اردوغان وثوب الامبراطورية العثمانية |
بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها ودخول القوات البريطانية للعراق واخضاعه للانتداب البريطاني عام 1918 واجلاء اخر جندي عثماني من ولاية الموصل .. باعتبارها إحدى الولايات العراقية المهمة
جرى التوقيع على معاهدة سيفر في آب 1920 بين الجانب البريطاني والتركي حيث طالب الأتراك لاطماع توسعية بولاية الموصل باعتبارها ولاية ادارية تابعة للاراضي التركية
وكانت هناك وجهتا نظرٍ مختلفتين حول عائدية الموصل.. الأولى : بريطانية - عراقية تؤكد على عراقية الموصل .. جغرافيا وتأريخيا وحضاريا والثانية : تركية تؤكد على تركية الموصل ..
و بعد أن عجزت الحكومتان على إيجادِ الحل لتسوية الحدود، قررت عصبة الأمم في 30 أيلول 1924 تشكيل لجنة عليا .. لدارسة الموضوع، وتحديد عائدية الموصل، وإجراء استفتاء لمواطنيها لتقرير مصيرهم ..
ثم جرى استفتاءً شعبي بحضور ممثلين عن الانكليز والأتراك لتقرير مصير الموصل
وكانت نتيجة الاستفتاء إن الغالبية العظمى (شبه الإجماع) مع بقاء الموصل مع وطنهم العراق .. ووافقت تركيا القرار مجبرة على ذلك حسب قرار اللجنة ونتائج الاستفتاء
و لتثبيت الإطار النهائي للمعاهدة الثنائية برزت عدة اهداف من الضجّة التركية حول الموصل.. إذ طالبت بتنازلات معينة من الجانب العراقي.. فقد طلبت تركيا بأراضي عراقية بمساحة 1000 كيلومتر مربّع لأسباب إستراتيجية، تتعلق بأمنها الوطني.. كما طالبت بحصة ب 10 % من حصة العراق في شركة النفط التركية في العراق
بعد قرار مجلس عصبة الأمم بالإجماع في 16 كانون الأول 1925 بترسيم الحدود العراقية ـ التركية .. مع جعل خط بروكسل خطاً فاصلاً بين الدولتين.. وبقيت الموصل مدينة عراقية باعتراف المجتمع الدولي المتمثِّل بعصبة الأمم.. وعلى هذا الأساس تم التوقيع في العاصمة التركية أنقرة على معاهدة بين بريطانيا والمملكة العراقية من جهة وتركيا من جهة أخرى في 5 حزيران 1926 لتثبيت الحدود العراقية التركية.. واعتبرت هذه الحدود نهائية وغير قابلة للخرق من أي جهة حسب المادة 5 من المعاهدة ..
وفي 15 آذار 1927 أعلَنَت تركيا اعترافها الرسمي بالدولة العراقية لكن لا زالت الأطماع التوسعية التركية في العراق قائمة خاصة في العهد الأردوغاني الحديث والذي يحاول ارتداء ثوب الدولة العثمانية وان يعيد مجدها الزائف في دورها الطائفي والاستبدادي والتوسعي في المنطقة العربية وان يكون حامي اهل السنة ومصالحهم
حيث أثارت تصريحاته حول الموصل مؤخرا غضبا رسميا وشعبيا في العراق، بعد أن دعا إلى إبقاء العرب السنة والتركمان حصرا فيها بعد تحريرها من تنظيم داعش
.. وكان تصريح عبد الله غول، عندما كان وزيراً للخارجية، مثيراً للجدل ايضا عندما أعلن صراحة وجهاراً تهديده بإلغاء اتفاقية 1926.. مما يترك الباب مفتوحا امام الاطماع التركية في العراق واحلام امبراطوريتهم العثمانية القديمة في استخدام سياسة السيطرة والتوسع والاحتلال وخصوصا مدينة الموصل وما تشكله من اهمية استراتيجية وتاريخية وحضارية
ولم تتوقف الإطماع التركية في الموصل.. بل توسعت لتشمل محافظة كركوك.. فهي تستثمر كل حالة استثنائية أو ضعف في الموقف العراقي.. فحال قيام ثورة 14 تموز 1958 حركت اكبر قطاعاتها العسكرية لاحتلال العراق.. ولولا إعلان الزعيم عبد الكريم قاسم إن مصالح الغرب باقية .. والإعلان عن استمرار تصدير النفط.. كما كان لموقف الاتحاد السوفيتي بالإعلان إن أي عدوان على ثورة العراق عدوان على الاتحاد السوفيتي.. وتحرك الأسطول السوفيتي الى البحر الأبيض المتوسط.. مثلما أعلنت مصر (الجمهورية العربية المتحدة) إن أي عدوان على العراق عدوان على مصر.. مما أدى الى إبلاغ بريطانيا وأمريكا تركيا بالتريث.. وإيقاف دخول القوات التركية الى العراق .. وقد استمرت المحاولات الاستفزازية والضغوط المستمرة حتى وصلت الى استخدام حرب المياه في فترة النظام السابق وادت هذه السياسة الى انخفاض حاد في منسوب مياه دجلة والفرات مما اثر سلبا على الواقع الزراعي والاقتصادي في العراق
لعبت تركيا دورا اقليميا سلبيا على الساحة العراقية بعد الاجتياح الاميركي للعراق وسقوط النظام المقبور وتعد حليفا قويا لدول الخليج لدعم المشروع الطائفي في العراق وتأجيج سنة العراق ضد الطرف الشيعي ضمن اجنداتها الداخلية لخدمة مشروعها التقسيمي في العراق بحجة حماية اهل السنة ومصالحهم وقد اتسمت السياسة التركية في التدخلات السافرة في شؤون العراق داخليا وخارجيا وخاصة دورها البارز في دعم الانشطة الارهابية ودعم ساسة العراق السنة ودعم الاحزاب الفاعلة في الأرض ماديا وسياسيا والتعاون مع المجاميع المسلحة والمعرضة للوقوف ضد حكومة العراق وايوائها لكبار المسؤولين الهاربين بتهمة الارهاب من العراق ومواقفها السلبية من الحكومة العراقية ومساعدتها في دعم وتسهيل عملية اجتياح الموصل من قبل الزمر التكفيرية الداعشية من سوريا ليتسنى لها فيما بعد من احتواء مطامعها وتكشير انيابها بعد ان تكون الموصل لقمة سهلة يمكن قضمها في ظل اوضاع ضعف الدولة العراقية او بعد اخراج داعش منها وخصوصا انها احد حلفاء دول التحالف الدولي ضد داعش باستخدام سياساتها الازدواجية ومشاريعها السرية الخطيرة ودورها الخطير التي تلعبه في المنطقة بدوافع القضاء على معارضتها المتمثلة بحزب العمال على الحدود العراقية واعادة توازنات القوى الفاعلة ضد روسيا في المنطقة بعد فشل مشروعها في سوريا في دعم المعارضة والحيلولة دون اسقاط النظام
لقد ساهمت عوامل كثيرة في ايجاد عمق استراتيجي ودور اكبر لكي تلعبه تركيا في العراق وتسهيل عملية دخولها الى الموصل بعد اصرارها الشديد على المشاركة بعمليات تحرير الموصل وتدخلها السافر في الشان العراقي رغم معارضة الحكومة العراقية من مشاركتها بريا بالرغم من انتشار قواتها البرية منذ سنوات طويلة في شمال العراق لحماية عمقها من مخاطر انتشار معارضتها في شمال العراق وتهديد امنها
وان التوغل العسكري التركي داخل الأراضي العراقية ايقظ هواجس العراقيين من التصرفات اللامسؤولة للقيادة التركية والتي قد تبرز احتدامات متصاعدة في المستقبل القريب على خلفية اســــوء أزمة بين العراق وتركيا ،والتي أدت الى التحرك الاحتجاجي من قبل أبناء الشـــعب العراقي ،واذا ما تمـادت تركيا في أهدافها الخفية ونزعتها الاردوغانية وحلم سلطة هيبة ثوب السلطة العثمانية القديم قد تتحول الأزمة الى مواجهة عسكرية بين الطرفين . وخصوصا بعد التهديدات النارية الاخيرة لرئيس مجلس الوزراء العراقي وبعض من قادة فصائل الحشد الشعبي والتأكيدات المستمرة في ضرورة عدم المساس من اية جهة في وحدة مدينة الموصل ارضا وشعبا وبكل مكوناتها ودياناتها والتي تشكل الخليط المتجانس التاريخي عبر مراحل التاريخ وان اي عمل تخريبي خارحي يراد منه استقطاع الموصل او تجزئة هذه المدينة العريقة يشكل خطرا على وحدة العراق وشعبه |