رئيسة بعثة منظمة اطباء بلا حدود في العراق: العراقيين وصلوا إلى أقصى حدود قدرتهم على التحمل

 

 

 

 

 

العراق تايمز: اعلنت منظمة اطباء بلا حدود، الثلاثاء، ان الكثير من العراقيين يعانون من الاضطرابات النفسية، وفيما ارجعت ذلك الى استمرار النزاع وانعدام الاستقرار السياسي والاجتماعي؛ شددت على الحاجة الماسة الى الرعاية الصحية النفسية.

وقالت رئيسة بعثة المنظمة في العراق هيلين أونيل، في تقريرلها، انه "وصل الكثير من العراقيين إلى أقصى حدود قدرتهم على التحمل بعد أن سببت عقود من النزاع وانعدام الاستقرار دماراً واسع النطاق، وبذل كثيرون من المنهكين نفسياً جراء تجاربهم جهداً مضنياً لفهم ما يحدث لهم، في حين فاقمت مشاعرَ العزلة واليأس وصمةُ العار المرتبطة بقضايا الصحة النفسية ونقص خدمات الرعاية الصحية التي يمكن أن يلجأ إليهاالمحتاجون إلى المساعدة".

وبينت ان "عقوداً من النزاع، وانعدام الاستقرار السياسي، والاضطراب الاجتماعي، تركت العديد من العراقيين عرضة للإجهاد النفسي، واضطرابات الصحة النفسية، وفي حاجة ماسة إلى الرعاية الصحية النفسية".

واشار التقرير الى ان  "منظمة أطباء بلا حدود في العراق عملت منذ عام 2009 على توفير الاستشارات المعنية بالصحة النفسية للرجال والنساء والأطفال بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية"، منوهة على انها "تركز برامجها على المقاربات غير الدوائية للتصدي لاضطرابات القلق والاكتئاب الشائعة لدى أولئك الذين تعرضوا للعنف أو انعدام الاستقرار".

ويصف التقرير معاناة امرأة عراقية بعمر 36 سنة  وأم لثلاثة أطفال واضطرارها الى  حضور جلسات الاستشارة النفسية  "بعد أن انقلبت حياتها رأساً على عقب حين قتل زوجها قبل سنتين"، وينقل عنها قولها "بدأت حضور جلسات الاستشارة الصحية النفسية حين شعرت بقدر كبير من الإنهاك والحزن، أحسست أنني أواجه مشكلة نفسية وقلقت بسبب عجزي عن التعامل مع الآخرين، فقدت زوجي قبل سنتين وأثّر الحادث في حياتي ، بل غيّرها، وقلبها رأساً على عقب، أنا الآن المسؤولة الوحيدة عن تربية الأطفال".

وينقل التقرير نماذج من معاناة الاطفال بسبب الوضع؛ وبسبب التعامل القاسي معهم حتى ممن يفترض ان يحتضنونهم تربويا، أي الهيئات التدريسية التي يعاني كثير من منتسبيها من الاضطرابات النفسية، اذ "تصف طفلة في العاشرة من العمر كيف ساعدتها الاستشارة على تحسين قدرتها على النطق.

وتقول الطفلة "بدأت حضور الجلسات لمساعدتي على تحسين نطقي والتغلب على خوفي، أخاف من كل شيء، جسمي يرتعش دوماً، لم أعد أستطيع تهجئة الكلمات بشكل صحيح، أتعرض للضرب طوال الوقت في المدرسة من مدرستي وزميلاتي، لا أستطيع دراسة أو تعلم أي شيء، أنا عاجزة عن التركيز، لا أتكلم مع أحد، هذه هي المرة الأولى التي أتحدث فيها عن مشاكلي".

ويعد التقرير، ان التعرض للعنف والتعايش معه "الحدث الأكثر شيوعاً وراء تطور مشاكل نفسية لدى الأفراد"، في حين  يذكر ان المعاناة بسبب الخلافات العائلية والعنف الأسري تجيء في المرتبة الثانية وان كانت من العوامل الرئيسة ايضا المولدة للاضطرابات النفسية لدى الصغار".

وزاد التقرير، انه "حتى عند استثناء الخلافات الأسرية، كان نصف الحالات التي جرت معاينتها في برنامج  العلاج تقريباً  48%  منها متصلة بالعنف، وتبين أن نحو نصف المرضى والعاملين في برنامج الصحة النفسية اختبروا شخصياً أو عرفوا شخصاً قريباً تضرر بشكل مباشر بحادث عنيف خلال السنوات الماضية".

واكد تقرير المنظمة الدولية، على ان "هنالك حاجة ماسة وعاجلة إلى زيادة خدمات الرعاية الصحية النفسية وإتاحتها"، مناشدة "وزارة الصحة العراقية والجهات الداعمة لها، إلى تحسين جودة الخدمات الصحية النفسية عبر إتاحتها هذه الخدمة في المرافق الصحية الموجودة في شتى أنحاء العراق".

وتابع التقرير، ان المنظمة "تؤكد ايضا على ضرورة فعل المزيد لتقليص وصمة العار المصاحبة للصحة النفسية من أجل تشجيع الناس على التقدم لطلب الاستشارة"، مشيرة الى محاولات "تجري حالياً حول دمج النظام الصحي العراقي للاستشارة النفسية ضمن خدمات الرعاية الصحية الأولية المجتمعية من أجل زيادة إتاحتها، ولا سيما للنساء والأطفال".