الانتخابات الأمريكية.. سابق معزّز و لاحق مكرّم

 

حين يتابع المتتبع الإنتخابات الأمريكية لسنة 1438 هـ - 2016، سيقف على جملة من الملاحظات الفارقة التي تعرف من خلالها الدول العظمى، ويتضح عبرها سلوك الأقوياء والكبار، وهي ..
المرأة تترشح، والأبيض يترشح، والأسود ينتظر نهاية عهدته. وبعد أن ظهرت النتائج.. إنهزمت المرأة الشقراء، وفاز الأبيض، ورحب بهما أوباما الفقير الأسود وتمنى النجاح لخصمه الفائز، وتمنى الصبر والثبات لحليفته المرأة هيلاري كلينتون التي كانت أول من يهنىء منافسها الشرس ترامب.
والثلاثة كانوا ينتظرون نتائج الانتخابات، ولم يتهم أحدهم الآخر بالغش والتزوير. وبمجرد ما سمع ترامب فوزه وحصوله على النقاط المطلوبة للفوز، صعد منصة التتويج رفقة عائلته الجميلة ومساعديه ليشاركوه لحظة النصر ونشوة الفوز، ولم تتأخر المرأة هيلاري كلينتون فأرسلت برقية تهنئة  لمنافسها الذي كانت تنافسه بشراسة منذ يوم واحد فقط.
أوباما الفقير الأسود سيخرج بعد شهرين معززا مكرما. وترامب الأبيض الغني سيحكم بعد شهرين، والمرأة هيلاري كلينتون خرجت من سباق الرئاسيات معززة مكرمة. هذه هي العظمة في أسمى معانيها.
أيام الرئيس الأمريكي السابق، وأيام الرئيس الأمريكي اللاحق معدودة معلومة محسوبة ، يحترمها الخلف لأن السلف إحترمها ويحترمها، ويتساوى في ذلك أوباما الأسود الفقير، وترامب الأبيض الغني . وقد صرّح ترامب الفائز في أول لقاء له مع أوباما، أنه سيبقى في الحكم مدة 4 أو 8 سنوات حسب رغبة الناخب الأمريكي. فالأيام عند الكبار معدودة معلومة.
الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس الحالي، والرئيس المقبل، والمنهزمة في السباق من أجل أن تكون رئيسة العالم، كلهم إعتمدوا على سهر الليالي، وتعب الأيام، وعرق الجبين، ولا يوجد منهم من إعتمد على نسبه، ولا حسبه، ولا عصمته، ولا نجاته. فكلهم سواسية لا فضل لهذا على ذاك، وكلهم يدفع لخزينة الدولة من الضرائب المفروضة عليه، ويدفعها دون تهرب ولا منه ولا صدقة.
الأمريكي الذي إنتخب على الرئيس الفائز، هو نفسه الأمريكي الذي تظاهر ضد الرئيس المنتخب. فهو حر حين إنتخب وحر حين تظاهر ، ولم يتعرّض في كلا الحالتين لإغراء أو تهديد باسم الدين أو الدنيا. فرأيه مصان محترم سواء إنتخب أو تظاهر.
المؤكد في الرئيس الأمريكي السابق، والرئيس الأمريكي الحالي، والرئيس الأمريكي الفائز، أنهم .. لن يستغلوا الدين للبقاء في الكرسي إلى يوم الدين.