حذار من استخدام القوة مجدداً

 

اللجوء إلى القوة في حل معضلات سياسية واجتماعية ليس هو الحل الأنسب دائما ، وخصوصا إذا كانت ذات طابع جماهيري واسع ، كما هو الحال في ساحات الاعتصام والاحتجاج في المحافظات الست او اي مكان اخر قد تنشأ فيه أزمات مستقبلا . القانون والدستور يمنعان اللجوء إلى ذلك ويحاسبان كل من يرتكب هذه الفعلة مهما كان موقعه في المجتمع والدولة . لنا مثالان قويان في المعالجة ومختلفان في النتائج والتداعيات ، الاول اقتحام ساحة اعتصام الحويجة ووقوع ضحايا بالعشرات من المدنيين والعسكريين من دون مبرر سوى إرضاء نزعة التسلط والقوة والبحث عن فرض هيبة زائفة ومحاولات التشبه بالحكام الدكتاتوريين .. الثاني التفاوض مع العشائر والفعاليات النشطة والحوار في منطقة سليمان بيك الذي أفضى إلى اتفاق ملائم ودخول الجيش والسماح له بتفتيش المنازل بحثا عن الهاربين والمطلوبين للعدالة وانهاء الازمة التي كادت ان تسفك دماء طاهرة جديدة .. اليوم ، التهدئة من قبل الاطراف اصبحت ضرورة لاغنى عنها للحفاظ على ارواح المواطنين واحترام مؤسسات الدولة والتقييد بأحكام الدستور ، وايضا لوأد الفتنة الطائفية التي تحاول اثارتها القوى الارهابية . إضافة إلى الدستور ، أوضحت المرجعية الدينية لكل المذاهب والاديان أحقية المواطنين في التظاهر السلمي للتعبير عن مطالبهم وعلى الحكومة الاستجابة لما هو قانوني ومشروع فيها . كما انها ادانت استخدام القوة والعنف في حل المشكلات او لأجبار الحكومة على تحقيق مطالب وانتهاك حرمة دم ابناء الشعب. الملاحظ في الاونة الاخيرة محاولة قوى التطرف والارهاب حرف التظاهرات والاعتصامات السلمية عن نهجها ودفع المتذمرين والساخطين على بطء إجراءات تلبية الحاجات إلى المواجهة مع الجيش الوطني وطعنه في مقتل لغايات معروفة . ان مواقف المتظاهرين كانت الادانة الشديدة لما وقع رغما عنهم ودعت قياداتهم الى عزل المندسين وملاحقة الذين ارتكبوا جريمة قتل العسكريين في الانبار وتقديمهم الى القضاء العادل . الوضع مثير للقلق البالغ ، بل انه خطير ينذر بكارثة ، فالاصرار على فرض الحلول غير المدروسة والمؤدية الى الصدام ، يمكن ان ينهي او يفرق المحتجين ، ولكنه سيبقى جمرا يتلظى تحت الرماد ويضيف شرخا اخر بين مكونات شعبنا .. او ان الاوضاع اذا لم تحسم تكسب قوى التطرف والعنف مشاركين جدد فيه وقوى إضافية تنتقل من معسكر العملية السياسية الى المعسكر المضاد لها . حذار من تكرار ما وقع في ساحة الحويجة الذي لا يمكن تبريره وتم الاقرار بخطأه والاضطرار الى تعويض الضحايا واعتبارهم شهداء بعد ان تم اتهامهم بانهم متمردون وارهابيون قبل الاقتحام . كما ان الاندفاع في تشكيل ميليشيات تصعيد وإثارة لا طائل منها سوى المزيد من الإضرار ، وتعقيد حل المشكلات . الجميع مدعو ، اليوم ، حكومة ومتظاهرين ، الى الفرز بين الذين يعبرون عن طموحات مشروعة في تحسين احوالهم ، وبين قوى تختلط بهم ليس لها من مصلحة سوى استغلال هذا التعبير لأثارة الاضطراب والفتنة ، وفي المقابل على الاجهزة الامنية ان لا تضع الجميع في سلة واحدة وتنتبه الى بعض عناصرها وتخفيف اندفاعتهم المسبقة أو توريطهم في ما يخالف الواجبات وأهداف الأجهزة الأمنية في ضبط الامن وحماية ابناء شعبنا وعدم التدخل في السياسية.