ما وراء تحرير الموصل!؟

 

المتابعون للشأن السياسي العراقي، والمعنيون به،يرون ان القادم  بعد تحرير الموصل،هو الأصعب والأشد على العراقيين،وان هناك ستكون ارهاصات وافرازات سياسية لا يمكن تخمينها، فالسياسات تتغير بتغير المواقف.

الحكومة العراقية،لم تكن لها خطة أو رؤية سياسية مستقبلية واضحة المعالم،لما بعد تحرير الموصل، والسيد العبادي موقفه يكتنفه الغموض.

الأكراد فيما بينهم خلافات،ولديهم اطماع ببعض الاراضي في الموصل، وعندهم قوة عسكرية( البيشمرگة)، ولا يعلم ما هو موقفهم الثابت بعد تحرير الموصل؟

السنّة، هناك حشد بقيادة النجيفي، ويقدر ب"6000" مقاتل بتمويل ودعم مالي وعسكري من تركيا، هناك أيضاً حشد عشائري سني مدعوم حكومياً، وخلافات بين قيادات السنة، بين المطلگ والكرابلة من جهة،وبين النجيفي واسامة الجبوري من جهة أخرى،بعض تدعمه السعودية،والبعض الآخر تركيا، و كل له قوة عسكرية،ولا نعرف من صاحب اليد الطولى منهم بالموصل بعد تحريرها؟

ما هو مصير الحشد الشعبي؟وكيف التعامل مع فصائله المتعددة،وخاصة لكل فصيل قيادة، وناطق بأسمه،وكل له رؤى سياسية تختلف عن الآخر،مما يثير هذا الأمر الخوف والقلق،أضافة الى ان السنّة والأكراد، لا يرغبون ببقاء الحشد الشعبي بعد الأنتهاء من الموصل، ولديهم حساسية شديدة منه، وجميعهم لديهم قوة،والحكومة العراقية مع كل هذا موقفها مبهم.

هل ستطبق أمريكا مشروع بايدن في تقسيم العراق؟ أم تلقي بالحبل على الغارب،وتترك العراق بعد تحرير الموصل تتقاذفه الصراعات الداخلية والاقليمية ؟ أم هناك رؤية استراتيجية أمريكية في العراق وسوريا؟ وهذا ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي قائلاً: "ان مهمتنا بعد الموصل الرقة،ولا تغادر قواتنا العراق الا بعد استيفاءنا المهمة"،ولا نعرف ما هي مهمة أمريكا بالضبط!؟ وهل أمريكا سوف تبقى على مواقفها الحالية،أم انها ستتغير بعد الأنتهاء من انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

تركيا تحشّد قواتها على الحدود العراقية،ولا نعرف ماذا بداخله، وما هي اهدافها في العراق؟ ولماذا هذا الاصرار على تواجد قواتها في العراق؟ فالتصريحات على لسان كبار المسؤلين، بما فيهم اردوغان،يتحدثون على أنهم سيدخلون الرقة بعد تحرير الموصل،وأنهم لا يسمحون للقوى الكبرى،ان تتلاعب بالعراق،ويكون هدف لسياساتها في تعميق الطائفية والقومية،مما ينعكس على أمن تركيا، وان قواتها في العراق تواجدت من أجل منع هذا الهدف، وحماية أمنها!

دول الجوار كالسعودية وايران، في هدوء وسكون تام، وكأن تحرير الموصل،وتواجد القوات التركية،شيء لا يعنيهم بتاتاً،وليس من العادة،فعلاً شيء مريب! اللهم الا بعض التصريحات الايرانية الخجولة ضد دخول القوات التركية في العراق،وطبعاً ليس كتصريح الرئيس المصري السيسي الرنّانة!

كما سوف تواجه الحكومة العراقية، مشاكل كبيرة على المستوى الخدمي، كالاعمار،والنازحين التي تقدّر بالآلاف، وكيفية تدبير أمورهم، ورجعوهم الى منازلهم.

حقيقة أمام الحكومة العراقية، والتحالف الشيعي-الذي هو شبه موحد- برئاسة السيد الحكيم،مشاكل جمة،ومعقدة، وشاقة،ولكنها ليست مستحيلة،ويجب ان تكون لديهم رؤية سياسية،واقتصادية،وإدارية،لما بعد الموصل.

اعتقد ان الوحدة بين القيادات السنية، والشيعية،والكردية،ستذلل كثير من هذه المشاكل، والتحالف الوطني برئاسة الحكيم مع السيد العبادي، قادرون على تفعيل هذه الوحدة،ما لم يخلق لهم مختار الفتنة أزمات مع جبهته الفاسدة!