الحظر.. تافه أحيانا كفارضه |
ما أكثر الاخفاقات التي تعتري أعمال مسؤولينا وساستنا في حلبتهم السياسية! وما أعمق تأثيراتها على جوانب البلاد كافة، ولو تقصينا في بحث أسباب هذه الاخفاقات لوجدنا أنها لم تأت من فراغ، إذ سيتضح لنا جليا أنها من صنع أيديهم ووليدة أفكارهم، بل يذهب بنا اليقين الى أن الدافع لحدوثها ليس عفويا او مصادفة، بدليل الإصرار على تكرارها دون اكتراث برأي عام او خاص. وما يؤلم في الأمر أن القائمين على صنع القرار في بلدنا هم أيضا من صنع أيدينا، فهم من أشرنا إليهم بإصابعنا البنفسجية، وهم من وضعنا علامات الصح أمام أسمائهم وقوائمهم وكتلهم، وهم من ارتضينا تسلطهم على رقابنا، فحق علينا المثل القائل؛ (صگر فويلح)..! و "فويلح".. شاب يقطن إحدى قرى محافظة واسط.. كان قد ربّى صقرا منذ صغره آملا ان ينفعه في الصيد، حيث كما هو معروف لدى مربي الصقور أن الصقر طائر يمتاز بالقدرة على الاستجابة لمربيه وأوامره، منها جلب الفريسة بعد اصطيادها. لكن الذي حدث مع هذا الشاب ان صقره دأب على التقاط الأفاعي السامة من الفيافي والإلقاء بها حية عليه، وهو الذي لم يألُ جهدا في تربيته، فاعتصر قلبه شاكيا معاناته فيما يلقاه من صقره ببيت دارمي، ذامّا حظه العاثر معه في خيبة الظن والخذلان حيث قال: صگر الأزامط بيه گطَّع إديّه ينگل حيايه الچول ويذب عليه وأظن أن الشخصيات التي تتالت على حكم العراق قد نحت منحى صقر صاحبنا "فويلح"، من خلال ماتتسببه من عناء ومصائب لأبناء الشعب، ولاسيما في سنين مابعد التحرر من (مشعول الصفحة) كما تحلو للبعض تسميته، إذ كثرت الصقور والغربان والـ "ططوات" في سدة الحكم، وصاروا يتفننون في جلب المآسي والويلات الى من رفعهم وأجلسهم في كارسيهم التي كانوا يحلمون بالتربع عليها. ومن بين المآسي التي جلبها هؤلاء لشعبهم بامتياز منقطع النظير، هي المماطلة والتسويف في إقرار القوانين التي تصب في صالحه وصالح البلد، وفي الوقت ذاته هم يحثون الخطى ويباركون الهمم في التعجيل بإقرار قوانين ليس الوقت وقت نظر فيها، ولا المكان مناسب لتطبيقها، ولا الظرف مهيأ لفرضها، وكان حريا بهم توجيه الجهد والوقت المبذولين في صياغتها وقراءتها وإقرارها صوب القوانين الأهم والأكثر حاجة آنيا. ففي الآونة الأخيرة انشغل البهلوانيون في سيرك النواب العراقي، بما لايجدي نفعا ولايعود بفائدة الى المواطن المضام، ذلك هو تفانيهم وتفننهم في تمرير قانون حظر الخمور، حتى أن بعضهم لم يستطع إخفاء فرحته بهذا المنجز المخزي، فراح يهز ذيله نشوة وابتهاجا، متوهما أنه أنجز أمرا كان قد استعصى على غيره، وبحنكته وعقله النير وفكره الخلاق تم إنجازه، فتخيل المسكين نفسه أنه ؛ (جاب الذيب من ذيله). يذكرني نهج برلماننا في إهمال الأهم والمهم والضروري، والالتفات الى توافه الأمور بطبع لدى الكلب "السلوگي" إذ هو يتصرف أحيانا بغرابة، ففي أحرج الأوقات والحاجة الماسة الى مهاراته وسرعته في جلب الطريدة لحظة صيدها يبدأ بـ "التغوط"..! حتى غدا سلوكه هذا مثلا -ومثلي هنا يُضرب ويُقاس- فقيل؛ "مثل الچلب السلوگي وكت الصيد يگوم يخري". aliali6212g@gmail.com |