دي ميستورا لم يعيد السلام إلى سورية




لم تسفر حتى الآن مبادرات مجلس الأمن للأمم المتحدة بشأن تسوية الأزمة السورية عن أية نتيجة إيجابية. يواجه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن أثناء جلسات بالشأن السوري الخلافات العديدة التي لا يخفوها بل يظهروها من أجل انتزاع دعم زملائهم. لا أحد يستطيع أن يتكلم حول حوار سياسي مثمر عندما يغادر مندوبون بكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا جلسة مجلس الأمن أثناء عطاء الكلمة للمندوب السوري.
في هذه الظروف الصعبة يجب على المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا اتخاذ زمام المبادرة ولكن يقتصر عمله على التصريحات التي تحتوي على الحقائق المشبوهة.
يتهم دي ميستورا الرئيس السوري بشار الأسد والزعيم الروسي فلاديمير بوتين باستعمال وجود المسلحين في المناطق المحاصرة في شرق حلب كحجة لتبرير الضحايا المدنيين. من جانبها رفضت وزارة الدفاع الروسية هذه الاتهامات بتقديم الصور الفضائية العديدة والوثائق الأخرى التي تؤكد أن الطائرات الروسية والسورية لا تستهدف إلا مواقع الإرهابيين وتدقق احداثيات أهداف الغارات الجوية مسابقا من اجل تجنب الأخطاء.
يجب على المبعوث الأممي أن يظهر عزمته في الأفعال ولا في الأقوال. حتى الآن ثبت دي ميستورا أن يكون دمية في مباحثات بين وزيري الخارجية الأمريكي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف. لا يطرح دي ميستورا وهو مكلف بمهمة إعادة السلام في سورية أية اقتراحات ولا يصنع الآليات لتسوية الأزمة السورية فيما تصنعها الأطراف الأخرى!
ويستمر المبعوث الأممي في إدانة روسيا والولايات المتحدة وينتقد جهودها من أجل التعاون في الشأن السوري.
عندما أعبر دي ميستورا عن استعداده لمرافقة مقاتلي "جبهة فتح الشام" إذا قرروا الخروج من حلب، كان جالسا في مكتب الأمم المتحدة الآمن وليس على خط الجبهة في سورية. هكذا يقدم المبعوث الأممي وعود فارغة ويتهرب من تنفيذ وجباته ويلقى المسؤولية عن إيجاد أساليب حل هذه المشكلة على عاتق لافروف وكيري ولكن لا ينوي الاستقالة من منصبه وشرح موقفه بعبارات طنانة: "استقالتي ستكون إشارة عن أن الأسرة الدولية تتخلى عن السوريين، والأمم المتحدة لن تتخلى عن السوريين وأنتم لن تتخلوا عن السوريين".
وعلى الرغم من انطلاق محادثات جنيف حول تسوية الأزمة السورية منذ ما يقرب من عام واحد أخفق دي ميستورا في جمع كافة أطراف النزاع خلف طاولة المفاوضات. وضعت المعارضة السورية شروطها وهددت المبعوث بعرقلة المفاوضات وهذا هو ما حدث في نهاية المطاف. خلال هذا الوقت، كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير قادر على إيجاد حل وسط مع الجماعات المسلحة واقناعها للمشاركة في حوار سياسي مباشر في جنيف. وفهم زعماء المعارضة الذين خدعوا دي ميستورا مستمرا عجز الأمم المتحدة عن التأثير عليهم، ويستمرون بخلق الفوضى في سورية.
خلال هذه الفترة الطويلة لم يتقدم مجلس الأمن الدولي شبر واحد في تسوية الأزمة السورية. أليس هذا دليلا على أن جهود المجتمع الدولي ومبعوثه الخاص في هذا المجال ما زالت عقيمة؟ لا تساهم جهود شكلية لدي ميستورا وموقفه الفاتر في اعادة السلام وتحسين الأوضاع الإنسانية وهذا هو المهمة المباشرة للأمم المتحدة. يشكل عدد كبير من الضحايا واستمرار الحرب السوري دليلا على أن الوقت قد حان لوقف التهرب من واجباته أو الاستقالة دي ميستورا واعتراف بعجزه عن إيجاد أساليب وقف إراقة الدماء في سورية.