داعش وجمعة كركوك المميتة! |
ما حدث في كركوك يوم الجمعة الماضي ( 21 أكتوبر 2016 ) عبر بشكل دقيق عن فعالية بعثية بنهج صدامي متميز، أعادنا إلى حقبة سلوكيات ذلك النظام وأجهزته الخاصة التي كانت تمارسها مع المعارضين، وفي مقدمتهم الكورد ومقاتليهم من البيشمركة، حيث يتذكر العراقيون ردود أفعالهم، عندما كانت قوى المعارضة تحقق انتصارا نوعيا في أقصى كوردستان أو في جنوب البلاد، كانت تلك الأجهزة الخاصة تعتقل عوائل الثوار في كركوك أو الموصل أو كربلاء أو الحلة.
لقد أثبتت الأحداث خلال السنوات الأخيرة تورط قيادات وكوادر الأجهزة الخاصة لنظام حزب البعث في العراق ومثيلاتها في ليبيا وسوريا واليمن بمعظم العمليات الإرهابية التي تقع في هذه البلدان، خاصة تلك التي تنفرد بحرفية منفذيها، كما حصل في كركوك مؤخرا، بالاستعانة بمتطوعين أجانب تم تجنيدهم على خلفيات عقائدية أو نفسية أو اجتماعية لتنفيذ عمليات انتحارية في أمكنة يتم اختيارها من تلك القيادات، حيث ألقت السلطات في كركوك القبض على احد أفراد حماية صدام حسين وابن خاله وهو " نزار حمود عبد الغني " في قضاء داقوق بتهمة اشتراكه بالهجمات الأخيرة، وقد اعتقل داخل صهريج لنقل المياه وبحوزته 4 بنادق نوع " كلاشينكوف " وأكثر من 1000 رصاصة، وعدد من القنابل والمتفجرات.
لكن الرياح لم تكن كما أرادها ربابنة تلك البواخر الانتحارية، ولم تعد تلك الأقراص التي تحمل صيحات الضحايا وهي تذبحهم بسكاكين السادية، ترهب الأهالي كما كانت، فخرجت جموع الأهالي في كركوك تحمل ما تيسر لها من سلاح، لتستبق أجهزة الأمن والبيشمركة، ملاحقة اولئك البائسين المغرر بهم تحت سطوة وتخدير عقيدة فاسدة وعنصرية مقيتة، ما يزال صداها يسمع بين الفينة والأخرى، تحت خيمة وإيقاع زمرة تسلقت مؤسسة التشريع والتنفيذ في غفلة من الزمن الرديء، الذي مهد لها سلالم التسلق من خلال صناديق العشائر والمذاهب والسحت الحرام الانتخابية، في بلد ما يزال أكثر من نصف سكانه أميون وثلاثة أرباعهم أميون حضاريون بامتياز، وانتهازيون للعظم دون منازع، تحكمهم قوانين الخيمة والصحراء من تحت ملابسهم وسياراتهم الحديثة، يحملون على أكتافهم كل صفحات التاريخ الأسود من يوم اغتيال الفاروق وحتى خيانة الحسين وإبادة أسرته.
في كركوك التي رفضت أن تكون بيئة لثقافة داعش المتوحشة، انهارت في ساعات تلك الهمجية التي أسقطت ثلث العراق خلال أيام، لأن أهاليها بمكوناتهم الرئيسية كوردا وعربا وغيرهم، وبمؤسساتها الأمنية والعسكرية رفضت أن تسقط مدينتهم تحت قوانين التوحش والبدائية، فسقطوا لأنهم مشروع انتحاري همجي يسير إلى الفناء، وتنهض كركوك وأهلها لأنهم فرسان للشمس والحضارة. |