كثرت التصريحات المحبطة حول موازنة العام القادم 2017، نواب ومستشارون ووزراء تحدثوا عن الموازنة باسلوب قاتم يزرع اليأس في قلوب الشعب ولا سيما الموظفين والمتقاعدين متناسين لغة التفاؤل وقدرة الله رب العرش العظيم على تغيير منظومات الكون بليلة وضحاها- قَبل سَنوَات طَالبتُ بعَمل دَورَات لبَعض الوزرَاء، وتَأهيلهم لتَعلُّم التَّعامُل والتَّخَاطُب مَع وسَائل الإعلَام، وهَذا لَيس عَيباً ولَا أَمراً جَديداً، فكُلّ السَّاسَة في الغَرب والمَسؤولين، يَخضعون لتَدريبات مُكثَّفة وطَويلَة، لكَيفيّة إجَادة هَذه المِهنَة، وأَعنِي بِهَا التَّعامُل مَع وسَائِل الإعلَام..! لَن أَتحدَّث عَن عِبَارة «خَانَني التَّعبير»، أَو عِبَارة «البَرْبَرَة»، أَو عِبَارة «الإفلَاس»، أَو عِبَارة «إنتَاجيّة المُوظَّف»، لأنَّ تَحديد هَذه الأشيَاء؛ يُوحي بأنَّ الخَطَأ مَحصور في تَصريحَات هَذا المَسؤول أَو ذَاك، ولَكن الأَمر أكبَر مِن هَذا بكَثير، لأنَّنا مُنذ سَنوَات؛ ونَحنُ نُعاني مِن تَصريحات بَعض المَسؤولين، التي تَذهب بِنَا إلَى الاصطدَام بالحَائِط، أَو الاصطدَام بالسيَّارة المُقَابِلة..! كان الوزراء في السابق متحفظين في تصريحاتهم، حريصين على لهجة رسمية تعارف عليها الإعلام، وكانت تصريحات يطلقها وزراء مختلفون تجد صدى مختلفا في المجتمع، لكنها ظلت تصريحات تصبغها الرزانة وإن حررتها الصراحة والدعابة أحيانا!. في السنوات الأخيرة جاء جيل جديد من المسؤولين تأثر باستخدام منصات التواصل الاجتماعي فلم يفرق بعضهم بين التصريح والتغريد، تعاملوا كمسؤولين مع المتلقي كما يتعامل المغرد باستعلاء مع متابعيه، فلم يخاطبوا وعيه بقدر ما كانوا يخاطبون سمعه كما يفعل الخطيب التقليدي الذي يرسل رسائله باتجاه واحد!. أحيانا كانت الرسالة صحيحة لكن التعبير عنها خاطئ، وهنا نجد أزمة الخطاب الرسمي والفجوة التي تتسع بين المؤسسة الرسمية والمجتمع عندما ينفصل المسؤول عن واقع مجتمعه ويبتعد عن فهم مشكلاته وهمومه!.وهو مجتمع إيجابي، هذا المجتمع الإيجابي واع بالظروف الاقتصادية التي تواجهها البلاد ومستعد للمساهمة في تحمل أثقالها كما فعل آباؤه وأجداده من قبل، لكنه غير مستعد لأن يستخف أحد بذكائه أو يطل عليه من أبراج عالية!.فكما أنه واع بمتطلبات التقشف في هذه المرحلة الاقتصادية الطارئة، فإنه أيضا واع بأسبابها ما ظهر منها وما بطن، ومن حقه أن يشارك في وضع حلولها مثلما هو مطالب بالمشاركة في تسديد فواتيرها!. أحيَاناً أَظنُّ -ولَيسَ كُلّ الظَّنِّ إِثم- أَنَّ تَصريحَات بَعض الوزرَاء مُستَفزّة للشَّعب، وكَأنَّهم في حَالة خلافٍ مُستَمر مَعهم، فمِن تَصريح «السّيفون» إلَى تَصريح «الإفلَاس»؛ هُنَاك عَشرَات التَّصريحَات التي تُؤذي المُواطِن، وتَجعله يَشعر بالإحبَاط..! إنَّ الشَّعبَ العراقي شَعبٌ كَريمٌ ويَتحمَّل، ولقَد تَقبَّل بكُلِّ الرِّضَا ذهاب البَدلَات، ولَكنَّه تَوقَّع مِن المَسؤولين كَلِمَةً تَرفع مَعنويَّاته، أَو تُعطيه ضَوءاً في آَخر النَّفَق، ثُمَّ اكتَشَف أَنَّ المَسؤول يُحَاول أَنْ يُطفئ المصبَاح الذي في النَّفَق، ويَجعل الظَّلام دَامِساً، وبذَلك أَصبَح المُواطِن مَوجوع العَينين، وأَكَلَ ضَربتين في رَأسهِ، ضَربةً مِن إلغَاء البَدلَات – التي تَقبَّلهَا ورَضي بِهَا- وضَربةً مِن تَصريحَات بَعض الوزراء التي أَصَابَته بالإحبَاط..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ أَقول: سَألني أَحدُهم مَاذا تَقول لبَعض النواب و الوزرَاء؟ فقُلت: أُنَاديهم قَائلاً: أَرجُوكم لَا تَفتَحوا فَم اليَأس والإحبَاط، ليَفترس مَا بَقي لَنَا مِن الأحلَام والطّمُوحَات، والحيَاة الكَريمَة..!!
|