أول أصلاحات العبادي: لا يستحق المتقاعدون رواتبهم لأن الشمس تشرق من الشرق!
لا أفهم لحد هذه اللحظة منطق حكومة العبادي التي تدعي الاصلاح ليل نهار حتى صُمت أذانا وعلتّ قلوبنا، ولكنها تنشب مخالبها الجارحة والحادة في قوت المتقاعدين! فمن لحظة تولي العبادي الحكم إلى الآن و العبادي يستقطع و يخّفض بل ويوقف التقاعد كليا! فالمتقاعدين في الكثير من المحافظات العراقية يتضورون جوعا و يضربون اخماس في اسداس بحثا عن مصدر رزق او معيشة. و تبدو شريحة المتقاعدين الأكثر تضررا فالمتقاعد البالغ من الكبر عتيا ينهكه المرض و السن غير قادر على شراء ادويته و كفاية نفسه كما انه غير قادر على العمل.
إن قيام العبادي بالاستيلاء غير المشروع على اموال المتقاعدين يجعل العبادي مرتكب جريمة غصب الاموال و هي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة452 /1بالسجن لمدة سبع سنوات.
فجريمة غصب الاموال تتلخص بقيام شخص بسلب اموال الاخرين و الاستيلاء عليها دون وجه حق سواء جزئيا او كليا و غصبا عن ارادة صاحبها. و لحد هذه اللحظة فالعبادي استولى على تقاعد ملايين العراقيين دون وجه حق و غصبا عنهم. فالمال مال المتقاعد: حقه و استحقاقه عن سنين الخدمة و تعب الاعوام و تأدية الواجب. كما قام المتقاعد بدفع الاستقطاع التقاعدي الشهري و لهذا يكون التقاعد حق مكتسب لا يجوز المساس به او الاستيلاء عليه.
لكن العبادي الاصلاحي لم يجد إي بأس في الاستيلاء غير المشروع على رواتب المتقاعدين. فموقف العبادي لا يتختلف في شيئ عن موقف الشقاوة او البلطجي الذي يستخدم عضلاته على الضعيف ليسلبه ماله بالقوة. الفرق الوحيد أن العبادي يستخدم سلطته ليسلب الملايين حقوقها!!! الملايين من الشيوخ و العجزة والمعاقين و النساء و الاطفال و اليتامى فهولاء من يبطش بهم العبادي الاصلاحي و يستقوي عليهم بسطوة نفوذه و سلطته!
تذرع العبادي بانخفاض اسعار النفط كسبب للاستيلاء على تقاعد البسطاء لكن اسعار النفط انخفضت في كل انحاء العالم بما فيها دول الخليج لكن هذه الدول لم تستولي على تقاعد مواطينها و تدعي الاصلاح. فالكويت تدفع 95% من أخر راتب تقاضاه الموظف بل و تدفع نسبة 5% عن الاستقالة!! فالكويت تكرّم الموظف حتى لو استقال و ترك الخدمة! كما تمنح المتقاعدة نسبة 65% من راتبها و بعض النظر عن حالتها الاجتماعية – إي حتى لو كانت متزوجة و لديها معيل. الكويت تودع الراتب مباشرة و كل شهر في حساب المتقاعد، دون أن تطلب منه شهادة قيد الحياة، دون تكبده مشقة زيارة جنهم الحمراء و المسماة دائرة التقاعد العامة و التي تتلمس خطى العبادي، فتارة تصرف التقاعد و تارة تستولي عليه و لا تدع ورقة و لا معاملة إلا و تطلبها. فبعد أن يفتح الموظف شباكه ينظر لك متأفف مشمئز و كأن وجودك يزعجه و قبل أن تفتح فمك يبادرك " ماكو تقاعد روح و تعال ورا شهر" فموظفي التقاعد على دين العبادي، الذي يسحق تقاعد الناس بحذاءه الايطالي الثمين. أما النساء فبحق عزة الله بنفطر قلب عتاة المجرمين عليهن! يلتحفن الارض بعباءتهن، التي يشدها أكثر من طفل، ليصرخ الرضيع مطلبا بالحليب، وفوق كل هذا ينالهن النصب الأكبر من الاهانة و التحقيير و الاساءة. كل هذا لأن المتقاعدين تجرؤا و طالبوا بحقوقهم و تقاعدهم.
هل هذا هو اصلاح العبادي؟ غصب اموال المتقاعدين و حقوقهم؟ لماذا لا يمنح العبادي المتقاعدين نسبة 90% من أخر راتب تقاضوه؟ ما فرق العراق عن الكويت؟ أليس العراق ثاني دولة نفطية بالعالم فإين ذهبت الاموال؟ إن ميزانية العراق لعام 2015 هي 105 مليار دولار إين ذهبت؟ لا احد يجيب و أول الصامتين هو العبادي!!! إن ميزانية الادرن لعام 2015 بلغت 11 مليار تكفيهم ماء و كهرباء و جيش و شرطة ورواتب و تقاعد فإين ذهبت اموالنا؟ و عند هذا السؤال يصمت البرلمان عن الكلام المباح، و تعلن هيئة النزاهة الصوم عن الكلام على اعتبار إن رئيسها دائم الصيام! أما ميزانية العراق لعام 2016 فبلغت 92 مليار دولار لا أحد يعرف إين ذهبت و على ماذا صُرفت!!
و بعد انخفاض اسعار النفط تذرع العبادي بالحرب على داعش ولكن سوريا الدولة غير النفطية و التي تخوض حربا ضروس ضد داعش منذ عام 2011 لم تستولي على تقاعد مواطنيها بل مازالت تصرف التقاعد لكل السورين بل إن دمشق تبدو أكثر أمنا و استقرار من بغداد بمئات المرات.
و بعد الحرب على داعش تذرع العبادي بالحاجة إلى التقشف والترشيق. الغريب أن التقشف لا يشمل حزب الدعوة، فمقرات حزب الدعوة في بغداد وحدها تجاوزت الخمسين مقر، و في كل محافظة يوجد عشر مقرات على الاقل. مجهزة بأحدث الاثاث و اجهزة الحاسوب و كاميرات المراقبة و مولدات الكهرباء و الحرس الذين يستلمون رواتب غير مقشفة و السواق والسكرتارية و الموظفين. ثم قنوات حزب الدعوة آفاق و بلادي، بما فيها رواتب المراسلين و الاعلاميين و الموظفين المتضخمة، و الكاميرات و الاستوديوهات  و حجز موقع على الاقمار الصناعية، كل هذه الاموال يحرم منها المتقاعدين و يستمتع بها حزب الدعوة ورجاله لماذا؟ و عند توجيه هذا السؤال أصيب البرلمان بحالة سُكر شديد فهذا السؤال تم توجيه قبل تحريم تداول الخمر التي كانت مشروبا شائعا في البرلمان العراقي الموقر. في حين أن هيئة النزاهة تنتظر أن ينزل عليها " سهم الله" عسى ولعل أن تستفيق من سباتها و تنظر حولها و تشاهد مقرات حزب الدعوة الشاحقة أو تفتح التلفزيون على قناة بلادي و تسأل صاحبها من أين لك هذا؟ لكن هيئة النزاهة تعتبر التلفزيون حرام و لا تشاهده مطلقا كما أن النزاهة لا ترى و لا تسمع و لاتتكلم كلما تعلق الامر بقدس الاقداس حزب الدعوة!
 وبعد أن أستفذ العبادي الحجج لغصب اموال المتقاعدين حار في أمر و حار معه مستشاروه ممن لا يعرفون غير كلمة نعم و مشتقاتها ولهذا يستلمون أضخم الرواتب،  فما هي الحجج التي يمكن للعبادي استخدمها للاستيلاء على رواتب المتقاعدين؟ ما هي حجج العبادي للابقاء على شهادة الحياة و هو اجراء صدامي مقيت ابتدعه المقبور ليتجسس على خصومه؟ ما هي حجة العبادي لجعل معاملة التقاعد أصعب معاملة على وجه الكرة الارضية فدائرة التقاعد لا ترك ورقة و لا ملف و لا هوية و لا تأييد و ختم و لا طابع و لا رسم إلا و تطلبه كي يتحمل المتقاعد جزاء اعماله ويتوب عن المطالبة بحقه!
مسكين العبادي افلست حججه و بان معدنه!  حسناً سوف اساعد العبادي و اقدم له بعض الحجج الجديدة : أقترح على العبادي أن يغصب الرواتب التقاعدية و يستولي عليها لأن الشمس تشرق من الشرق و تغرب من الغرب فهي حجة جديدة لم يتسعملها أحد من قبله.
يبدو أن العبادي لا يعرف لقبه الجديد، فالشارع العراقي لقّب العبادي، بحرامي التقاعد، فالعبادي استحق هذا اللقب عن جدارة و بلا منازع! فهنيئاً له و ألف مبروك.