عداد "الدفانة"

 

وزارة التخطيط أعلنت انها ستعتمد في غضون الايام القليلة المقبلة تقنية حديثة  "الساعة السكانية" لبيان اعداد العراقيين باضافة المواليد الجديدة الى  المجموع الكلي للسكان ، مؤكدة في الوقت نفسه انها جاهزة  لإجراء التعداد العام للسكان بعد شهرين من تحديد موعده من قبل الحكومة .
"الساعة السكانية" الالكترونية  سيتم وضعها  على واجهة مبنى الوزارة ، وستبين بالارقام الولادات الجديدة ، لكي يطلع المواطنون على زيادة السكان في كل دقيقة ، وبيانات الوزارة تشير الى ان عدد سكان العراق بلغ اكثر من 35 مليون نسمة،  اللهم زد وبارك ، وبعد تحقيق معجزة اجراء الاحصاء في جميع انحاء البلاد ، ستكون الجهات المختصة ملزمة بتنفيذ الخطط التنموية ، واقامة المشاريع ، ولا سيما ان الدستور العراقي في المادة 110 نص على ان تقوم الحكومة الاتحادية باجراء التعداد العالم للسكان كل 10 سنوات ، والجهة المعنية بالتنفيذ وزارة التخطيط.
وبعيداً عما سيحققه التعداد من فوائد اقتصادية، تنظر له الكتل النيابية الحالية باهتمام بالغ ، لان الزيادة من شانهأ ان تضيف مقاعد جديدة لمجلس النواب ، وسينضم المزيد من الاعضاء ليمثلوا  ابناء الشعب في البرلمان الجديد بعد اجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في العام المقبل .
الجوانب الايجابية من اجراء التعداد ينظر لها من زاوية امكانية  حسم واحد من الملفات الشائكة المتعلقة بالمادة الدستورية 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، وتحقيق التوزيع العادل للثروات الطبيعية ، والتمنيات في هذا الاطار كثيرة ومتعددة ، ولكن ايجابية الاحصاء تبددت بعد  خضوع الملف لحسابات سياسية ، ومنذ  اجراء  آخر تعداد في عام 1997 وحتى الان لم تتوفر بيانات رسمية دقيقة عن عدد السكان العام ، وبلغة  الارقام لم يعرف عدد الارامل والايتام والمعاقين  والمهاجرين وضحايا العمليات  الارهابية.  
 لدى الجهات  الرسمية في العراق حساسية مفرطة من الارقام، وهي لم تتخلص من هذه العقدة المتوارثة من الماضي ، واجراء وزارة التخطيط في اعتماد "الساعة السكانية" قد يشجع  جهات اخرى على اعتماد التقنيات الحديثة في  الكشف عن البيانات من دون ادنى احراج وخجل ،  والكشف عن المعلومات لا يعني التعرف على خطط او تحركات عسكرية ، ويقال ان " الدفانة "   لديهم معلومات دقيقة جدا عن عدد ضحايا الحروب والارهاب ،  وبالامكان الاستعانة بخبرة هؤلاء واساليبهم في توفير المعلومة لمن يطلبها ، وبروحية تكشف عن مدى التزامهم بمبدأ الشفافية والوضوح على خلاف جهات رسمية ،  تتصور واستناداً الى تعليمات وضوابط واجراءات سابقة بان تقديم المعلومات وخاصة الارقام قد تخدم الأعداء ، عبر تسريب المعلومات الخطيرة  عن طريق الجواسيس  الى دول خارجية تستهدف الامن القومي.
وزارة التخطيط بساعتها الالكترونيه سبقت مجلس النواب باستخدام التكنولوجياالمتطورة  وحققت سابقة لم تكن معروفة ، ولحين اجراء التعداد العام للسكان ستبقى الساعة تضيف المزيد من المواليد ، فيما سيبقى "عداد الدفانة " المؤشر الوحيد لإعطاء بيانات دقيقة عن ارقام ضحايا الارهاب ممن لم ترد أسماؤهم في سجلات الدولة!