السياحة الدينية عامل دعم أم هدم ؟

 

 في آخر زيارة لي للجمهورية الإسلامية التقيت بأحد الإخوان العراقيين الذي تم تهجـــــيرهم في الثمانينات في المطار وتجاذبنا أطراف الحديث حول البلد وماآلت إليه الأمور الإقتصادية والسياسية والاجتماعية ،وقد بدا لي انه كان متأثرا جدا من هذه التحــــولات التي شوّهت المشهد الحضاري العراقي الذي كان يختزنه في مخيلته طيلة العقود الماضية .

كان لحديث الإقتصاد شأن آخر وعمقا آخر حيث سألني عن سعر الفيزا في السفارة الإيرانية للعراقي فقلت له (50$)فقال عجبا ، إن سعر الفيزة العراقية للإيراني هو (40$)للأيام الإعتيادية و(20$)للزيارات المليونية و(5$) للكروبات وخلال اليوم الواحد تمنح 15000 فيزة للإيرانيين وكل هذه المبالغ ترسل إلى الجانب الإيراني كتعويضات .لانعرف ماهية هذه التعويضات فهو يؤكد من مصدر مقرب بالسفارة العـــــراقية ان هذه الأموال تذهب إلى الجانب الإيراني يوميا وبدون تأخير.

هذا جانب من الحقيقة ولكن الحقيقة الأكثر مرارة أن مايحدث خلال الزيارات المليونية هو انتهاك صارخ للاقتصاد العراقي ،نحن نتكلم عن مليارات الدولارات والخزين الاستراتيجي للدولة العراقية من الغذاء الذي يذهب دون أي مردود مالي فالزائر يدخل العراق دون ان يتحمل نفقات السفر من المأكل والسكن والخدمات الطبية والخدمات الأخرى فكل هذه الخدمات مجانا ،وهــــذا أمر قد تم السكوت عنه بسبب التعصب الديني لبعض الجهات والتي تعـــــتبر الزائر هو صاحب الفضل والجميل علينا بقدومه للعراق وهذا مالا أفهمه ولا أريد التعمق بهــذه الفلسفة التي تحيرت منها بقية الفلسفات .

فالسياحة الدينية هي كبقية انواع السياحة يستفاد منها البلد في كل مجالاتها وخصوصا مسألة انفاق السائح على السكن والطعام والتبضع وكذلك تصريف العملات الأجنبية وخصوصا الدولار .ولكن…!!!

عندما تقوم المصارف الإيرانية بنصب صراف آلي لمصارفها في العراق وفي كربلاء تحديدا دون أن تكون لهذه المصارف فروع في كربلاء أو العراق وغير مجازة رسميا من قبل البنك المركزي العراقي بمزاولة نشاطات الصيرفة والائتمان في العراق فهذا شيء غير مسبوق ولايمكن السكوت عنه فهو تخطي لكل الأعراف المصرفية وسيادة الدولة ،فهي بذلك ستحرم العراق من دخول العملة الأجنبية وتستحوذ على فرق العملة وعمولة التصريف ناهيك عن كونها ستحرم اصحاب المكاتب المجازين رسميا بمزاولة مهنة الصيرفة وتكون منافسا قويا لهم .

لا اعرف كيف سمحت السلطات العراقية بدخول هذه الماكنات والاموال الإيرانية إلى العراق دون قيد او شرط ومن هو المسؤول عن هذه الجريمة الإقتصادية التي سيتبرأ منها الجميع عندما تعلن ويكتشف الشعب الاضرار التي ستــــلحق بالاقتــصاد العراقي من جرائها.