المؤتمر الدولي العربي الرابع عشر للطب النفسي (تغطية علمية)


تحت شعار (مستقبل الصحة النفسية في العالم العربي ) ،نظّم اتحاد الأطباء النفسانيين العرب بالتعاون مع الجمعية العالمية للطب النفسي،وبدعم من الجمعية العالمية للطب النفسي،مؤتمره الرابع عشر في العاصمة عمان للمدة من (20-22 تشرين الأول/اكتوبر 2016). 
شارك في المؤتمر باحثون من جميع البلدان العربية،ومن:أميركا،بريطانيا،سويسرا،ألمانيا،
فرنسا،ايطاليا،وماليزيا.وبلغ عدد المتحدثين الرئيسيين فيه (38)متحدثا فضلا عن ثلاثة عشر متحدثا من الضيوف العرب والاجانب.
كان الهدف من المؤتمر هو مناقشة آخر من توصلت اليه البحوث العالمية في مجالي التشخيص وعلاج الأمراض العقلية والأضطرابات النفسية بلغت (38)بحثا عرضت في جلسات صباحية ومسائية،فضلا عن ورش تدريبية بينها واحدة خاصة بمرض الزهايمر للدكتور لطفي الشربيني، واثنتان قدمهما الدكتور وائل ابو هندي حول (احتياطات التامين في مرض الوسواس القسري) و (الاستعارات والتشبيهات في العلاج المعرفي للوسواس القسري)،ورابعة قدمها الدكتور جمال التركي تهدف الى تعاون عربي اكثر رقيا بعلوم وطب النفس وعرض موجز للمنجزات الكبيرة لشبكة العلوم النفسية العربية خلال ثلاث عشرة سنة،وخامسة عن التدريب النفسي للاطفال للدكتور ملهم الحراكي وسادسة عن مهارات اساسية في العلاج المعرفي السلوكي للدكتور احمد الهادي. 
استهل المؤتمر بمحاضرة قيمة للدكتور احمد عكاشة بعنوان (الحكمة..الأساس النفسي العصبي البيولوجي)،لفت فيها الانتباه الى ان الحكمة(التفكير العميق،التبصر،الايثار،اتخاذ القرار،التعاطف..) كانت على مر العصور حكرا على الدين والفلسفة،فيما الأمر يتطلب الآن دراسة الأساس النفسي العصبي لها Neurobiology ،وان للحكمة مواقع او مناطق مشتركة في الدماغ!.
وعن الطب النفسي والمجتمع 2016 تحدث البروفيسور نورمان من سويسرا عن اتجاهات التطورالتي حصلت في العقود الأخيرة وموقف الثقافات في المجتمعات المتطورة والنامية من الطب النفسي،ومفهموم (وصمة) المرض النفسي وكيفية التعامل معه من قبل الاطباء النفسيين في البلدان النامية. 
ومن بين البحوث التي تناولت حالات معاصرة دراسة قدمها الدكتور يوسف قدوري من الجزائر شملت 1200 طالبا وطالبة من كليات علمية وانسانية توصل فيها الى وجود علاقة بين ادمان استخدام الانترنت وبعض اعراض الاضطرابات النفسية.
وعن الخدمات الصادمة عبر الاجيال الفلسطنية وعلاقتها بالتوافق النفسي توصل دكتور سمير قوته والاستاذة صابرين موسى الى ان جيل(الأجداد 73-92)يعانون من اعراض كرب ما بعد الصدمة بنسبة 80% ،فيما عانى الجيل الثاني( الآباء 52-66)بنسبة 59% ،والجيل الثالث (الأبناء 20-48)بنسبة 56% ،وجيل الاحفاد (9-18) بنسبة 27%. ولعل هذه الدراسة تقدح الفكرة لدى اساتذة اقسام علم النفس ومراكز البحوث النفسية باجراء دراسات مماثلة على العراقيين الذين خبروا ثلاثة حروب كارثية..ورابعة ما تزال سببا لفواجع يومية.
وكان لجودة الحياة وعلاقتها باختلاف اعراض الفصام لدى عينة من مراجعي عيادات الطب النفسي الخاصة في عمان دراسة توصلت فيها الاستاذة الاء البشتاوي الى وجود ارتباط سلبي دال بين ابعاد جودة واعراض الفصام وعلاقة عكسية بين بعد الصحة الجسدية من مقياس الجودة والاعراض الايجابية للفصام.وفي المجال نفسه لفت الانتباه الدكتور (افضل) من بريطانيا الى ضعف الآساليب التقليدية في علاج الفصام،(الشيزوفرينيا)،وعرض برنامجا جديدا يعتمد على تحسين العلاقات الاجتماعية للمصابين وتامين اعمال منتجة يستفيدون منها ماديا تم تطبيقه في باكستان. 
وعن حب الحياة وعلاقته ببعض المتغيرات لدى طلبة المدارس والجامعات في الضفة الغربية توصلت الدكتورة ناهدة العرجا الى ان الدرجة الكلية لحب الحياة كانت متوسطة مما يعني انه على الرغم من الحروب العديدة والنكبات المتتابعة التي حلت بالشعب الفلسطيني ابتداءا من الحكم العثماني والانتداب البريطاني 1948 وحرب 1967 والانتفاضة الاولى وانتفاضة الاقصى والهبّة الجماهيرية الاخيرة،الا انه ما يزال الطلبة الفلسطنيون يحبون الحياة ،وهذا يتفق مع ما توصل اليه باحثون بان حب الحياة والتمسك بها يظهر بجلاء في مواقف الكوارث والحروب..وليت الاقسام المعنية بجامعاتنا العراقية تقوم باجراء دراسات مماثلة نتعرف من خلالها ما اذا كان العراقيون الذين خبروا الحروب على مدى 36 عاما ، ما يزالون يحبون الحياة ام انهم جزعوا منها..مصنفة بحسب الفئات العمرية والمستوى التعليمي والجنس.
وفي مجال الاطفال توصلت الدكتورة فداء ابو الخير في دراستها الموسومة الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية لدى الاطفال والمراهقين الاردنيين المساء معاملتهم والمقيمين في دور الايواء وغير المقيمين فيها،توصلت الى ان الاطفال كانوا اكثر اصابة بكل من :العناد المتحدي،التبول اللاارادي،ضعف الانتباه وفرط الحركة،وان نسبة الانتشار بين الاطفال تفوق المراهقين في مكونات العدوان والخداع والكذب..فضلا عن معاناتهم من الاضطراب الجنسي واضطراب القلق العام واضطراب الاكتئاب النفسي.
ومن العراق شارك الدكتور سداد جواد التميمي المقيم في بريطانيا ببحث عن التحول الجندري(تحول الذكر الى انثى وبالعكس) بوصفها ظاهرة الألفية الثالثة،والدكتوره مها يونس بدراسة عن النساء والصحة النفسية في العراق،فيما القى البروفيسور الدكتور عبد المناف الجادري محاضرة عن اشكالية التصنيف في الطب النفسي.ولقد حمّلني الدكتور مناف أسفه ان يحظى بالتكريم من البلدان العربية ولا يحظى به من وطنه..وهي حالة مخجلة حقا أن يكرّم المبدعون العراقيون في الخارج فيما هم مهمشون في الداخل.
ومن جانبنا شاركنا ببحث يحلل الارهاب من منظور سيكوبولتك ودوافع التحاق اوربيين بـ(تنظيم الدولة الاسلامية) وتحولهم الى انتحاريين وقاطعي رؤوس برغم انهم يختلفون عن قادته فكريا ودينيا واجتماعيا.وحصل ان اعترض احدهم (من السعودية)على قولنا بأن الاباء الروحيين لقادة هذه التنظيمات هم:احمد بن حنبل،ابن تيمية،محمد بن عبد الوهاب،حسن البنا،وسيد قطب..واتينا له باقوالهم التي تدعو الى التكفير وقتل من يخالفهم الرأي والموقف،وشهادات صريحة لكل من ابن لادن والزرقاوي وابي بكر البغدادي.
لقد امتاز هذا المؤتمر عن سابقاته بكثرة الحضور ونوعية البحوث وحسن التنظيم وحرص اللجنة العلمية في الجمعية الاردنية للطب النفسي على ان يكون عدد المتحدثين العرب اكثر من زملائهم الأجانب..وبها حقق انجازا عربيا مميزا للاطباء والسيكولوجيين العرب..باستثناء ملاحظتنا عليه في الجلسة الختامية انه لم يخرج بتوصيات يهتدي بها أصحاب المهنة وتلفت انتباه الجهات الرسمية في العالم العربي التي ما تزال غير مكترثة بالجانب النفسي والعقلي لما يحصل للناس من فواجع.
عذرا ان هذه التغطية لم تشمل جميع البحوث واسماء اصحابها الأفاضل لكثرتها،شاكرين فضل القائمين على هذه التظاهرة العلمية،لاسيما الدكتور وليد سرحان والدكتور ناصر الذي انتخب رئيسا لأتحاد الأطباء النفسيين العرب..متطلعين الى عقده في العراق،والتنبيه الى ضرورة البدء من الآن باجراء بحوث ميدانية،سيما وأن العراق هو الآن (اخصب تربة) للأمراض النفسية والعقلية في العالم!