عن اقتصاد دونالد ترامب و تيريزا ماي


عُدنا الى الاقتصاد العالمي في ثمانينيات القرن العشرين .
اقتصاد رونالد ريغان ، و مارغريت تاتشر .
هذه المرّة هو اقتصاد دونالد ترامب ، و تيريزا ماي .
اقتصاد الثمانينيات كان اقتصاداً تدعمه مدرسة اقتصادية شرسة ، و متوحّشة ، هي مدرسة شيكاغو للأقتصاد .. ومُستشار اقتصادي مثير للدجل والريبة معاً ، هو ملتون فريدمان .
اقتصاد لا يرحم الفقراء ، والضعفاء ، ومحدودي الدخل .. ولا يأبه لمصالح و اقتصادات الدول التي ترفض الخضوع لمنطقه البراغماتي الصارم . اقتصاد يؤمن بدبلوماسية البوارج ، التي دشّنتها قبل قرون شركة الهند الشرقية - الامبراطوريّة .
لا أعرفُ من هي المدرسة الاقتصادية التي تدعم دونالد ترامب في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين .. ولكنّني لا أشّك لحظة واحدة في كونها تمثّلُ تجمّعاً لنخبة مُختارة بعناية ، من أولئكَ التلاميذ النجباء لمدرسة شيكاغو في الاقتصاد . وهؤلاء ليسوا اقتصاديين فحسب ، بل هُم "خبراء" لمراكز بحوث مستقلة ، أو لمنظمات دوليّة ، يتغلغلون عميقاً في اقتصادات الدول الأخرى ، و يمهدّون الطريق أمام البوارج ، وعربات الهامفي ، ودبابات ابرامز ، و طائرات الأباتشي ، و جنود المارينز .
هؤلاء ليسوا اقتصاديين فحسب ، بل هم مُنظّرون لأسوأ انقلابات امريكا اللاتينية ، على رؤساء دول ، وصلوا الى الحكم بانتخابات ديموقراطية لأ تشوبها شائبة .. لا لشيء .. إلاّ لكونهم كانوا على خلاف معهم حول ادارة ملفّات اقتصادية ، بعضها داخلي - وطني صرف ، وبعضها له علاقة بعمل الاحتكارات الدولية الكبرى، وشركاتها العابرة للقوميات.
لا أعرف الآن سوى المستشار التجاري لـ ترامب ، وأسمهُ دين ديميكو . وهدّد هذا المستشار (حتّى قبل فوز ترامب بالرئاسة) ، بأن واشنطن ستتخلى عن اتفاقات التجارة الحرة ، إذا لم يتم إعادة التفاوض بشأنها ، إلى النقطة التي تكون فيها مفيدة تماما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ، ونمو الوظائف ذات الرواتب الجيدة في الولايات المتحدة الأمريكيّة .
وقال المستشار دين ديميكو، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية : “الأمور أصبحت سيئة للغاية ، إذ سنخرج من اتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة (نافتا) ومنظمة التجارة العالمية ، واتفاقية التجارة الحرة مع كوريا ، إذا لم نتمكن من التوصل لاتفاق عادل”.
وأضاف: “وهذا شيء لن يهرب منه ترامب. بل هو ملتزم به. يجب أن تكون الاتفاقات التجارية عادلة بالنسبة للعمالة الأميركية والشركات والاقتصاد في الولايات المتحدة”.
ان ترامب ليس أحمقاً ، ومتهوَراً فقط ، كما يعتقد البعض .
أنّ لديه مستشارين كثيرين من الوزن الثقيل .. 
و صديقي العزيز دين ديميكو ، هو أحدهم