكري يستقل سيارتهِ الشخصية المدنية غير الحكومية! يدخل من باب الخروج للسيارات! ويقف عند ماكنة تعبئة الوقود ويقول أنا مُنتسب!!! ولدي دوام بسرعة فَوّل السيارة وبعضهم حتى لايدفع حتى حساب البنزين!..

وموقف آخر أيضاً عندما تسير في الشارع أو تكون في مكان عام وتجد أحد الشباب يقوم بحركة تحرش تخشى أن تكلمهُ لأنهُ سوف يقول لكَ “أنا مُنتسب”! وإذا كان فعلاً منتسب وحاولت أن تتدخل وتُكلم هذا الشخص لا تعلم ما الذي ممكن أن يحصل لكَ لانهُ سوف يفعل بك أشياء لم تخطر على بالِكَ ! -منها سوف يتصل بأصدقائهِ ويأتوك بدورية عسكرية ثم تعتقل!

-أو سوف يأخذ هويتُكَ الشخصية ويقول لكَ راجع مركز الشرطة الفلاني وهناك يتم التحقيق معك وتكون متهماً بجريمة إغتيال هذا المنتسب! أو جريمة الإعتداء عليه!

– والشيء الآخر الذي ممكن أن يفعلهُ بكَ أحد المنتسبين هو أن يأخذ إسمك الثلاثي ويدرجهُ في قائمة أسماء الإرهابيين وسوف تصبح مطلوب للعدالة!..

نعم هذه هي المواقف التي تحدث الآن داخل مجتمعنا من قبل بعض هؤلاء المتسببين الذين يظنون أن كلمة منتسب هي صك الغفران! وممكن أن تكون هي القانون الذي يحكم بهِ هذا الشخص ويعتقد بأنهُ هو الدولة بحد ذاتهِ ! ومن يقف أمامهُ من الناس عدو لهُ أو مخالف لهُ وعليه أن يطبق القانون في حقهِ أو “يخرق القانون” لكي يثبت إنهُ عنصر أمني يحق لهُ أن يفعل كل شيء بلا حسيب أو رقيب! وأن هذه الممارسات وهذه المواقف التي ذكرتها وهناك الكثير التي لم أذكرها! ماهي إلا ممارسات لكثير من المنتسبين اليوم في الشارع العراقي! وأكثر هذه الممارسات هي بالأساس ليست لتطبيق القانون للدولة! بل العكس هي خرق للقانون وتعدي واضح عليه وعلى حرية المواطنين وحقوقهم في العيش! والمسؤولية هنا تقع على الشخص نفسهُ أولاً! وكذلك بالدرجة الأولى تقع على الدولة! التي إختارت هذا الشخص الغير مناسب! لشغل هذا المنصب رجل أمن وحفظ القانون ومهمتهِ والحفاظ على الدولة ومواطنيها! لا بل تؤكد الدولة على سوء الإختيار عندما تعمل على قبول المتطوعين الذين لا يحملون اي مؤهل دراسي أو حتى لايقرأ ولايكتب! وتركت الشباب الخريجين عاطلين عن العمل! وأكثرهم يتمنى أن يحصل على أي وظيفة كانت! لكن قوانين الدولة لا تسمح لهم أما بسبب تجاوز السن القانوني للتطوع أو تطلب بعض الإختصاصات فقط وتترك الباقي! لذلك نجد اليوم الشارع العراقي مليء بالمخالفات والتجاوزات على القانون! من الرجال الذين كلفتهم الدولة بحماية وتطبيق القانون! ولأن أكثر منتسبي الوزارات الأمنية بالعراق لا يعلم ماهي حقوق الإنسان! ولا يعلم ماهو القانون ! وكيف ممكن أن يطبق وما هو دورهُ في حفظ القانون وتطبيقهِ وحماية المواطنين الذين هم أمانة في عنقهِ! لا بل يظن البعض أنهُ هو القانون وهو الدولة! والكلمات التي تصدر منهُ هي القانون الذي يجب أن يطبق رغماً عن أنف المواطنين! وحتى المسؤولين! هكذا يعتقد هؤلاء المنتسبين الغير منضبطين! الذين عاثوا في الأرض فساداً والدولة تعلم بكل هذه التجاوزات التي تحصل الآن! لكنها لم تفعل شيئاً!. ومن هنا أوجه النداء: يجب على الجهات المختصة بكل الوزارات الأمنية أن تتدخل وتربي وتضبط منتسبيها وأن تعمل على وضع شروط مناسبة جداً لإختيار المتطوعين وتحدد أسس ومعايير سليمة لإختيار العنصر البشري المناسب كأن يكون حاصل على مؤهل دراسي جيد يعلم حقوق الإنسان لديه معلومات عن ماهو دورهُ وواجباتهُ التي يجب أن يقدمها من أجل هذه المهنه وهذا الشرف العظيم. وكذلك يجب أن تعمل الجهات المختصة على وضع جهاز رقابي صارم لكل شخص منتسب لديها ! يقوم هذا الجهاز بالمتابعة الميدانية ومحاسبة كل منتسب يخرق القانون ويستغل منصبهُ في إذاء المواطنين والتطاول على حقوقهم! وكذلك يجب سن قانون جديد وهو أن الشخص المنتسب إذا لم يكن في الواجب العسكري وبالزي العسكري فهو مواطن عادي لا يحق لهُ أن يستخدم صفتهُ هويتهِ العسكرية ويحاول أن يخرق القانون والنظام المدني! من خلال ضرب السيطرات وعدم الالتزام بالوقوف مع المواطنين للتفتيش! وكذلك خرق الطوابير في كل مكان ودائرة بحجة أنه رجل عسكري ومنتسب! هذا القانون لو طبق على الجميع سوف يكون رادع حقيقي يضمن سلامة النظام وحفظ الأمن وحقوق المواطنين. وكذلك يعزز الشعور بالمواساة بين جميع الأفراد طبقات المجتمع.وفي الختام أتمنى من كل إنسان في وطني أن لا يستغل منصبهُ الوظيفي وان يعمل جاهداً في خدمة المواطن والوطن قدر الإمكان بهذا الشكل ممكن أن نبني الوطن بالشكل الصحيح.