عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١٩)



                          

   ٣في قولهِ عليه السّلام {فَإِنَّ الْحَقَّ لا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَبِهِ النِّسَاءُ وَمُلِكَ بِهِ الاِْمَاءُ وَفُرِّقَ فِيِ الْبُلْدَانِ لَرَدَدْتُهُثبَّت الامام أَميرُ المؤمنين(عقاعدةً أساسيّةً في المشروعِ الاصلاحي، فالمصلحُ الحقيقي لا يتغافل عنالمال العام أَبداً، بذريعة [اللُّحمة الوطنيةأو [تقادُم الزّمنأو [بُعدَهُ عن البلادِ]وإِنّما يبذل كلَّ جهدهِ لإعادتهِ الى خزينة الدّولة ليُعيد التّوازن من جديد، ويُؤَسِّسللاصلاحِ قاعدةً صلبة قائمةً على الثَقةِ والحزمِ والصّلابةِ في الحربِ على الفسادِ!امّا (المُصلحالمُزَّيف، فتراهُ يتغاضى عن المال العام بحججٍ وأَعذارٍ شتّى منهاعلى سبيل المثال لا الحصر قولهُ مستشهداً بالآيةِ الكريمةِ {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}وفي ذلك تجهيلٌ وتضليلٌ وخداعٌ كبيرٌ جداً؛

   أَوَّلاً؛ فالآية تتحدّث عن الحالات الشّخصيّة [الفرديّةولا علاقة بالفساد فيمؤسسات الدّولة واستغلال السّلطة للإثراء الفاحش واللصوصيّة بها أَبداً!.

   ثانياً؛ والآية فارقٌ بين زمنَين؛ زمن ما قبل نزولِ الآية وزمن ما بعدنزولِهازمن الجهل بالحكم وزمن المعرفة التّامة بالحكمفكيف يمكن توظيفهاكذريعةٍ لعدم ملاحقة المال العام المسروق خلال (١٣عامٍ مثلاً لتسوقها لنا[العصابة الحاكمةللتهرّب من المسؤوليّة على هذا الصّعيد؟وأَساساً الا تعرف هذهالعصابة انَّ التعدّي على المال العام حرامٌ؟وفيهم من يدّعي انتماءهُ لنهج الامامعليٍّ (ع)؟لنقولَ انّنا بإِزاء زمنَينِ مُختلفَينِ؟!.

   ثالثاً؛ نفس الآية تأتي على ذكر الحُكم القاسي الذي ينتظر الفاسد اذا ما أعادالكرَّة بعد الحُكم وعلمهِ بهِ وبعد العفو عَنْهُ، فهي تقول {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُمِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍفلماذا لا يستشهد به الفاسدون الفاشلون؟وهم يعيدونالكرَّة مرّات في اليومِ الواحد حتّى أَزكم فسادهُم الأُنوف وسوَّد صفحاتالتّاريخ؟!. 

   والآن؛ 

   أَلف؛ كيفَ يُقارن المُصلح المزيّف بين فسادٍ شخصيٍّ [فرديوبين فسادٍعامٍّ يخصُّ الأُمّة بالكامل؟ويُهدِّد بلد؟!.

   باء؛ قد يحقُّ للمرءِ ان يتنازلَ عن حقهِّ من لصٍّ أَو فاسدٍ إِعتدى علىحقوقهِ، ولكنمَن أَعطى الحقّ لأيٍّ كان أَن يتنازلَ عن حقوق النّاسِ لفاسدٍسرقهُم وسرقَ أَحلامهم ومستقبل أَولادهم وعاث فساداً في البلادِ عندما تسنَّمموقعاً أَو تحمَّل مسؤوليّة؟!.

   وماذا تَقُولُ لو انَّ مَن يتنازل عن الحقّ العام هو نفسهُ فاسدٌ مطلوبٌ للعدالةِ؟!.

   جيم؛ ولو قُلنا جدلاً انَّ مِن حقِّ الحاكم ان يتنازلَ عن حقوقِ الرّعيّة في مثل هذهِالحالةِأَفلا يُلزمهُ أَن يُنزلَ أَقسى العقوبة وأقصاها وأَشدّها بحقِّ مَن أَعاد الكرَّةبعد العفوِ فعادَ مرَّةً أُخرى يُمارس الفساد ويتجاوز على حقوقِ النّاس ويمدَّ يدهُالى بيتِ المالِ؟لا أَن يكرِّمهُ بإِعادتهِ الى منصبهِ الذي هو بذاتهِ فسادٌ وسرقةٌولصوصيّة؟كما فعلوا الآن مع [عجلٍ سمينٍواحدٍ على الأَقلّ!.

   فما بالك اذا كان الحاكمُ هو نَفْسَهُ فاسِداً وفاشِلاً؟الا يعني ذلك أَنّهُ يتشبّثبالآية لتبريرِ فسادهِ وفشلهِ وللتهرُّب من تبِعات كلّ ذلك؟ليحتفظ بالمسروقاتفلا يُعيدها الى بيتِ المالِ؟!.

   هذا يعني انَّ الحاكم الفاسد يعفو عن نَفْسهِ بمنطوق الآيةوهل غير ذلكيفعلهُ الفاسدُ بحقِّ نَفْسهِ مستغلّاً السّلطة أَبشع إِستغلال؟!.

   لقد مرَّ عقدٌ كاملٌ و [العصابةُ الحاكمةُغارقةٌ في فسادِها وفشلِهاومع كلذلك ترفع اليوم شعار الاصلاح ومُحاربة الفسادفكيف يستقيمُ الأَمرانِ؟!.

   طيِّبسنتغابى قليلاً ونقبل منهم شعاراتهم الاصلاحيّة هذه المرَّةأَفلا ينبغيلهم إِعادة المال العام المسروق وكذلك أَملاك الدّولة المسروقة؟أَم يكفي قولهُم{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}؟!.

   طيِّبسنتغابى أَكثر ونعفوَ عنهمالا ينبغي لهم ان لا يعودوا لمثلِها؟!فلماذا عادوا اليها وفي وضح النّهار؟اذا بهم يجتمعونَ ويتآمرونَ ويتراضَونلاعادةِ [عجلٍ سمينٍواحدٍ على الأَقلّ الى منصبهِ السّابق كبابٍ من أَبوابِ الفسادوالفشل واللّصوصيّة؟!.

   كلُّ ذلك يعني أَنّهم مُصرّون على الفسادِ ومصرّون على الفَشَلِ ومصرّون علىتحدّي إِرادة الشّعب والخِطابِ المرجعي!.

   بناءً عليهِ، لا ينبغي لعاقلٍ أَبداً أَن يُصدّق كلامهُم ففعلهُمُ ألْفَسادُ والفشلُ،ولذلك لا يُرتجى منهم خيراً أَبداً أَبداً.

   انَّ أميرَ المؤمنين (عيصرّ في هذا النَّص على إِعادة المال المسروق أَين ماكان والى أَيِّ مكانٍ وصلَ في البُلدان، أَمّا [العصابة الحاكمةفلقد عادت اليومتسترجع المال المسروق الذي فاتها الى جيوبِها وبأَثرٍ رجعيٍّفعن أَيّ إصلاحٍيتحدّثون هؤلاء الفاسدين الفاشلين؟!.