"ملحمة حلب الكبرى من جديد ..الأسباب والنتائج والتداعيات!؟" |
في البداية لا يمكن إنكار حقيقة أنّ معركة محافظة حلب بشكلٍ خاص والشمال السوري بشكلٍ عام، تعني الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة في الحرب على سورية، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالنظام السعودي المنغمسبالحرب على سورية لا يريد أن يتلقّى هزيمة جديدة، وقد تكرّرت هزائمه مؤخراً في مناطق غوطة دمشق الشرقية، فتحرير مدينة حلب وريفها الشمالي، يعني للنظام السعودي سقوط كلّ ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدةوكبيرة للنظام السعودي ومعه النظام التركي والقطري والفرنسي والأميركي على وجه التحديد، فاليوم من المتوقع أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعموم أرياف حلب الشمالي والجنوبي الغربيوالشمالي الشرقي، واستكمال مهمة تحرير الأحياء الشرقية لمدينة حلب بعد الإطباق عليها أخيراً، وهذا ما لا يريده لا النظام التركي ولا النظام السعودي، ولذلك نرى اليوم أنّ هناك حالة من الترقب والدعم المستمرّ من هذه الأنظمة للمجاميع الإرهابية المسلحة في محاولةٍ لوقفِ تقدّم الجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض، وهذا ما أنتج عملية ما يسمّى بـ»معركة فك الحصار عن احياء حلب الشرقية – ملحمة حلب الكبرى » المستمرة منذ مساء الخميس الفائت 27-10-2016 والتي تقودها مجموعة تنظيمات مسلحة وعلى رأسها «جبهة فتح الشام «تنظيم النصرة سابقاً. هنا بالتحديد تدرك جميع القوى المنخرطة في الحرب على سورية، أنّ معركة الجيش العربي السوري وحلفائه والرامية إلى تحرير محافظة حلب بشكلٍ عام، وريفها الشمالي بشكلٍ خاص ستكون لها الكلمةُ الفصل وفق نتائجها المنتظرة، بأيّ حديث مقبل يجري عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية، وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف، فالمعركة وتداعياتها لن تتوقف عند حدود أحياء مدينة حلب الشرقية أو ريف حلب الجنوبي أو ريف حلب الغربي، بل ستكون لها تداعيات كبيرة على عموم ملفات الميدان العسكري السوري. اليوم يُراقب العالم ككلّ مسار معركة محافظة حلب، التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، فاليوم بات لا خيار أمام الدولة السورية وحلفائها إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير الأرض السورية، من رجس الإرهاب ومتزعّميه و داعميه ومموّليه، وإن تقرّر مصيرها بنفسها بعيداً من تقاطع مصالح المشروع الأميركي – الصهيوني وأدواته من الأنظمة الرجعية العربية والمتأسلمة في الإقليم، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة محافظة حلب، التي بدأت منذ مطلع شهر تشرين أول الماضي"2015"، فالمحافظة تحتلّ أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول السلسلة الحدودية بين سورية وتركيا. في سورية اليوم يساوي تحرير مدينة حلب وريفها الشمالي للدولة السورية وحلفاؤها مكسباً كبيراً وورقةً رابحةً جديدة في مفاوضاتها المقبلة مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين في الحرب على الدولة السورية، ومن خلال ورقة حلب المدينة وريفها الشمالي وما بعدها، ستفرض الدولة السورية شروطها على الجميع، وعندها لا يمكن أن تحصل أيّ تسويّة إلا بموافقة الدولة ونظامها الرسمي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كلّ ما لحق بهذاالشعب من أذى من قبل أطراف الحرب على سورية، وهنا لا يمكن لأيّ متابع أن يُنكر حجم الأهمية الاستراتيجية لمحافظة حلب عسكرياً والمتموضعة بموقعها الاستراتيجي بشمال سورية، فهي تُشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق شمال وشمال غرب وشمال شرق وشرق ووسط سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية التركية، وهي تعتبر تقريباً من أكبر معاقل المجاميع المسلحة الإرهابية العابرة للقارات، وخصوصاً ريفها الشمالي والغربي والذي تتمركز فيه بشكلٍ واسع مجاميع «داعش والنصرة»، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لهذه المحافظة، بخريطة المعارك المقبلة بشمال وشمال شرق سورية بشكل عام. موقف واشنطن من معركة حلب، يمكن أن يقرأ من خلال الصحافة ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية، التي بدأت تتحدث عن فشل الرؤية والاستراتيجية الأميركية بخصوص موقفها من الحرب على سورية، بعد فشل أميركا وحلفائها في تحقيق أيّ إنجازٍ فعلي على الأرض بسورية، وتؤكد مراكز الأبحاث هذه أنّ صمود سورية يهيّئ الأرضية لانتصارها مستقبلاً مدعومة بحلفائها، ولهذا فهي تراقب عن كثب هذه التطورات، وتعمل جاهدةً لإفشال مساعي السوريين والروس الساعين لتحقيق إنجاز عسكري هام بمحافظة حلب بمجموعها، سيصرف على طاولة المفاوضات المقبلة كورقة استراتيجية. ختاماً، إنّ تحرير محافظة حلب، ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لوقت وعمل طويل نوعاً ما، وهذا ما تدركة القيادة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفائها، ولكن هذا التحرير ومهما طالت مسارات عمله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية، وتحريرالمحافظة سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، ومن المتوقع أن يشكل وفق نتائجه المنتظرة انعطافة كبيرة باتجاه وضع حدّ للحرب على سورية. |