مصطلحات سياسية بائدة

من مصطلحات السياسة التي شاعت في سنوات الستين مصطلح " ذيلي " ومصطلح " وصولي "، فضلا عن " الانتهازي " الموجودة أصلا و " الرجعي " و " التقدمي " و " الوحدوي " و " الشعوبي ". 
من هذه المصطلحات ما كان يطلقه اليساريون على اليمينيين. 
ومنها ما كان يطلقه هؤلاء على أولئك. 
ومع ذلك التراشق والجدل المستعر الذي كان يبلغ حد الاقتتال والغدر، لم تكن " العمالة " تصل بهؤلاء وأولئك إلى أبعد من مصر الناصريّة. فالذيلي هو من يتبع مصر، والتقدمي هو من يبغي التقدم يسارا، والوحدوي هو من ينادي بالوحدة العربيّة، وبعكسه الشعوبي الذي كان صفة من لا يدعو إلى القومية والعروبة، والرجعي الذي كان سمة الالتصاق بالعهد الملكي أو بأي عهد سابق، لأنّ " الثوّار " كانوا تقدميين دائما، وكلّ من عداهم رجعي مناهض لتطلعات الأمّة وتقدمها.
أمّا الألوان فكانت لها دلالاتها أيضا: فالأخضر هو لون القوميين والأحمر محجوز للشيوعين والأصفر، كما كان يقال لنا ونحن صغارا، هو لون البعثيين.
وبعد كلّ هذه الهزّات والخضّات والاهتزازات خرجنا صفرا من السياسة بأوطان مشتتة وآمال محطمة وبلاد مدمرة ومجتمعات مفككة على أسس غير واضحة المعالم ولا بينة الاتجاه. وصارت العمالة تتجاوز البحار والمحيطات والجبال العالية والفيافي. صارت عمالة عالمية عابرة للقارات، تتجاوز المبادئ لتدخل في المال والاقتصاد والربح الفردي. 
ما عاد هناك " عملاء " عاملون لإنقاذ الوطن، بل للتجارة به والحصول على أفضل عمولة من صفقة بيعه.
كنّا نتنازع ضمن إطار البلد وضمن خدمة الوطن فأصبحنا نتقاتل على أرض الوطن وعلى أجساد الناس لنخرج بأفضل نتيجة لصالح الممولين وأهدافهم ومناطق نفوذهم.
كنّا أبطالا فأصبحنا مرتزقة نحارب على أرضنا ونقاتل أبناء جلدتنا الذين نختلف معهم.
صرنا جميعا وصوليين وذيلييين وانتهازيين ورجعيين وشعوبيين.
صارت السياسة أحادية اللون
صارت تجارة
لونها هو لون الدم والدخان والغبار.
لا مكان فيها لأخضر ولا لأصفر ولا لأبيض بالطبع.
ما عادت صنائعنا بيضا
ولا وقائعنا سودا
ولا مرابعنا خضرا
أمّا مواضينا فقد عادت حمرا حمرا حمرا
منذ أن تحولنا جميعا إلى ذيليين وصوليين انتهازيين رجعيين شعوبيين.