كيف قامت امريكا بتدمير العراق من خلال "سبعة انجازات" |
العراق تايمز: غاري ليوب ترجمة: مروان حبيب ما زال العراق الى اليوم وبشكل مباشر، يعاني من النتائج التي وصفت بالكارثية، للغزو الذي تعرض له عام 2003 على يد القوات الامريكية، والذي وصم من قبل الأمم المتحدة، بانه "غير شرعي"، على الرغم من استمرار الولايات المتحدة في التعامل معه على انه قانوني.
التبعات المباشرة وغير المباشرة لذلك الغزو، وما نتج عنه لاحقا من أفعال أكثر سوء تباينت من الانسحاب المبكر، ترك البلاد عرضة للفساد والتدمير، وحل الجيش العراقي السابق ثم ترك البلاد بلا مؤسسات، كلها أدت بالنتيجة الى خلق سبعة إنجازات سلبية مدمرة دخلت التاريخ، كأكبرهن.
تلك النتائج، تحولت الى وصمة عار في جبين الولايات المتحدة لكونها المتسبب الأساسي بها، سواء بالقرارات الخاطئة التي اتخذتها، او بعدم الكفائة بالتعاطي مع الوضع الذي افرزها.
نمو القاعدة بشكل دراماتيكي
بعد الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة على الأراضي الامريكية عام 2001، تحول وللمرة الأولى في تاريخه، الى نظام إرهابي عالمي، عبر توسعه في العراق، بعد سيطرة الولايات المتحدة عليه، من خلال ما يعرف حينها "بالثورة السنية ضد المحتلين وحلفائهم الشيعة"، والتي ما زالت نتائجها المذهبية تخيم على الوضع العراقي.
التوسع لم يقتصر على العراق فقط، بل تعداه الى سوريا، حيث انفصل القاعدة مفرزا تنظيما جديدا يعرف باسم "النصرة"، والتي امست منافسا قويا بشعا لتنظيم داعش الحالي، كما مثل العراق خلال تلك الفترة، ارضا كانت تعد مركز تدريبي للإرهابيين، من الذين يسيطرون على ليبيا وغيرها الان.
تشجيع قضية إقامة دولة كردية على حساب العراق
من تلك النتائج المباشرة، هي الدعم المقدم الى المكون الكردي من الشعب العراقي، والذي ساهم في تحويل مناطقهم الى إقليم شبه مستقل، يسعى الى تكوين بلاد موحدة بعيدة عن بغداد، تتحول لاحقا الى دولة أكبر، مما سبب للولايات المتحدة والعراق على السواء مشاكل، حيث يسعى الاكراد، الى الحصول على الأراضي من إيران، تركيا، وسوريا، وهي الدول ذات السيادة، التي ستتحمل الولايات المتحدة نتيجة تقسيمها، إذا ما حصل الاكراد على مرامهم.
الدعم هذا، لم يكن الأول من نوعه، بل كان النهائي نوعا ما، اذ بدأت الولايات المتحدة بدعم القضية الكردية منذ نهاية عام 1991، بعد اقامتها لمنطقة حظر طيران في الشمال العراقي، لسلب النظام العراقي حينها، إمكانية نشر قوات تستهدف المتمردين الاكراد في تلك الحقبة.
في الوقت الذي يصارع فيه هذا الإقليم الساعي الى التحول نحو بلاد، مع بغداد للحصول على أراضي أكبر وتوسعة حدود دولته المستقبلية، يتعرض الى خطر التدخل التركي، الذي يهدد وجود هذا الإقليم والكيان الساعي لابثاقه، خصوصا مع عجز الولايات المتحدة عن التدخل وإيقاف المد التركي.
تدمير الدولة العراقية
اول عوامل الهدم، التسبب بتقسيم العراق الى ثلاث أجزاء أقيمت على أسس مذهبية وعرقية، منها المناطق الكردية في الشمال، الشيعية في الجنوب، والسنية في غرب البلاد، النظام السابق، المقاد من قبل صدام، كان دكتاتوري وقمعي ووحشي أيضا الى حد لا يطاق، لكنه تمكن من الحفاظ على النظام، وابعد الدين عن السياسة الى حد ما، بالإضافة الى حمايته الأقليات الدينية المسيحية وغيرها.
بالإضافة الى ما سبق، فان حقوق المراة كانت أكثر وجود على الساحة، لم يفرض أي نوع من الأزياء بالقوة، وضع قانون "نابليوني" مدني وليس ديني كما هو المعمول به الان، وترخيص اذاعات خاصة بالروك اند رول، كما انه سمح بإنتاج وتعاطي المواد الكحولية.
على الرغم من الدكتاتورية الشديدة لذلك النظام القمعي المجرم، الا ان النظام الحالي، امتلك من الفساد الإداري ما جعل الناس تقارن بينه وبين النظام القمعي السابق، خصوصا بعد عكسه للقوانين المدنية، وفرضه لقوانين تكرس للتقسيم وتهشيم وحدة البلاد الدينية والعرقية.
تاثير ايران توسع خلال حقبة السيطرة الامريكية
مع وجود غالبية شيعية من السكان في العراق، ووقوع ايران المهيمنة الى جانبهم، ولكون القادة الشيعة درسوا وعاشوا في ايران لفترة طويلة جدا، قبل تمكن الولايات المتحدة من اسقاط النظام السابق، فانهم يمتلكون تعاطف تجاه نظام "المله" في ايران، والذي بدا بالسيطرة على الأوضاع العراقية مع تضائل السيطرة الامريكية.
الانتخابات التي اقامتها الولايات المتحدة، افرزت حكومة إيرانية بامتياز، ومن الواضح، بان القادة الأمريكيين لم يفكروا بذلك حين قرروا إقامة الانتخابات بشكلها الذي أقيمت عليه، حيث رات إيران في ذلك فرصة للحصول على فرصة سيطرة، او انتقام، من نظام شن حربا عليها لمدة ثمان أعوام طويلة، في الوقت الذي فقدت فيه ايران اصدقائها العرب بالكامل، وحظيت بأعداء عديدين، تحاول تصدير عدائهم الى طرف اخر، خلقته في العراق.
الغزو الأمريكي حول العراق الى ساحة صراع سنية شيعية
العراق تحول منذ عام 2003، الى منطقة صراع إقليمي مقامة على أسس مذهبية، محوريها الأساسيين هما السعودية، التي ترى في الشيعة خطرا يهدد وجودها بسبب خوفها من الأقلية الشيعية على أراضيها، والتي قد تثور ضدها في أي وقت، وايران، التي تصور نفسها كالحامية لكل الشيعة في سوريا، لبنان، اليمن، وتستغل العراق بالطبع في تصفية تلك الحسابات.
نظام "العصور الوسطى" السعودي، يهاجم دول الهلال المتأثرة بإيران، عادا كل تلك المجتمعات جزءا من المؤامرة الإيرانية التي يراها النظام السعودي تستهدفه، خصوصا مع تزاحمها لتمويل تنظيم داعش، والنصرة، في محاولة لتحجيم النفوذ الإيراني المذهبي كذلك، الذي قد يؤثر على وجودها.
فرقة بين الولايات المتحدة وحليفتها تركيا بسبب العراق
الخلاف الذي تسبب به الدعم الأمريكي للاكراد، الأعداء النمطيين لتركيا، الحليفة الأساسية للناتو وأكبر ثاني قوة عسكرية عددا فيه، تزايد في الآونة الأخيرة، مع انطلاق الطائرات التركية نحو العراق وسوريا لضرب الاكراد.
توسع تلك العمليات نحو البرية، وضرب الحلفاء الحيويين للولايات المتحدة من الفصائل الكردية في سوريا، ترك تركيا وامريكا في وضع دبلوماسي حرج، خصوصا وان الاتراك، كانوا قد حذروا الولايات المتحدة من نتائج الغزو المباشر للعراق.
الحل في اليد الان، مع وصول الاتراك والامريكيون الى شبه اتفاق، حول السماح لهم بوضع قوات عسكرية دائمة في مناطق حول الموصل، مانعين بذلك انتشار "الوطنية الكردية"، التي تهدف الى تقسيم أراضي البلدان الثلاث، في الوقت الذي لم يتم فيه تأكيد حقيقة هذه الصفقة من عدمها.
الغزو الأمريكي ومنذ بدايته.. تسبب بأربع ملايين مهجر
الملايين من العراقيين هجروا داخليا، بينما مئات الالاف وربما أكثر بكثير، انصبوا نحو اوربا وبلدان البلقان هربا من نتائج الغزو الأمريكي، في الوقت الذي تسببت فيه القرارات والإجراءات الامريكية، من رفع عدد المهاجرين داخليا وخارجيا، عبر انسحابها المبكر وسوء ادارتها للملف الأمني العراقي.
الامر لم يتوقف الى الان، حيث وضع التخطيط الأمريكي العراقي لمعركة الموصل ما يزيد عن مليون لاجئ في موقف حرج، فيما يعد أكبر ازمة إنسانية في التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية، فيما تستنفر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية كل طاقاتها لسد العجز الحاصل في توفير مستلزمات الحياة، لملايين الأبرياء ممن دمرت حياتهم بسبب سوء التخطيط الأمريكي، وسوء القرارات، في الوقت الذي وجدت نفسها الولايات المتحدة، في موقع حرج لم يسبق لها ان واجهته سابقا.
في النهاية، فان كل ما اتى كنتيجة للغزو الأمريكي، تسبب بتدمير العراق، والاضرار الكبير بالمصالح الامريكية، مع تصاعد سطوة منافسيها وتراجع قوتها الواضحة، والتي ما زالت ترفض الاعتراف بها، او مواجهتها، سواء على الصعيد العراقي ام شانها العام، خصوصا، مع وجود مرشحين للرئاسة مثل ترامب وهيلاري، حيث الأول لا يفقه حقيقة ما جرى ويجري في العراق، والثانية تعلم وتخفي مسؤوليتها وحكومتها، عن كل ما حصل ويحصل.
المصدر: Counter Punch.org
|