السبايا الإيزيديات جريمة لا يمحو آثارها الزمن |
يعرف الاطباء الاغتصاب بأنه احدى الجرائم التي تتسم بأقصى درجات العنف المتجه نحو المرأة. وهي لا تقتصر على مجتمع بعينة ولا سيما عند المقارنة بين المجتمعات الغربية والعربية فهذا النوع من الجريمة نجده في جميع المجتمعات يزداد في مجتمع ويقل في آخر طبقا للظروف الاجتماعية والدينية في كل بلد، وأيضا فإن ظروف ارتكابها، ودوافعها والسمات الشخصية لمرتكبيها ولضحاياه، وأساليب مواجهتها تختلف من مجتمع إلى آخر كذلك. هل الاغتصاب جنوح نفسي؟ على رغم جنوح بعض التحليلات الى اعتبار سبي «داعش» النساء آلية من آليات الاذلال والضغط العسكري على الإيزيديين، إلا أنها سرعان ما تنهار أمام طبيعة الروايات التي تنقلها الناجيات عن هذا الجحيم… وكيف أن الوجهة التعبوية الوحيدة الممكن استخلاصها في هذا السياق، هي تلك الذاهبة الى غواية المزيد من الشباب الأغر الذي يرى في أمجاد «دولة الاسلام» استباحة أموال الأعداء وأعراضهم. تصور خاطئ ومن دون الدخول هنا في مشروعية وصف الإيزيديين بالعدو، إلا أن اعتبارهم من طرف داعش كفرة من دون دين (وهو تصور خاطئ بحق هذه الملة الموحدة) يسمح للدواعش باستباحة نسائهم كمتاع جنسي لا غير… فهي تتحول الى سبية يجوز للمقاتل وطأها وبيعها او تقديمها هدية. وهي تنتقل في هذا السياق من يد الى يَد (او من فرج الى فرج) كمتاع ُيُمتلك ويباع ويُشترى ويُقدم هدية، حيث تتحول الهدية الى «ملك يمين» فور القبول. وتبيح فتاوى قادة داعش «الاستمتاع» بهذه «الملكية» من دون قيد او شرط، ومن دون تحديد عدد مرات هذه المتعة، او زمنها (إلا شرط انتظار حيض المتزوجة، وذلك للتأكد من كونها غير حامل من سواه). وفي هذا السياق، يبيح فهم «داعش» للإسلام وطء الطفلة «إن كان جسدها يقبل الوطء»? وهو التعبير الهمجي الذي يحتاج الى وقفة بذاته، حيث لا تحدد كتب الطب متى يسمح جسد الطفلة بأن يطأها رجل بالغ؟! لكن الفكر الداعشي يكتفي بالقول إن في حال تعذر ذلك – أي لا يسمح جسد الطفلة بمثل هذا الاغتصاب المفجع – فإنه يجوز لـ «سيدها» الاستمتاع بها، من دون ولوج. وما يمكن الجزم به هنا، من دون الحاجة الى الخوض في فداحة مثل هذا الاعتداء المرضي (البيدوفيلي) على طفلة، سواء أكان ذلك بمجامعة كاملة، أم بمجــرد استمتــاع «مـن نوع آخر»… إن مثل هــذا المشهد الذي ترتعد له مفاصل الحروف، لا يخدم أي استراتيجية حربية أو تعبوية… ولا يتعدى كونه تجسيداً مريعاً للمستوى الحضاري لأفراد «داعش وآلية فجة لإشباع شهوات جنسية «معتادة أو بيدوفيلية»? يغذيها ذلك الشعور المفجع من «العزة بالإثم .وسينصبّ تحليلنا هنا على الصورة المنظورة من طرف الضحية، مقابل فداحة «المبررات» التي يستند إليها الدواعش في كل ما يذهبون إليه من عنف جنسي، ومرادفاته من أفعال قهر وظلم وعبث مجاني ضد النساء… ومراجعة اقحامهم الدين لتبرير «جرائم» ضد الإنسانية، ترفضها كل الأعراف والأديان والقوانين. وكيف أن الإسلام بريء من كل ما يعملون. اذ اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة تنظيم داعش الارهابي بنشر الرعب في العراق ، مؤكدة أنه ( يرتكب مجازر تستهدف مجموعات عرقية ودينية ويلجأ إلى قطع الرؤوس وإلى الاستعباد الجنسي، وإرغام النساء على الحمل). كما اتهمت تقارير دولية، بينها تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية، وآخر لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، مسلحي داعش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ضد المدنيين في عدد من المناطق العراقية، وبشكل خاص في مدينة شنكال التي تقطنها الغالبية الكوردية من الطائفة الايزيدية. قتل مئات وقد لفتت تقارير الامم المتحدة إلى فظائع تتعلق بقتل مئات من الرجال والأطفال ( من كلا الجنسين ) ، وسبي فتيات ونساء الايزيديات والمسيحيات المختطفات وبيعهن في سوق النخاسة ( سوق بيع السبايا والغنائم ) , ونشر تنظيم (داعش الارهابي) وثيقة مختومة بشعار التنظيم المذكور و على شكل مرسوم يحدد أسعار السبايا من النساء، يرجع تاريخها إلى 21 ذى الحجة 1435. حيث تضمنت الوثيقة : أن سوق بيع الغنائم والنساء قد شهد انخفاضاً كبيراً، وهو ما يؤثر على ايرادات التنظيم وتمويل صولات الارهابيين فيها ، وعليه ارتأت هيئة (بيت المال ) وضع الضوابط والاسعار بخصوص بيع النساء والغنائم ، وتوعدت باعدام من يخالف هذه الضوابط والاسعار, وجاءت أسعار النساء على النحو التالى : (75 ألف دينار ) للمرأة (الأيزيدية – المسيحية) البالغة من العمر 30 ـ 40 سنة , ( 100 ألف دينار ) للمرأة الأيزيدية – المسيحية البالغة من العمر 20 ـ 30 سنة, ( 150 ألف دينار ) للمرأة الأيزيدية – المسيحية البالغة من العمر 10 ـ 20 سنة ,( 50 ألف دينار ) للمرأة الأيزيدية – المسيحية البالغة من العمر 40ـ 50 سنة , (200 ألف دينار ) لجميع الأطفال من سن 1 إلى 9 سنوات , كما نوهت الوثيقة إلى انه لايحوز لشخص حيازة اكثر من (ثلاث)غنائم على ان يستثنى من ذلك الاجانب من( الاتراك والخليجيين والسوريين) كما تشير إحصاءات معتمدة من قبل سلطات إقليم كوردستان، إلى تعرّض ما لا يقل عن (ثلاثة آلاف فتاة وامرأة ) معظمهن (إيزيديات) بالإضافة إلى أخريات( تركمانيات ومسيحيات وشبك ) للاختطاف والاسر من قبل داعش منذ يونيو/حزيران 2014 حيث تم اختطاف مئات الفتيات والنساء الايزيديات اللواتي تم بيعهن في اسواق الاستعباد لاتخاذهن جاريات للمتعة الجنسية, وبعد إجراء النساء اللواتي تمكنّ من الفرار من قبضة (داعش) موخرا ، ويقدر عددهن بـ( 425 ) فتاة وامرأة، وبعد إجراء الفحوصات الطبية عليهن ، تبين أن أكثر من (100 ) منهن حوامل بسبب تعرضهن للاغتصاب من قبل مرتزقة عصابات داعش الارهابية ومن الجدير بالذكر أن خطورة حوادث الاعتداء الجنسي تكمن في أنها تحفر في ذاكرة الضحية أثراً يصعب محوه، فضلاً عن قيود وسلاسل وقساوة العادات والأعراف العشائرية والنظرة المجتمعية السلبـية إلى المعتدين عليهم دون الأخذ بعين الاعتبار أنهم (ضحايا لا حول لهم ولا قوة ولا ذنب) . وعليه نطالب الجهات المعنية ان يقفوا وقفة مسؤولة امام هذه القضية الحساسة وان يقدموا للنساء والفتيات اللواتي تعرَّضن للاغتصاب الجماعي كافة المساعدات القانونية والعمل على ضمان حقوقهن وسلامتهن وحسن معاملتهن من قبل الجميع , وان يسرعوا في سن (قانون استثنائي) يسمح بإجراء عمليات الاجهاض لاحتواء هذه القضية الحساسة والخطيرة والتي تهدد حياة النساء والفتيات اللواتي تعرضن للاغتصاب من قبل عناصر تنظيم داعش الإرهابي , بالاضافة الى رعايتهن من المشاكل (النفسية والاجتماعية والصحية والادراكية ) والسعي الجاد لتخفيف معاناتهن وزيادة الاهتمام بهن وتقدير ظروفهن الصعبة و محاولة تعويضهن عما لحـــــقت بهن من الظلم الفادح والغبن الفاحش من قبل داعش. |