ملاحظات على قانون تعديل مرسوم جواز تصفية الوقف الذري رقم (1) لسنة 1955 صوت مجلس النواب في جلسة يوم 1/11/2016 على قانون تعديل مرسوم جواز تصفية الوقف الذري رقم 1 لسنة 1955 المعدل وذلك بتعديل نص المادة (2) من المرسوم التي كانت على وفق الصيغة الآتية (يشمل هذا المرسوم الوقف الذري والوقف المشترك أما الوقف الخيري فيبقى تابعا للأحكام الشرعية والقوانين المرعية الخاصة به) ومشروع القانون الذي صوت عليه شطر هذه المادة إلى فقرتين وعلى وفق الصيغة الآتية (المادة الثانية ـ يشمل هذا المرسوم الوقف الذري والوقف المشترك التابع للوقف السني أما الوقف الخيري فيبقى تابعا للأحكام الشرعية والقوانين المرعية الخاصة به.- لا يشمل هذا المرسوم الوقف الذري و الوقف المشترك التابع للوقف الشيعي أما الوقف الخيري فيبقى تابعا للأحكام الشرعية و القوانين المرعية الخاصة به) وللوقوف على آثار هذا النص عند التطبيق سأعرض الأمر على وفق الآتي: 1. إن قانون تعديل مرسوم جواز تصفية الوقف الذري على وفق ما تقدم ذكره قد أتى بقاعدة قانونية جديدة بان شطر الوقف إلى شطرين من حيث الآثار التي تترتب عليه وهذا يتقاطع مع أهم المبادئ الدستورية التي تتعلق بكون القاعدة القانونية من صفاتها العموم والتجريد لان النص أعلاه ميز بين الوقف الذري الشيعي وبين الوقف الذري السني لكنه تناسى أوقاف غير المسلمين لان في الديانات والطوائف الأخرى مثل الطائفة المسيحية لأبنائها أوقاف ذرية ومشتركة حيث أصبحنا أمام فراغ تشريعي فكيف ستتم معالجة أوضاع هذه الأوقاف لان المرسوم كان ينظم عمل جميع الأوقاف الذرية والمشتركة دون أن يختص بطائفة أو دين معين وفي تطبيقات القضاء العراقي الكثير من حالات تصفية الأوقاف الذرية للمسيحيين وبما إن التعديل قصر أحكام هذا القانون على حالتين من الأوقاف سماهم بالأوقاف السنية والأوقاف الشيعية فما هو حكم بقية الأوقاف؟ 2. عند توصيف الأوقاف إلى شيعية وسنية كيف يتم التعامل معها لمعرفة فيما إذا كانت شيعية أو سنية هل تتم تسمية الوقف لاحقا بان يكون سني أو شيعي أم يكون على المذهب الذي يعتنقه الواقف وإذا كان كذلك فهل يعتمد مذهب الواقف عند الإنشاء أم عند طلب التصفية لان الكثير من الواقفين كانوا وقت أنشاء الوقف على مذهب ثم عدلوا إلى مذهب آخر وما هي الوسيلة التي ستتبع للتحقق من المذهب عند حصول نزاع هل يعتمد قول الواقف عند طلب رجوعه عن الوقف أم ماذا؟ 3. القانون يعد نافذ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية و لا يعمل بالقانون إلا من وقت صيرورته نافذاً فلا يسري على ما سبق من الوقائع إلا إذا وجد نص في القانون الجديد يقضي بغير ذلك أو كان القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام أو الآداب وعلى وفق نص المادة (10) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل وبما إن الإجراءات المتعلقة بالوقف تعد من النظام العام على وفق حكم المادة (130/2) مدني فهل يعني هذا إن النص يسري على الأوقاف الذرية السابقة لصدوره على وفق ما تقدم؟ لان اصبح من الواجب سريان أحكامه على الحالات التي سبقت صدوره على وفق حكم المادة (10) مدني أعلاه، فاذا كانت غاية المشرع بهذا الاتجاه كيف لنا أن نوفق بين أهم مبدأ في احكام الوقف وهو ما استقر عليه جميع فقهاء الشريعة الإسلامية وغيرها بان شرط الواقف مثل نص الشارع لا يجوز مخالفته فهل منع تصفية الوقف الذري او الرجوع فيه يتفق مع شرط الواقف عند وقفه للاموال أم انه يتقاطع كليا لان الواقف كان له أن يجعل الوقف خيريا وينهي الأمر 4. أما اذا كان النص الحالي يسري على الأوقاف الذرية والمشتركة التي ستنشأ بعد صدور هذا القانون فقط كان على المشرع أن ينص صراحةً على ذلك في القانون لان نص المادة (10) مدني صريح بسريان التعديل على كل الأوقاف السابقة وحتى التي تم تصفيتها فيكون من الواجب إبطال وإلغاء كل إجراءاتها لأنها أصبحت على خلاف القانون أعلاه. 5. هذا التعديل أبقى على الوقف الخيري فقط وألغى الوقف الذري او المشترك بالنسبة للأوقاف الشيعية على وفق وصف التعديل مما يكون تعديل ضمني لإدارة تلك الأوقاف وتصبح خاضعة لأحكام إدارة الوقف الخيري من حيث التولية والمحاسبة وسواها وسيخلق حالة من التقاطع أو التنازع التشريعي بين قانون المرافعات الذي تعد أحكامه من النظام العام الذي فرق بين ترشيح المتولي للوقف في الوقف الخيري والمشترك وتنصيب المتولي للوقف الذري على وفق حكم المادة (300/3) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل بينما قانون التعديل ألغى فكرة وجود الوقف الذري بالنسبة للأوقاف الشيعية وهذا يثير السؤال الآتي هل تمتنع المحاكم عن تنصيب المتولي وترشحه فقط أسوة بالوقف الخيري بينما الحجة الوقفية تشير إلى انها وقف ذري ؟ وسؤال آخر هل أصبحت حجج التولية على الأوقاف الذرية باطلة لأنها تخالف الحكم الوارد في قانون التعديل المشار إليه أعلاه ؟ اعتقد هذه إشكالية قانونية ستربك العمل بالنسبة للأوقاف التي يسري عليها التعديل وكذلك عند التطبيق القضائي. 6. نظام المتولين رقم 46 لسنة 1970 المعدل والذي ما زال نافذاً لغاية الآن استثنى المتولي على الوقف الذري من العزل بقرار من لجنة محاسبة المتولين على وفق حكم المادة (19) من ذلك النظام فهل أصبح الآن خاضع لأحكامه بينما سريانه يقتصر على الوقف الخيري والمشترك على وفق حكم المادة (2) من النظام اعلاه. 7. إن أسلوب إجارة العقارات الموقوفة وقفاً خيرياً يختلف عن أسلوب إجارة الأوقاف الموقوفة وقفاً ذرياً لان الأول يكون بموجب نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة 1969 والثاني يكون خاضع لإرادة طرفي عقد الإيجار وبما ان الوقف الذري من أشخاص القانون الخاص وفي التطبيقات القضائية يكون لمتولي الوقف حق التأجير وإقامة الدعوى على المستأجر وغير ذلك بينما في الأوقاف الخيرية لا تؤجر العقارات إلا بأسلوب المزايدات ولمدة محددة في النظام وتقترن بمصادقة جهة الأوقاف ممثلة بديوان الوقف حالياً وهذا يقودنا إلى السؤال الآتي هل يصبح الوقف الذري خاضع لأحكام المزايدات والمناقصات رقم 45 لسنة 1969 المعدل؟ فإذا كان الجواب نعم فان ذلك سيخلق تقاطع بين الحقوق التي كانت نتيجة العقود النافذة لأنها تكون بطريقة التعاقد المباشر بين المتولي والمستأجر بينما في نظام المزايدات سنكون أمام مخالفة قانونية صريحة ام تلغى هذه العقود ويعاد الأسلوب بالعمل على وفق نظام المزايدات؟ هذه ملاحظات اولية وهناك العديد منها سوف أشير إليها لاحقا ولكن عرضت ما تقدم ذكره لكي أضع امام رئيس الجمهورية المخالفات الدستورية لهذا المشروع وعليه تدارك الأمر دستوريا.
|