مدرسة الحي هي الأفضل

 

 لعلي من القلائل الذين حظوا في طفولتهم بالتعليم في مدرسة متميزة كانوا يدعونها بالنموذجية وبوجود مكتبة عامرة تثير حماسة التلميذ وتلهب خياله الغض حيث كانت من المستلزمات الاساس تماما كمادة الفنية والزراعة والرياضة البدنية عدا عن الانشطة المدرسية كالكشافة ومختلف الفعاليات بما فيها الحفل السنوي التي تنمي قدرات الطفل وقابلياته  .

 

   و في بلاد ما بين النهرين حيث خط اول حرف وانشئت اول مدرسة يعيش خمس الشعب اي نحو 6 ملايين انسان في امية بما يعني ان اكثر من ثلث ابنائنا وجلهن من الاناث يعانون اهمالا وتسربا من مقاعد الدراسة والباقين موزعين ما بين مدارس حكومية هزيلة في كل شيء واخرى اهلية خصصت لأبناء ذوي الجيوب المنتفخة الامر الذي سجل انحدارا خطيرا في المستوى التعليمي .

 

   اختلف العلماء بشأن تعريف محدد للتربية والتعليم ولعل الافضل من بينها ما يراه جيمس مل من ان موضوع التربية هو ان نجعل من الفرد اداة سعادة لنفسه ولغيره ، فالتربية ليست وسيلة اعداد للحياة وحسب بل هي الحياة ذاتها . اذ كانت فنلندا والنمسا بداية القرن الماضي اسفل قائمة الامم المتحدة في مستوياتهما التعليمية ، ولم يعجب الامر فنلندا فغيرت اسلوبها لتصبح في المرتبة الاولى ! كيف تسنى لها ذلك ؟ تجيب وزيرة التعليم لديهم قائلة .. قلصنا الواجب البيتي فمجموع ما يقضيه التلاميذ في المدرسة عشرون ساعة اسبوعيا يمنحون خلالها وقتا للعب والاقتراب من الطبيعة واعمال ايديهم في هوايات ومهارات يدوية واكتشاف محيطهم والمناقشة حوله ومقابلة شخصيات من مختلف المجالات ومحاورتهم .   وحين سئلت الوزيرة أي المدارس افضل ؟  اجابت بثقة .. مدرسة الحي هي الافضل ، فكل المدارس متساوية في خدماتها واستعداد كادرها المتخصص ، فالمطلوب ان يكونوا سعداء ويتعلمون احترام انفسهم والاخرين

 

وقبل الف واربعمئة سنة ادرك علماء المسلمين الصلة ما بين الجسم والعقل مثلما ادركوا اهمية اللعب في حياة الطفل . يقول الغزالي ” ان منع الصبي عن اللعب وارهاقه الى التـــعليم دائما يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينـــغص عليه العيش ” .

 

 واليوم تناقش خطة لالغاء الامتحانات في المرحلة الابتدائية وتجاوزها الى المرحلة المتوسطة مراعاة للحالة النفسية والعمرية للطفل واعفائه من الشد العصبي والارتباك والخوف الذي يصاحب الامتحانات  ، وهو امر اخذت به المؤسسات التربوية في الغرب عموما .

 

واخيرا علينا نحن الراشدين ان نتذكر بأن الطفل انسان يعيش مرحلة من مراحل نموه وهو بحاجة الى الوقت الكافي لنضوجه الامر الذي يتطلب منا الصبر والتسامح والتفهّم ، فالنهوض بواقع الطفل العراقي بلا رؤية ولا مشروع ثقافي تربوي مدروس من قبل مختصين هو هدر للطاقات والموارد