نحن وحكامنا.. من ظلم من؟ |
عريق هو العراق، ومتشعبة انتماءات شعبه وولاءات أبنائه، وعديدة أديان شرائحه وأطيافهم وقومياتهم، إلا أن التأريخ يشهد بتعايشهم وتآلفهم مدى العصور، ورغم أنف السلاطين والحكام الذين توالوا على حكمهم، سواء أكان الحكم عثمانيا أم بريطانيا أم ملكيا أم جمهوريا. لواء الموصل.. لواء البصرة.. لواء بغداد، هكذا كان العراق منذ مئات السنين، ومع أن كل منطقة منها لها خصوصياتها وتقاليدها وتراثها الذي تتميز به عن مثيلاتها. إلا أن جميع سكانها يشتركون بذات النفَس العراقي، المحب للوئام والسلام والرافض للقمع والإذلال، اللذين عانت منهما شرائح البلاد على مر العصور، طالت الشعب فيها مآسٍ عديدة، وناله ما ناله ليس من الدول التي تعاقبت على احتلاله فحسب، بل ممن تسلطوا عليه من أبناء البلد ذاته، وتسنموا مراكز قيادية فيه من العراقيين او من المحسوبين عليهم، فكانوا بئس الولاة على أبناء جنسهم وذويهم، في ذات الوقت كانوا أذنابا وتبعا للغريب والمحتل والطامع، فكانوا كما قال معروف الرصافي: كلاب للأجانب هم ولكن على أبناء جلدتهم أسود والتاريخ الحديث زاخر بمثل هذا الشخصيات، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 حتى يومنا هذا. إذ نرى بين الحين والآخر بروز شخصيات عراقية تحمل الجنسية العراقية، وتنطق من اللهجات البغدادية اوالمصلاوية اوالأنبارية اوالبصراوية، او تتكلم اللغة الكردية، إلا أنها في حقيقة الأمر تعمل ضد العراق، وضد العراقيين من محافظاته وقومياته كافة. وفي كل أحوال المتسلط على حكم فئة او مجموعة او بلدة، ومهما كبرت او صغرت الرقعة التي يحكمها، فهو مسؤول عن كل ما يحدث لرعيته وما يتعرضون له، ومن ضمن واجباته الوطنية والأخلاقية أن يدرأ عنهم الشرور والأضرار من أي مصدر تأتي منه، وقطعا هذا النهج يسير على خطاه الإنسان السوي حصرا، فمن المؤكد أنه يدخل في حساباته مسؤوليات الراعي تجاه الرعية، كذلك مسؤوليات الرأس أمام المرؤوس، وسيكون العمل الصالح وإتقانه ديدنه وخطة عمله، وستثمر بالتالي حساباته هذه عن معطيات ونتاجات تصب بالنتيجة في صالح الجميع. أما لو كان غير سوي فإنه سيضرب كل هذه القيم والمبادئ عرض الحائط، وسينأى عن طريق الصواب بكل أشكاله. وإنه لمن المؤسف في عراقنا اليوم أن نرى كثيرا من ساستنا ومسؤولينا قد نأوا عن العمل الصالح أيما نأي، واستبدلوه بأعمال لاتمت الى العرف الإنساني والوطني ولا الى الضمير بصلة، وآثروا عليها المصالح الشخصية والمآرب الخاصة، وخدمة أسياد لهم جندوهم لأطماع شتى، بين مادية وسياسية وإقليمية فضلا عن العرقية والطائفية، هاملين مصالح من اصطبغت أصابعهم تأييدا بنفسجيا لهم، متغافلين عن مراعاة حقوق الفرد من رعيتهم، فحق عليهم حديث نبينا (ص): "إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت". فارتدوا لباس الراعي المسؤول عن الرعية وهم يبطنون غير ذلك، وتقولوا بالكلام السليم وحادوا عنه، والوعود المعسولة وأخلفوها، والعهود الموثوقة ونكثوا بها، وادعوا الإصلاح وأشاعوا الخراب، ومازال ديدنهم هذا لغايات لاتخدم البلاد والعباد، فاستباحوا حقوق شعبهم، وتركوا المواطن يبحث عن بدائل وحلول في صناديق الشكاوى، وبعريضة الى الوزير الفلاني، او مقابلة مع المسؤول العلاني، ولايدري المسكين أن أغلب هؤلاء هم أس المشكلة وأساس البلاء الواقع عليه. فمن المتغير في هذا ومن الثابت ياترى؟ أهم الحكام أم الشعب؟! أم الإثنين معا! وهل ظلمنا حكامنا؟ أم نحن الظالمون! aliali6212g2gmail.com
|