صَبةُ النبيُّ يحيى وصبةُ الكونكريتْ |
المندائيون ( الصَبة ) كما يطلق عليهم في العامية العراقية مشتقة من كلمة الصابئة هم صناع عطر الضوء والماء في الحضارة العراقية ، وهم من انتموا روحا وطقسا وغنوصاً الى اول الديانات التوحيدية على ارض الخليقة ، ويظروف تاريخية متداخلة ويكتنفها الكثير من الغموض والاسرار والاسطرة والمذابح التي تعرضوا لها ، استقر بهم المكان في بطائح الجنوب العراق ، حيث مدن القصب والماء والتسامح .هم ابقوا هذا الازل متوحدون ومتسامحون ومحترمون من قبل الولاة والملوك وشيوخ العشائر يمارسون تقاليدهم وطقوسهم بحرية في مدن تجماعتهم الاثرية ، الحلفاية والكحلاء وقلعة صالح وسوق الشيوخ ومدينة الناصرية .وحين اتت الحروب الحديثة اقلقتهم الحياة ، وبعد تسعينيات القرن الماضي حين لف حبل الحصار قسوته على بطون العراقيين بدأت هجرتهم وزادت بعد احداث القتل الطائفي بعد 2003 ليهاجر 3 ارباع المندائيون عن بلدهم وليتوزعوا في جعرافية اللجوء ( السويد ، امريكا ، استراليا ، كندا ، هولندا ، بريطانيا ، المانيا ، الدنمارك ) . ولم يبق منهم في العراق سوى اقل من 200 اسرة بعد ما كانت اعدادهم تزيد على المئة الف.وهم ينتمون في المعتقد الروحي والنبوي الى النبي يحيى بن زكريا صاحب القبر الاخضر والمدفون في محراب الجامع الاموي بدمشق وهو من عمد يسوع المسيح في نهر الأردن.هؤلاء هم ( صَبة ) العراق ، مرة ترفع الصاد فتصير صُبه في اللهجة البغدادية والشمالية والغربية ، وتفتح الصاد في لهجة كل مندن جنوب بغداد لتصير الكلمة بفتح الصاد ( صَبه ) مشابهة لمفردة ( صَبه ) وهي كتلة الكونكريت الضخمة قطعة الواحدة منها تكلف الدولة 2000 دولارا عدى نصبها وتحميلها ، والتي دخلت القاموس العراقي في صفتين انها قطعت اوصال العاصمة وسدت الكثير من الطرق وانها في نفس الوقت تقي الامكنة الامنية والحساسة والفنادق واسوار الخضراء من تأثير السيارات المفخخة ، اي اأن الصَبة هي واقي .ولكن ليس واقيا ذكريا بل واقيا من المفخخات والانتحاري الارعن الذي يريد ان يصل الى الجنة بأسرع وقت في وهم أنه يتغدى مع النبي الكريم .بين صبة النبي يحيى وصبة الكونكريت مسافات طويلة من المعنى والقصد والغاية ، فهؤلاء الناء يتشظون بأرواحهم مع النجوم وسير الأنهر الى التحولات المقدسة ، والذي يرتطم بالصبة الكونكريتية سيتشظى الى حصى واسمنت وموت وسيارات اسعاف.بين صبة النبي وصبة الكونكريت كالذي بين توسينامي وصلاة البوذي. |