عــداء النجاح لاتعظلوا النجاح بالعصي والرماح!

 ما إن تظهر مواهب وضعها الله لدى إنسان، حتى يتطاول في البنيان دون وجه حق من يريد علوّا في الأرض وفسادا كبيرا، فيُطوى جناحه على غضب مكتوم وضيق ظاهر ورغبة بزوال النعمة عن الآخرين، ولا يريحه إلا انطفاء العظمة وانبلاج الإخفاق، إذ لا تكف محاولات أولئك في التعرّض لنجاح الآخرين والتشكيك به وزرع الشبهات حوله. هم في كل واد يتيهون وينفثون في مسارات الناجحين كثيرا من السّموم، ويتقنون رمي العصي في دواليب الراكضين. وقد يظهرون لك على هيئة "أعدقاء": أي بذات الوقت أصدقاء و أعداء تحت التمرين، ليس ظاهرهم كباطنهم.. هم العدو فاحذرهم! عِندَما تَسير في مَمرَّات الحيَاة، تُقابلك أَصنَاف كَثيرة مِن النَّاس، فِيهَا الطيّب الأَصيل، وفِيهَا المُتوَاضِع النَّبيل، وفِيهَا الحَقير اللَّئيم الذَّليل، وفِيهَا غَير ذَلك مِن النَّفيس والدَّخيل..! كُلُّ هَذه النَّماذِج مَقبولة ومُتوقَّعة، ولَكن مَا هو غَير مُتوقَّع، أَنْ تَجد أُنَاساً يُعادون النَّجَاح، ويُحاربون كُلّ نَاجِح،!! هَكَذَا مِن غَير سَبَب، مَمَّا يُصنَّف في الغَالب تَحت بَند الحَسَد والحَاسدين، وهَذه الإشكَاليّة تَكاد تَكون – للأَسَف- عَربيّة بامتيَاز- وهنا اتــذكر مقولة العَالِم الكَبير «أحمد زويل» -رحمه الله- حين قال )الغَرب يدعمون الفَاشِل حَتَّى يَنجَح، والعَرب يُحاربون النَّاجِح حَتَّى يَفشل(..إنَّنا لنعجب مِن هَذه الطَّائِفَة؛ التي تَتمنَّى لَكَ الإحبَاط، ولا تَسعَد بنَجَاحك، وهَذا التَّعجُّب لَيس مِنِّي، بَل مِن الأَديب الكَبير «رَجَاء النقَّاش» -رحمه الله- حَيثُ قَال: (هُنَاك نَوعٌ مِن النَّاس يَكره الامتيَاز، ويُعادي التَّفوُّق، ويَخاف خَوفاً عَميقاً مِن أَنْ يَرَى شَخصاً؛ يَتمتَّع بمَوهبة لَامِعَة. لَا يُحب أَنْ يَرَى تِمثَالاً جَميلاً، تَنظر إليه العيُون بإعجَاب، وتَلتف حَوله القلُوب بأعمَق مَا فِيهَا مِن عَاطِفَة، ولَكنَّه يَستريح تَماماً إذَا حُطِّم هَذا التَّمثَال، ورَآه مَجموعة مُتنَاثرة مِن الأحجَار، مَنظر الضَّعف يُريحه ويُسعده، وأورَاق الخَريف عِنده أَحلَى مِن زهُور الرَّبيع، ومَنظر الدَّمَار يُطمئنه عَلى أنَّ العَالَم بخَير، لَيس فِيهِ تَفوُّق ولَا امتيَاز، فاحْذَر كُلّ الحَذَر مِن مُعَاشرة هَذا الصَّنف) – أثبتت تجارب العديد من العظماء و رجال الأعمال والناجحين والمخترعين أن البيئة المحيطة كانت ضدهم، وأنهم واجهوا العديد من العوائق وتغلبوا عليها بالتفاؤل والوعي والإرادة والصبر والإصرار كلها صفات ذاتية لا علاقة لها بالمجتمع، أو بصيغة “هم” التي تروج لها المقولة، فمن هم هؤلاء الذين يدعمون الفاشل حتى ينجح، ومن هم هؤلاء الذين يحاربون الناجح حتى يفشل؟، االامريكي براين تريسي، الذي يعتبر من أصدق مدربي التنمية البشرية وأكثرهم تجسيداً لمقاصد هذا العلم يقول( قد تساهم البيئة المحيطة الإيجابية في تسريع مفعول مقومات النجاح التي يتصف بها الناجحون أصلاً، لكنها لا تخلقها فيهم. العديد من العرب ناجحون العديد من الغرب فاشلون. الا ان النجاح يكون نتيجة ممارسات وجهد وإصرار وتطلعات، ووعي ذاتي بالأهداف والرغبات، والفشل يكون نتيجة كل ما هو عكس ذلك.) طريق النجاح يعلو وينحدر ويتسع ويضيق لكن مساره واحد: الصبر والأيمان والثقة بالنفس والاطمئنان. ومادام الإنسان يسطع ويلمع ويعطي ويبني فهو بلا شك سيتعرض لحرب ضروس من التحطيم المعنوي لا هوادة فيها. فالناس لا ترفس كلبا ميتا والجالس على الأرض لا يسقط، والقافلة تسير والكلاب لا تكفّ تنبح.واخيرا أَ أسأَلكم بالله، وأَرجوكم ايها الفاشلون والفاسدون ومزوري الشهادات !! إذَا لَم يَكن لَكُم رَغبَة بمُعَانقة النَّجَاح، فسَاعدوا الآخَرين لكي يَنجَحوا، وإنْ لَم تَفعلوا ذَلك، فلَا تُحبطوهم عَلى الأَقَل.