يقولون لك: يا أخي كن منصفاً واكتب ضد الإرهاب، وكما تنتقد الحكومة كن منصفاً والعن قتلة الشعب من الانتحاريين.. وتعجز وأنت ترد عليهم؛ يا ناس، الإرهابي لا يحتاج إلى أن أقول عنه بأنه إرهابي، فهو يعلم بأنه إرهابي، وهو اختار مصير الاجرام هذا. كما أن تسمية السارق بأنه سارق لا تعتبر قضية، لكن تهاون الحارس بملاحقة اللص هي القضية الحقيقة التي تحتاج إلى الكتابة عنها واستنكارها. المسلحون من الإرهابيين الموجودين في الاعتصامات قتلوا ويقتلون الجنود، وهذا الفعل الشنيع لا يحتاج إلى الكتابة عنه لأنه يشبه تسمية الماء بالماء، جريمة الإرهابي الذي يقتل جنود بلدي ويقتل من يدفعون دماءهم لحفظ دمي ودماء من أحب جريمة بشعة بدون لبس ولا تحتاج إلى توصيف، كما أن تفجير المفخخات بأجساد الأبرياء لا تحتاج إلى أن نقول عنها بأنها جريمة لأنها كذلك بداهةً. وظيفة الكاتب أن يكشف عن الخبايا ويحلل الملتبسات. وهكذا فنحن نكتب ضد الحكومة عندما يفجر الإرهابيون مفخخاتهم، ليس لأننا نتسقط عثرات الحكومة، لا، ولا لأننا نقف في صف الإرهاب كما يشنع البعض، بل لأن جريمة الحكومة التي لم تستطع أن تحمي شعبها من المفخخات على الرغم من صرفها المليارات، هي الجريمة التي يجب الكتابة عنها. بعبارة أخرى؛ لدينا لص وحارس، وليس من المعقول أن نلعن اللص لأنه سرقنا ونترك الحارس بلا عقاب، أو على الأقل حساب، ثم نعطيه أجوره كاملة، وننتخبه في نهاية الدورة البرلمانية وكأن شيئاً لم يكن. ثم عندما يعود اللص إلى سرقتنا، نعود إلى لعنه من جديد، غير معقول يا ناس!! استنكرت في مقال لي استخدام السلاح ضد المعتصمين، الذين تبين بأنهم عزَّل، وطالبت الحكومة بأن تكون أكثر حكمة مع المدنيين، وإذا كان هناك إرهابيون فعليها ان تقتلهم بعيداً عن الأبرياء، فجاءت الأصوات من هنا وهناك، يا اخي لماذا لا تستنكر قتل الجنود من قبل المعتصمين؟ وكأنهم لا يعرفون الفرق بين مخالفة المجرم للقانون وبين مخالفة الحكومة له، مخالفة المجرم للقانون أمر طبيعي، وقد بُنيت السجون لهذا الفعل المتوقع، لكن مخالفة الحكومة للقانون أمر غير طبيعي ويشكل مفارقة مخيفة تستحق الوقوف عندها واستنكارها والتحذير من فداحتها. ومرة ثانية ـ واسمحوا لي بالتكرار ـ لدينا سائق سيارة ولدينا مرور، وعندما يخالف سائق السيارة إشارة المرور لا يُتَوقع أن أكتب مقالاً عنه؛ لأنها مخالفة قانونية مألوفة ومعرفة عقوبتها، لكن مخالفة رجل المرور للإشارة هي الكارثة التي يجب أن أكتب عنها وأحذر من فداحتها. مع ذلك أتوقع اليوم أن يستنكر علي بعض الأصدقاء عدم كتابتي ضد السائق.
|