تلعفر أسقطت مخططات اوردغان

 

   ساعات وربما أيام تفصلنا عن انتهاء المنازلة الكبرى, وتتحرر أخر المناطق العراقية التي استولت عليها العصابات الإرهابية صيف 2014, وتلعفر باتت نقطة النهاية لتلك المنازلة, بتحريرها ينتهي كل شيء, فلا عذر للإرهابيين باستمرار خلافتهم الدموية, كونها بوابة فتح الموصل, ويسكت بتحريرها اوردغان الذي يلوح بعصمليتها, ويرفع العراقيين علم النصر بربوعها.

   ولكن ما أكثر الجدل حول هذه المدينة سوى التصريحات النارية للرئيس التركي, الذي كشف عن سوء نواياه في العراق, بعدما كان أهم الأذرع الداعمة للإرهاب, فأكثر الجماعات الإرهابية الداخلة للعراق من أسيا وأوربا, كانت تدخل عبر الأراضي التركية, والمنفذ الرئيس لتهريب النفط العراقي, وبيعه بالأسواق الأوربية, واغلب الدعم الذي يتلقاه الإرهابيين, يقدم لهم من قبل حكومة أنقرة ذات الإطماع المستقبلية.

   لذا أرادت تركيا إن تمنح لنفسها حق الوصايا على الموصل, خلال سيطرة الإرهاب عليها, وبعد ذلك وفق حساباتها, فدخول الجيش التركي خلال اتفاق معلن مع حكومة المالكي الثانية, كان بتخطيط تركي 100% لمنح الأتراك موطئ قدم لهم بالأراضي العراقية, لأهداف توسعية لم تكن حكومة بغداد في وقتها تدرك نوايا أنقرة, إلا إن التهديدات التي صدرت بعد ذلك كشفت كل الأوراق.

   فوجود أكثر من خمسة ألاف مقاتل تركي, مخطط له أن يكون خنجر في خاصرة العراق, وتهديد لسيادته, وتحديد للموقف التركي في معارك تحرير الموصل, لتصبح هناك حجة لأنقرة للتمادي برسم مستقبل الموصل خاصة, والمنطقة عام بمرحلة ما بعد داعش, فكانت تصريحات اوردغان أكثر استفزازية ضد العراق, لولا الردود الدبلوماسية مرة, والمتشنجة أخرى, والصارمة أحياناً, ما جعلت الخليفة العثماني الطامح يرتدع.

   استخدم رئيس الوزراء العراقي؛ أسلوب الاستهزاء بأكثر من مقام بالرد على تصريحات الرئيس التركي, التصريح الأول: "أراضينا تتحر بسواعد رجالنا وليس بالسكايب" كون اوردغان دعا حلفاءه للتدخل لإنقاذه من انقلاب العسكر عبر السكايب, والتصريح الأخر: "إذا أردنا أن نبحث بالتاريخ فتركيا ضمن الخلافة العباسية" وبذلك الأتراك مواطنين عراقيين, بالإضافة لتصريحات رئيس التحالف الوطني؛ التي جعلت أنقرة تراجع الكثير من حساباتها.

   مارست تركيا كل هذا الانزعاج للعراقيين, ليس لنزوة عابرة, ولكنه جاء وفق تخطيط ساستها الحالمين بإعادة خلافة العثمانية من جديد, الراغبين بالتمدد على جيرانهم, بسبب ضعف السياسة الخارجية العراقية خلال السنوات التي سبقت سقوط الموصل, متخذين من تلك الحقبة السوداء ذريعة للتدخل السافر في الشأن الداخلي العراقي, عبر ممارسة أثارة نعرة العنصرية والقومية, بالمناطق التي يعتقدون أنها تتناغم مع صيحاتهم.

   إلا إن كبح جماح تركيا, ونجاح الساسة العراقيين بتحييدها سياسياً وعسكرياً, وتقدم القوات الأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة في معارك تحرير الموصل, وترحيب الموصليين بالعمليات العسكرية, افشل مخططات الأتراك, وأهمها الموقف الرافض لأبناء تلعفر التركمان, بتأييد مواقف اوردغان, واثبات هويتهم الوطنية العراقية, حيث سقطت أهم أوراق أنقرة الرامية للتوسع في العراق.