يوم الحساب لدواعش الفساد والإرهاب |
بسم الله الرحمن الرحيم ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون )
( اقترب للناس ) قيل من بعض المفسرين ان اللام بمعنى من ، أي اقترب من الناس حسابهم ، كما نفهم من ان علوم القران وتفسيراته الظاهرية التي اجتهد المفسرون والعلماء في تفسيراتها وحساباتها الدقيقة في تفسير كل الظواهر الكونية والالهية والطبيعية وامور الحياة اليومية السياسية والاجتماعية والدينية الماضية والحاضرة والمستقبلية وفي علومه وتفسيراته الباطنية التي لا يدركها الا الراسخين في العلم من الانبياء والاولياء وبالضروة ان نفهم منطقيا نص الاية اعلاه مضمونا عاما ان من الناس وعامة الناس يقعون تحت طائلة المحاسبة الدنيوية سواء في تصرفاتهم واعمالهم الغير قانونية او الغير شرعية وكليهما يخضعان للحساب والعقوبة الدنيوية والاخروية
أي وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم ، في الاخرة او محاسبتهم من قبل المؤسسات القانونية الوضعية او الروابط العشائرية المتعارف عليها دنيويا .وعلى الانسان التفكر و التأهب بما جاء بكتاب الله وسننه وتشريعاته الالهية وبالقوانين الوضعية له يعني ما يحدث الله من تنزيل شيء من القرآن يذكرهم ويعظهم به .ومعنى اقترب، أي أنهم سائرون في طريقٍ ينتهي بالحساب، فكل حركةٍ للانسان تعني الوصول لنقطة نهاية محددة وكل فعل له ينتهي بنهاية محددة سلبية او ايجابية فلم يقل الله عزَّ وجل: اقترب للناس يومُ الدين، أو اقترب للناس يوم القيامة، بل اقترب للناس حسابهم ـ حينما الإنسان يُحَاسَب يتعرَّى، فينكشفُ على حقيقته ـ مثل هؤلاء السراق الذين سرقوا اموال الشعب وبددوا خيراته والذين نطالب اليوم بمحاسبتهم من امام بوابات الخضراء والذين عاثوا في الارض فسادا متنعمين بخيرات البلد ولا يأبهون بمعاناة شعبهم وحرمانه من ابسط مقومات الحياة الرغيدة .متناسين بغفلتهم ولهوهم في حياتهم المترفة عن صوت الحق العدل الالهي وصوت الشعب الثائر الذي جاء اليوم لينقض على مضاجعهم ويصرخ بمطاليبه في اقامة دولة العدل والحرية والمساواة ، لكنهم الاحياء الاموات الذين تجاهلوا القران الكريم وشريعته وشريعة النبي وال البيت عليهم السلام وغرهم الغرور في الدنيا . فمن منهم يدري متى يأتيه الحساب ؟ بعد ان اسسوا دولة طائفيتهم ومحاصصتهم القذرة وخدعوا جماهيرهم بأسم الدين والمذهب وافترشوا ادوات سلطتهم على الناس ومن منهم يدري ومتى يأتيه مَلَك الموت ؟في غفلةٍ، وفي إعراض، في غفلةٍ عن هذا اليوم، وفي إعراضٍ عن هذا القرآن، كلام الله رب العالمين لا يأخذونه مأخذاً جدِّياً !! ولا يطبِّقونه، كما لو أنه كلامٌ من إنسانٍ يخشون بطشه، أو يرجون عطاءه، والناس في تعاملهم اليومي حينما يقرؤون نصًّا لإنسانٍ يُرجى خيره، أو يُرْهَب بطشه ينفِّذونه بحذافيره، ويدقِّقون في تطبيقه أدقَّ التدقيق، فما لهم إذا قرؤوا كلام الله عزَّ وجل، وكلام الله عزَّ وجل فيه أمرٌ، وفيه نهيٌ، وعند النهي يتم الاعراض عنه؟ ولا يتم الاعراض عن اوامر الدول الخارجية التي ترعى سياساتهم ضد طموحات شعبهم او الدول الكبرى المؤثرة في صناعة قرارتهم ضد ارادات شعبهم .ماهذه الازدواجية العبثية حياتهم، غفلتهم عن مصيرهم وغفلتهم عن صوت شعبنا ومصائبه وغفلتهم عن هذا الكتاب الذي فيه وعدٌ ووعيد، وأمرٌ ونهيٌ، وجنَّةٌ ونار، وتشريعٌ دقيق، ونظامٌ حكيم، ومنهجٌ قويم، وعبرةٌ لمن يعتبر، وذكرى لمن يتذكَّر، وإخبارٌ عن أقوامٍ مضوا، ووصفٌ لحالتنا الراهنة، وحديثٌ عما سيكون ان من اشد الافات فتكا في حياة الانسان ،حالتان مَرَضيتان خطيرتان مدمِّرتان، الغفلة والإعراض، ومن علامات المؤمن الصحوة والإقبال، ومن علامات الكافر الغفلة والإعراض، المؤمن صاحٍ، يعرف حجمه الحقيقي، ويعرف فلسفة وحكمة وجوده . لماذا هو على وجه الأرض، وما هي مهمَّته في الحياة، ولماذا أرسله الله إلى الدنيا، وماذا ينتظر منه، وما الذي وراءه، وما الذي أمامه، ولماذا يتزوَّج ؟ ولماذا ينجب ولماذا يعمل ؟ولماذا يكون دوره في الحياة والمجتمع مسؤول او رئيس اوزعيم عالم او معلم او مهندس او طبيب الخ.وجد لخدمة المسلمين لا ليستغلَّهم، ولا ليبني ثروته على فقرهم، ولا ليغشَّهم، ولا ليحتال عليهم ؛ بل ليخدمهم وينصحهم والله سبحانه وتعالى يتولَّى أن يرزقه رزقاً حلالاً طيِّباً.
المؤمن الصالحٍ والراعي الصالح للرعية وشؤونها يعرف ما له وما عليه، ويعرف ما يجوز، وما لا يجوز، وما يمكن، وما لا يمكن، وما يصح، وما لا يصح، ويعرف ذلك، ويعرف حدوده وحدود ملكه وسلطته التي يسخرها من اجل خدمة الناس وقضاء حوائجهم لانه من المفترض ان يعرف أن لكل مخلوقٍ إلهاً يحاسب عنه، الناس في تعاملهم اليومي يقولون: الله وكيلك، لو تعرف معنى هذه الكلمة لارتَعَدْتْ فرائصك، ايها المسؤول السياسي والاداري فنحن قد وكلنا الله سبحانه وتعالى لمحاسبتكم على كل سرقاتكم ومظالمكم للشعب ذلك الشعب المظلوم الذي وكل امره وفوضكم بتمثيله لتلبية طموحاته واماله فخنتوا عهد الله معه ، فالله وكيله، وتغشُّه ؟ والله وكيله، وتحلف له يميناً كاذباً ؟ وتحتال عليه ؟ الله وكيله وتسرقه وتنهبه وتقتطع مواد تموينيته ، الله وكيله وتزجه في السجون وتنتهك كرامته، الله وكيله وتظلمه وتحرم لقمة العيش عليه. ولذلك من علامات المنافق اذا حدث كذب واذا اؤتمن خان واذا وعد اخلف…اين وعودكم التي قطعتموها للشعب من اجل سعادته ورفاهيته وتوفير خدماته ؟ لقد ذهبت وعودكم ادراج الرياح عندما انغمس المسؤول السياسي في ملذاته وقصوره اولئك الذين غرتهم حياة الدنيا فخسروا دنياهم واخرتهم في ملذاتهم الرخيصة وحب الدنيا والسلطة وزبرجها
فخيبة الأمل التي ترافق العراقيون طيلة فترات من العقود الطويلة لا تزال ترافقهم اللعنة من بطش وظلم الحكومات وفسادها و هم لا يتجهون بالطريق الصحيح .حيث أنهم دائما يضعون أرجلهم بموقع الجريمة والهلاك وبعد ذلك لا يحصلون الا على البؤس والقهر والظلام .وما ان يضعوا إقدامهم بالخط الصحيح والتمرد على الواقع المزري والمهلك حتى تتكاثر عليهم أصوات الرذيلة والنفاق والخيانة من حيتان الفساد الكبيرة وابواقها الحقيرة
إن ما يشهده العراق من ظواهر غريبة وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تتباين في أشكالها وأحجامها ولعل من أهم تلك الظواهر تأثيراً بعد الإرهاب هي ظاهرة الفساد وبكل أنواعه الإداري والمالي والسياسي والقضائي......الخ.ولذلك دأبت الحكومات المثالية في العالم على الاهتمام بمشكلة الفساد وبما تفرزه من انعكاسات سلبية وأضراراً بالغة في مختلف ميادين الحياة الإنسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية, في الوقت الذي تسعى به كافة بلدان العالم إلى مواكبة متطلبات التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة العالمية والمتمثلة في ظاهرة العولمة والتحول من الانغلاق الاقتصادي إلى الانفتاح, والاندماج في الاقتصاد العالمي, وتحرير الأسواق. وإن الانخراط في العولمة قد يفتح آفاقاً جديدة ويتيح فرصاً كثيرة في تنمية الاقتصاد بعد ان تكافح الحكومات ظاهرة الفساد ومعالجتها ضمن الحلول الواقعية والمنطقية والتي تؤمن حياة كريمة للفرد في ظل حكومة متنامية وعادلة في خلق الفرص المتكافئة للشعب
العراق يواجه آفتين خطيرتين إحداهما أخطر من الأخرى وهما الإرهاب والفساد السياسي والمالي والإداري. فالإرهابي يترصد الأبرياء ليقتلهم دون ذنب لإيقاف عجلة الحياة . والمفسد يطلق رغباته المحمومة ليمتص دماء الناس ويسلب حق المحرومين في الحياة باعتدائه على أموالهم والتهامها دون وجه حق بعد أن أقسم بكتاب الله أن يحافظ على الأمانة ويخدم الشعب من خلال وظيفته في الدولة . ومنذ عقود طويلة والعراق يشهد ظاهرة الفساد التي معظم أبطالها من الحيتان الكبار الذين لهم نفوذ واسع في الدولة العراقية
فالفساد الحكومي وصفقاته المريبة في اجهزة كشف المتفجرات والصفقات الاخرى ذات الطابع الامني . كلفت الكثير من خزائن الدولة العراقية ودفع الشعب ارواحا غالية وخسائر بالممتلكات نتيجة تلك الصفقات المشبوهة التي ساعدت الارهاب على قتل الابرياء من افراد الشعب وساهمت في تردي الأوضاع الامنية، إن الفساد كان ممرا لدخول الإرهاب ومساعدا لانتشاره. وحكومات المحاصصة وضعف الرقابة وانعدام المعالجات الجدية هي التي ساعدت على تدمير العراق وأجهزت على كل أمل في إنقاذه من المحن التي تعصف به وأشدها قسوة إجتياح داعش لثلث مساحة العراق
لقد إستشرى هذا الفساد وتوسع خطره وشمل أغلب الطبقة السياسية من قادة امنيين وبرلمانيين و من وزراء ومدراء عامين وما دون ذلك وتحولت الوزارات إلى إقطاعيات يسرح ويمرح بها أقرباء الوزير وأعضاء حزبه. وانتقل إلى أعضاء في مجلس النواب من الذين أخذوا يستغلون عضويتهم فيه لأهداف شخصية لإثراء جيوبهم أولا، وإيصال عدد من أقربائهم بطرق غير شرعية إلى مناصب لايستحقونها في الدولة العراقية على أصحاب الكفاءا ت المخلصين الذين حوربوا حربا لاهوادة فيها من قبل الطفيليين والأميين الذين تمترسوا خلف أحزابهم المتنفذة وأصبحت لهم الصدارة في هياكل الدولة المختلفة المتصارعة على مراكز السيطرة والنفوذ لتكوين ثروات كبيرة من خلال الحصول على رواتب هائلة وامتيازات لايتمتع بها أي وزير أو برلماني في العالم، ومرت الموازنات الإنفجارية في ظل حكومات المحاصصة المتعاقبة وذهبت دون أن تترك أثرا يذكر في حياة الشعب خاصة الشرائح الكادحة وطبقة الموظفين الصغار غير ابهين بقوت الشعب ومطاليبه وتظاهراته ضد الفساد والمفسدين
ولا بد للشعب ان ينتفض انتفاضته الكبرى ليقف في وجه الفساد والمفسدين ومحاسبتهم والقيام بثورة اصلاحية تلبي حاجة اساسية وجوهرية تتعلق بمستقبل هذا البلد فلابد من بذل كافة الجهود لتحقيق الاصلاح الحقيقي والمضي فيه بلا تردد او استرخاء. ان الاصلاح اذن لا يمكن ان يتحقق الا بتوافر شروط اساسية واهمها وفي مقدمتها الشروع فوراً بمحاسبة كل الذين اثروا على حساب المال العام واستحوذوا على ثروات البلاد من دون وجه حق تحت اغطية واساليب باتت معروفة للقاصي والداني.. وعليه نرى ان المطلوب الآن هو الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية والنظر الى الاصلاح بانه ليس مسؤولية فرد بعينه وانما هو مسؤولية الجميع فمتى يدرك الجميع ان عليهم ان ينهضوا بهذه المهمة قبل فوات الاوان وان يدركوا ان داعش والفساد وجهان لعملة واحدة. فاليوم قواتنا تسابق الريح من اجل القضاء على داعش ودحره في المعركة المصيرية الحاسمة في الموصل وغدا سيدحر الشعب الفساد وحيتانه الكبرى وان الصبح لناظره قريب |